الراي - في الاسبوع الماضي وعلى مدى يومين انعقد ملتقىً موسّعٌ نظمته مؤسستا عبد الحميد شومان وسلطان بن علي العويس لمناقشة شأن فكري مهم حمل عنوان (الأمن الثقافي) وقد دعتا اليه عدداً كبيراً من الباحثين والمفكرين من العراق والبحرين والاردن ومصر ولبنان والامارات والمغرب والكويت وتونس والسعودية حيث تحدثوا عن مخاوفهم وهواجسهم مما تتعرض له الثقافة العربية من تهديد خارجي ينبغي التصدي له او تفكك داخلي لا بد من معالجته قبل استفحاله، وذلك من خلال اوراق عمل متنوعة مثل (مشكلات الحصانة الثقافية في عصر العولمة)، (الثقافة بين الانغلاق والتبعية)، (القومية والدين/ نظرة في التأثر والتأثير)، (الثقافة بوصفها فعل مقاومة)، (الهوية الثقافية وتحصين الامة من الذوبان)، (التراث ودوره في حفظ الهوية وتأصيلها)، (التعليم والأمن الثقافي)، (الرصد المعرفي والامن الثقافي)، (اثر الانفجار المعرفي والثورة التكنولوجية على اللغة العربية)،(توظيف شبكات التواصل الاجتماعي في التحصين المعرفي) وأخيراً (هل الأمن الثقافي استراتيجية دفاعية؟).. ومن الجلي أن العناوين التي غطت كثيراً من جوانب الهم الثقافي العربي قد أفصحت عن الازمة وابعادها وعن القلق الذي ينتاب مثقفينا هذه الأيام حيال ما يجري في عالمنا العربي من احداث تأخذ بخناق مجتمعاتنا التي لم تعد محميات مسورَّة مغلقة كما كانت أيام الخلافة العثمانية والاستعمارين البريطاني والفرنسي بل باتت منفتحة على انواع من المعرفة لم تشهدها من قبل ومفتوحة لاستقبال سيل متدفق من المعلومات والآراء والأفكار وانماط جديدة من الحياة التي يمكن ان تشكل بمجملها ثقافة هائلة التأثير، وقد رفض احد المتداخلين أن يسمي ذلك غزوا فالثقافات ليست جيوشاً تفتح وتحتل او هيمنة اقتصادية تسحق الفقراء بل هي آداب وفنون وعادات وتقاليد وقيم وفلسفات ونظريات تتحاور وتتقابل وتختلف وتأتلف وتقاوم وتناضل من اجل حياة أجمل وأنبل، ورفض آخرٌ أن يعتبره مبرراً لخوفٍ أو هلع بل فرصة سانحة للتبادل والتعاون الفكري عبر الحدود، واشار ثالث الى ضرورة تمنيع نفوسنا وعقولنا بمزيد من الحرية والديمقراطية لا بالمنع والقمع ومصادرة الكتب.