Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Sep-2016

الجغرافيا السياسية والنزاعات في المنطقة غيرت انبعاثات تلوث الهواء

 

فرح عطيات
عمان ـ الغد-  فيما كشفت وزارة البيئة عن ارتفاع معدلات تراكيز أكاسيد النيتروجين والكبريت الى 20 % في المناطق ذات الكثافة السكانية والاقتصادية، عزت ذلك الى الصراعات والكوارث الإنسانية والأزمات الاقتصادية في الشرق الاوسط، وهو ما دفع بمئات آلاف اللاجئين للهجرة القسرية إلى الأردن، ليرتفع بذلك استهلاك المواد النفطية في قطاعي النفط والنقل.
وتشير محطات قياس ملوثات الهواء المنتشرة في كل من محافظات عمان وإربد والزرقاء وبعض المناطق الصناعية، إلى ارتفاع النسب في اكاسيد النيتروجين والكبريت خلال عامي 2014 و2015، وفق رئيس قسم الرصد والعينات والتحليل في وزارة البيئة المهندس جبر درادكة.
وتؤكد دراسة معهد "ماكس بلانك" للكيمياء في ألمانيا، التي نشرتها "الغد" في وقت سابق، "أن الجغرافيا السياسية والنزاعات المسلحة في الشرق الأوسط غيرت انبعاثات تلوث الهواء هناك جذرياً".
 ووفق كبير معدي الدراسة، جوس ليليفيلد فإنه "منذ العام 2005 حتى 2010، كانت منطقة الشرق الأوسط إحدى المناطق التي تعاني من سرعة انبعاثات تلوث الهواء"، وهو ما حدث ايضا في شرق آسيا، لكنه تجسد بشكل خاص جداً في الشرق الأوسط، لارتباط ذلك بالنمو الاقتصادي في العديد من الدول.
ولعل أهم النتائج التي يمكن التوصل اليها من الدراسة تلك "أن النماذج الاحصائية والسيناريوهات التي تم وضعها للتنبؤ بمستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغيره من الغازات المسببة للتغير المناخي لم تأخذ الكوارث الانسانية والهجرات وغيرها من الازمات بعين الاعتبار وإنما استندت في معظمها الى حساب مستوى استهلاك الطاقة"، وفق المدير التنفيذي لجمعية "إدامة" ربى الزعبي.
وتقول الزعبي، "اليوم وفي منطقة مثل منطقتنا ربما هناك حاجة الى تحليل هذه النماذج ومحاولة الوصول الى ادوات تعكس المتغيرات الراهنة والمتوقعة ليس فقط المتعلقة بالطاقة وانما بانماط الاستهلاك والإنتاج".
وبالنسبة للأردن "من الأهمية بمكان اعادة النظر في ما تم وضعه من أهداف وبرامج وسياسات لخفض الانبعاثات والتكيف مع التغير المناخي"، وفق الزعبي التي شددت على ضرورة ادماج آثار الازمات التي تمر بها المنطقة على المملكة وادارتها لمواردها الطبيعية.
كما أن هناك فرصة لإدخال هذه العوامل والمتغيرات ضمن نظام المتابعة والقياس الذي التزمت كل الدول ومن بينها الاردن، بتطويره بناء على اتفاقية باريس للتغير المناخي، تبعا لها.
ودعت الزعبي الدول العربية الى تبني توجه واضح لعرضه على المجتمع الدولي حول برامج التكيف والاستجابة اللازمة للتعامل مع المتغيرات وقياس آثارها ليس فقط البيئية وانما الاقتصادية والاجتماعية، قبيل اجتماع الأطراف والمنوي عقده في المغرب في تشرين الثاني (نوفمبر) من هذا العام.
يشار إلى الأردن من أوائل الدول العربية التي تبنت سياسة وطنية للتغير المناخي (2013)، التي تعكس الأدوار المهمة التي تضطلع بها كل القطاعات الاقتصادية مثل المياه والطاقة والزراعة والسياحة.
ومن وجهة نظر الزعبي، فإن هناك دولا تعاني من ازمات ادت الى انخفاض مستوى الانبعاثات نتيجة تراجع مستوى النمو الاقتصادي وعدد السكان واستهلاك الطاقة، مقابل اخرى مستضيفة للاجئين شهدت تزايدا في عدد السكان وبالتالي ارتفاعا في مستوى الانبعاثات واستهلاك الطاقة والمنتجات والسلع المختلفة. 
ووفق دراسة المعهد الالماني ذاتها، يعتبر الشرق الأوسط المنطقة الوحيدة في العالم التي توقف فيها الاتجاه التصاعدي للتلوث منذ العام 2010 ليتبعه انخفاض قوي، حيث أكاسيد النيتروجين تُطلق في الهواء عبر حرق الوقود الأحفوري من جهة، وعبر الوقود الحيوي والنباتات، إنما بمستويات أقل من جهة أخرى، وقد تبين أن لهذه الأكاسيد تأثيرا كبيرا على نوعية الهواء والتغير المناخي.
وفي هذا السياق قال ليليفيلد "لم يكن من الممكن التنبؤ بهذه النتائج، وهي من هذا المنطلق ستختلف مع سيناريوهات الانبعاثات التي تستخدمها توقعات تلوث الهواء والتغير المناخي في المستقبل"، قائلا "غالباً ما ترتبط هذه الانبعاثات بالطاقة المستخدمة وثاني أكسيد الكربون، لكننا وجدنا أن هذه ببساطة ليست جيدة جداً للتنبؤ بالاتجاهات، أو على الأقل ليس في الشرق الأوسط".
وقامت النزاعات والحروب بتغيير البيئة، وفق مسؤولة حملات الطاقة والمناخ في الوطن العربي (إندي أكت) صفاء الجيوسي، التي استندت في رأيها ان جمعيتها "قامت بحملة واسعة طالت الشواطئ اللبنانية بسبب تسرب النفط خلال الحرب مع الاحتلال الاسرائيلي".
كما قامت بحملة مماثلة عقب العدوان الإسرائيلي الاخير على غزة، التي استخدم فيها الاحتلال اسلحة محرمة دوليا، بحسب الجيوسي، التي بينت أن "النزاعات تؤثر على الغطاء النباتي والحيواني والمياه السطية والجوفية"، مشيرة الى ان للأسلحة الكيماوية تأثيرا على المدى البعيد، ولا تنحصر بمحيط معين فالتلوث ليس له حدود".
وفي واقع الحال، أصبح تلوث الهواء يشكل شيئاً فشيئاً مشكلة سياسية في الدول النامية التي تتطور بشكل سريع، مثل الهند والصين، حيث تعهد رئيس مجلس الدولة الصيني، لي كه تشيانغ، مؤخراً بـ "محاربة التلوث بكل ما أوتي من قوة، وفق الدراسة الالمانية".
ويعتقد الفيزيائيون أن تلوث الهواء يقتل 4000 شخص يومياً في الصين، كنتيجة لمعاناة مشاكل في القلب أوالرئة أوالدماغ.
وتقول الدراسة إنه "لسوء الحظ، ليس الشرق الأوسط المنطقة الوحيدة في العالم التي تأثرت بالركود الاقتصادي والاضطرابات التي نتجت عن الحرب، على الرغم من أن التغيرات الجيوسياسية ظهرت جذرية أكثر في الشرق الأوسط مقارنة بغيره وإنها لمأساة أن بعض الاتجاهات التنازلية لانبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين، التي لوحظت مؤخراً، ترتبط بالكوارث الإنسانية".
farah.alatiat@alghad.jo