Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2018

الفجوة - رومان حداد

الراي -  تعيش الحكومة اليوم على وقع تحركات تعديل ثانٍ خلال أقل من سبعة أشهر من عمرها ، وبذلك قد تعتبر هذه الحكومة واحدة من أكثر الحكومات تعديلاً بالقياس للفترة الزمنية.

بعيداً عن رأيي الشخصي بأداء الحكومة رئيساً ووزراء، فإني أشعر أن الحكومة كلما حاولت إقناعنا أنها تملك تصوراً واتجاهاً واضحاً كلما شعرت بحالة التوهان ، والسبب أن الحكومة ربما تملك أكثر من مركز قوى داخلها، وكل منهم يريد شد قميص الحكومة لجهته.
لم أحب أن أستعمل الألفاظ السياسية للتمثيل على الحالة السابقة كأن أقول بوجود أكثر من مطبخ داخل الحكومة، لأن الحالة في حقيقتها لا ترقى إلى ذلك، فكل طرف يريد أن يظهر كبطل ويقدم تصريحات لاهبة، بحثاً عن الأضواء والشهرة، دون أن يقدم ما يثبت قوله.
فعلى سبيل المثال قام وزير المالية بتصريح فور تصويت مجلس النواب على قانون ضريبة الدخل ورفع إعفاء الشريحة الأولى من 18 ألفا إلى 20 ألفا، وتقديم إعفاءات للأسرة تصل إلى 3 آلاف دينار، حيث صرح أن الخزينة ستخسر 100 مليون دينار بهذا التعديل، ولم يتم التركيز والبحث حول صحة ادعائه.
فور سماعي التصريح تبادر إلى ذهني لقاء رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز مع برنامج ستون دقيقة حين حاول إقناعنا نحن العامة بضرورة إقرار قانون ضريبة الدخل، حيث قال أن القانون سيوفر 280 مليون دولار من خلال محاسبة المتهربين من دفع الضريبة، وهو ما سيحصل للخزينة ما يقارب 150 مليون دولار، أي أن قانون الضريبة سيحصل من الأفراد والأسر والشركات ما يقارب 130 مليون دولار، أي ما يقارب 90 مليونا.
وتساءلت كيف يمكن لرفع شريحة المعفيين ألفي دينار لا أكثر أن تحدث خسارة فادحة أكبر مما كان مراداً لهذا القانون أن يحصل من الأفراد والأسر والشركات مجتمعة؟
من الواضح أن الوزير لم يراجع حساباته والحكومة كذلك، ولكنه بكل بساطة أدخل الأردن دوامة عبر التدخل الحكومي في قرارات مجلس الأعيان، ورفع الضريبة على بعض القطاعات، ولولا حكمة متأخرة لكنا ذهبنا إلى جلسة مشتركة بين النواب والأعيان، ومعركة لا لزوم لها.
اليوم تحب الحكومة واعضاء في فريقها استخدام مصطلح فجوة الثقة في الإشارة إلى وجود حالة من عدم الثقة لدى المواطن بما تقوم به الحكومة أو تصرح أو تعد به، بحيث شعرت أن هناك موضة باستعمال المصطلح ، وتقول الحكومة أنها تحاول استعادة الثقة الضائعة من خلال أداء حكومات سابقة.
الطريف أن الحكومة ومن ينظر لها ما زال عالقاً عند مصطلح فجوة الثقة، دون أن يدركوا أن فجوة الثقة هي نتيجة لما لم يتكلموا عنه، وهي فجوة الرضا، فالمواطن الأردني غير راض عن مستوى معيشته، وأسلوبها وما يقدم له من الدولة، ورفع مستويات التوقع لدى الأردنيين أي لاتساع فجوة الرضا، وتوسع فجوة الرضا وعدم قدرة الحكومات على ردمها هو ما خلق فجوة الثقة وزاده.
اليوم المواطن الأردني العادي يحيا حياة أفضل مما كان يحيا مثيله قبل ثلاثين أو أربعين عاماً، واليوم دخلت العديد من تفاصيل تجويد الحياة للطبقة الوسطى لم تكن متوافرة لمثيلتها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، ورغم ذلك لم يعد المواطن الأردن راضياً عن حياته بتفاصيلها المختلفة.
هناك الكثير ليقال في هذا المجال عن سبب عدم الرضا عن مستويات الحياة وتفاصيلها لدى الأردنيين، ولكن لن أبحثه الآن، وما أحب قوله إن على الحكومة معرفة أسباب عدم الرضا بصورة صحيحة ودقيقة لدى المواطن الأردني، وهو ما ساعد في وضع حلول حقيقية لاستعادة رضا المواطن عن حياته، وبالتالي استعادة الثقة بالحكومة.
وسأغشش الحكومة أمراً إذا ما نوت السير في طريق البحث عن أسباب فجوة الرضا، لأقول لها أن الدولة بمفهومها الحداثي لم تعد قادرة على التعامل مع نتائج ما بعد الحداثة وما فرضه التواصل الرقمي، لذا فإن مستوى الرضا قد قل في العديد من الدول التي يستطيع فيها المواطن التعبير عن رأيه.