Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Mar-2017

الحوادث المرورية - د. كميل موسى فرام
 
الراي - حصدت الحوادث المرورية خلال الاسبوعين الماضيين عددا لا بأس به من الضحايا الأبرياء فلا نكاد نطالع أخبار الصباح اليومية لنجد عنوانا مهما بقالب النكد على حادث مروري مروع أودى بحياة إناس وترك آخرين بجزئية الاصابة والتشوهات، ويكاد سيناريو الحوادث منذ زمن بعيد يشتمل على فقرات ثابتة من سائق متهور أرعن مارس هوايته بالسرعة الجنونية بمركبة ذات إطارات متهالكة وهو يدرك جيدا أن القفز على حواجز الموت قد تنتهي بأبرياء تحت التراب، خصوصا أن عاداتنا الاجتماعية وشيمنا الطيبة تتعاطف في ظروف الموت بالقدر الذي يسمح برسالة اطمئنان لهؤلاء القتلة، وربما من المفيد أن أذكر هنا باستغلال البعض لحوادث السيارات وجعلها مصدر ضغط على السائق لفتح نزيف مادي بأعذار متآكلة خصوصا أن البعض قد امتهن فكرة الاصابة بحادث مفتعل كمصدر رزق ودخل.
 
تتقاطع مفاصل الحوادث المرورية القاتلة بالأردن بأسباب حصرية في معظمها، حيث السرعة الزائدة بدون احترام الشاخصات المرورية الارشادية التي تنظم السرعة على الطرقات، بوسائل نقل غير مهيئة لمثل هذا الشكل من القيادة، وتتضاعف الحوادث على شوارع القتل التي أصبح القيادة عليها مغامرة خطرة؛ شارع المطار، أوتوستراد عمان- الزرقاء، شارع الأردن، طريق الكرك- العقبة، أوتوستراد عمان- اربد بمختلف مناطقه وخصوصا مناطق نزول صافوط، أوتوستراد البقعة، وادي جرش، جسر النعيمة- الحصن، طريق الحصن- اربد، حتى أصبحت الرحلة عبر هذه المناطق تستحق التهنئة بالسلامة، فالتزام سائق السيارة بآداب القيادة والسرعة لا يعتبر وسيلة نجاة من سائق متهور على الجانب الآخر يقفز بسيارته للاتجاه المعاكس الآخر من الطريق بعد تبرعه بتغيير مسربه أرضاء لجنونه أو فقدان التركيز والاتزان نتيجة مكالمة خلوية بغير قيمة.
 
هناك علاقة عداء بين ركاب وسائل النقل العمومية والخصوصية وارتداء حزام الأمان بدون أسس منطقية أو مبررات صحيحة، وكأنها شكل من أشكال التحدي للقوانين أو البطولة بتجاهل قيمتها وفائدتها، ويقيني أن شركات صناعة السيارات تعتبر وجود حزام الأمان لجميع الركاب ركنا أساسيا وليس إضافة لمن يرغب فيها، وربما أن القيادة على شوارعنا التي تفتقر لأسس التخطيط السليم وأبسطها وجود مطبات على الطرق الدولية للحد من السرعة الجنونية للبعض، يساهم بمضاعفة الخطر الناتج عن استخدام الطريق بغير الأسس الصحيحة، حتى إذا وقعت الكارثة لنجد شماعة التعليل بسوء الطريق جاهزة للتبرير ممزوجة بقدر من الايمان.
 
مراجعة لملف الحوادث المرورية القاتلة على مستوى الوطن عبر عقدين من الزمن كفيلة بالتشخيص للأسباب، وتحتاج لخبرة وحنكة من أصحاب الاختصاص لوضع خارطة طريق متعددة الخيارات والمراحل لحلول شبه جذرية، فواقع اليوم يخبرنا أن معالجة مشاكل الحوادث المرورية تأخذ طابع الفزعة على جميع المستويات، فأصحاب القرار يهددون بمضاعفة الغرامات والعقوبات وهم يدركون أن ذلك يمثل قمة الظلم بالتطبيق لسبب بسيط أنه لا مناعة من الحوادث لمستخدم الطريق، وتغليض العقوبات لن يردع تلك الفئة من السائقين التي تغامر وتقامر بحياتها بعد أن فقدت بوصلة العقل القويم، ولن أفوض نفسي كخبير للتحليل والتشخيص ووصف العلاج، فهناك خبرات وقامات من أصحاب الاختصاص التي يستفيد من مهاراتها المكتسبة وخبراتها العديد من الدول المجاورة والصديقة، عبر جلسات حوار تعتمد على البيانات الصحيحة من سجلات دائرة السير تمهيدا لتوصيات بتحديد المطلوب من أصحاب العلاقة، يرافقها حملة إعلامية منظمة عبر مختلف وسائل الاعلام بهدف التوعية والنصيحة، وأقترح بأستحداث مادة دراسية متعلقة بأدبيات القيادة واستخدام الطريق عبر المراحل الدراسية ووجودها كمتطلب جامعي إجباري يخضع لامتحانات مفصلية بالنتائج، قد يكون خيارا مفيدا يساهم بالحد من الحوادث القاتلة التي تتصدر أحاديث المجالس وأخبار الصباح، فذكريات الحوادث مؤلمة بنتائجها ولدينا من مثبطات السعادة والتفاؤل والخوف والغلاء المتضاعف، تجمعات بالقدر الكافي الذي جعلنا رهائن بين جدران الأحلام والحرمان، ليصبح المسير على طرقاتنا مغامرة تحت فاصل الموت.