Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Sep-2016

تعديل الكتب والمناهج المدرسية: حرب التضليل تشتعل!ماجد توبة


الغد-
من يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وبعض التصريحات لهذه الشخصية أو تلك هذه الأيام، وما يتم تداوله حول تعديلات بعض الكتب والمناهج المدرسية، يعتقد أن وزارة التربية والتعليم نسفت كل ما هو ديني وإسلامي في هذه الكتب، وانقلبت على تراثنا وقيمنا وحضارتنا وديننا، فيما يهرف البعض بما لا يعرف وبما لم يقرأه او يطلع عليه، فقط لمجرد تشكل انطباع لديه أن ثمة مؤامرة على الإسلام والدين ارتكبت في ليل، وميدانها كتب أبنائنا وطلبتنا!
هذا، للأسف الشديد، كذب صراح من قبل البعض القليل، وخطأ وتضليل وقع به الكثيرون ممن أخذتهم الحمية –وهم معذورون بلا شك- على ما اعتقدوا أنه مسّ بالمقدس في الكتب المدرسية! وأغلب من يدلون بتعليقاتهم وآرائهم، حتى من بعض المثقفين أو الحزبيين وللأسف، لم يقرأوا أو يطلعوا، واكتفوا بما قيل لهم او نشر من قبل البعض عن التعديلات.
لست مختصا بالمناهج ولا خبيرا بها، كما لا استطيع في هذه العجالة تقديم صورة متكاملة عن التعديلات التي ادخلت على المناهج، رغم اطلاعي على أغلبها، والتي اؤيدها، بل وأطالب بالمزيد منها للارتقاء بالكتب الى مرحلة التفكير وإثارة مكامن الابداع والتحليل لدى الطلبة، لا البقاء في خانة التلقين والحشو، والتأخر في هضم العلوم واللغة العربية واللغة الانجليزية، فمعركة المناهج والكتب المدرسية هنا، وليس كما يحاول بعض المحافظين حرفها عبر التضليل بأنها معركة مع القيم الإسلامية وثوابت العقيدة الإسلامية.
ورغم عدم اختصاصي، وضيق المساحة، فإني أجزم وبكل سهولة أن هذا التضليل الذي يحاول البعض بثه، قصدا لأنه منغلق وإقصائي بفكره وتكوينه، أو عن غير قصد لعدم اطلاعه على التعديلات والكتب الجديدة وتأثره بما يبث من قبل الفئة الأولى، هو تضليل يسيء لصاحبه أولا، قبل ان يصادر حقنا كمجتمع وأهالي طلبة ونظام تعليمي في البحث عن تطوير مناهجنا وكتبنا، والارتقاء بالعملية التعليمية، التي تتفق الأغلبية إن نتاجها ومخرجاتها قد تراجعت وتدنت مستوياتها في العقدين الأخيرين بصورة كبيرة.
ثمة، في الحملة التضليلية ضد تعديل الكتب المدرسية، افتراء واضح بأن "التربية" ألغت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة من الكتب، حتى أن السامع أو القارئ ليعتقد انه تم إلغاء كتاب الدين لمختلف الصفوف!! لأنك اذا حذفت الآيات الكريمة والأحاديث النبوية لم يبق هناك ما تدرسه في كتاب الدين! والواقع، هنا بلا مواربة، ان كتب الدين بقيت بمضمونها كما هي، فيما جرى التعديل في "فكّر" و"ناقش" بدل "احفظ"، وغيرها من التعديلات العلمية التطويرية دون المساس بالجوهر الديني.
قد تكون التعديلات الابرز، والتي أثارت التيار السلفي والبعض، هي تعديلات كتاب التربية الوطنية لأكثر من صف، وأبرز وأهم التعديلات لمن لم يعرف، هي وضع صورة منطقة العبدلي، التي تضم مئذنة مسجد الملك المؤسس، وقبة الكنيسة المجاورة له، بعد ان كان الكتاب السابق المعدل، قد تدخل في الصورة ذاتها وألغى صورة قبة الكنيسة، لتظهر المئذنة وحدها في الصورة! الم يكن ذلك تضليلا وموقفا ايديولوجيا سلفيا ضد الانفتاح والتنوع.. والآخر الموجود في الأردن؟! ما الذي جرى غير تصويب ذلك التضليل والخطأ!
وبالارتباط بما سبق، تم في كتاب التربية الوطنية الجديد تعديل خطأ علمي فاضح، حيث كان الكتاب السابق قد ثبّت حقيقة علمية خاطئة تقول "ان سكان الأردن مسلمون"، والصحيح، الذي ثبته الكتاب الجديد هو "ان اغلب سكان الاردن مسلمون، وان جزءا من سكان الاردن مسيحيون"، فأين الاعتداء على الدين والمس بالقيم؟!
التعديل البارز الثاني الذي دخل منه المهاجمون لتضليل النقاش العام حول المناهج، هو تغيير بعض الرسوم لسيدات في بعض الكتب، فبعد ان كانت كل السيدات في الكتب السابقة محجبات، حتى داخل بيوتهن، جاءت الكتب الجديدة لتترك المرأة محجبة في الغالب في عملها وخارج البيت، لكنها باتت دون حجاب في منزلها وبين أبنائها! فأين الكفر بذلك، ان لم يكن القصد لدى البعض انه يريد ان يفرض على كل المجتمع الاردني بمسلميه ومسيحييه وزواره ارتداء الحجاب، ليس بالدعوة الحسنة، التي يمكن ان ندرجها له ضمن حرية التعبير، بل بالقصر والإساءة لغير المحجبة، وهو ما يمكن ان نسميه حينها "دعشنة".
في كتب اللغة العربية، التي تم تعديلها، فإن التعديلات لم تلغ اغلب الآيات القرآنية والاحاديث النبوية، كما زعم البعض، وتم استبدال بعضها بنصوص ادبية وشعرية تناسب المقام، خاصة فيما يتعلق بواجبات الاعراب، فكيف بات ذلك انقلابا على الدين!؟
التعديلات التي ادخلت بشكل عام على الكتب المدرسية، وفيما يتعلق بالقيم، لم تعادِ او تلغِ القيم الاسلامية، ولا يمكن لأحد ان يلغي ذلك، بل هي سعت لأنسنة القيم لزيادة آفاق الطالب وعدم سلخه عن العصر والمجتمع الإنساني، فالتسامح والكرم والصدق ورفض الظلم والعناية بالكبير والحنو على الصغير وغيرها الكثير، هي قيم إنسانية عامة، تماما كما هي قيم إسلامية عظيمة.
في التعديلات الجديدة تم زيادة اسماء البنات في الدروس، والخروج من العقلية الذكورية التي تمحي وتقصي نصف المجتمع، وتم تطوير الحديث حول أدوار البنات والمرأة في المجتمع، من قبيل: "رسمت فاطمة لوحة جميلة"، بدلا من "زارت فاطمة خالتها".. وهكذا، فهل هذا نخر بقيم المجتمع وأخلاقه؟!
ايضا، فإن كتب العلوم للصفوف المختلفة، التي بدئت وحداتها ودروسها بآيات قرانية كريمة حول بعض الظواهر الطبيعية، قد طالها التعديل والتطوير، دون ان يشمل ذلك إلغاء تلك الآيات من مطالع الوحدات والدروس، بالرغم من ان ثمة آراء تربوية وازنة كانت تنتقد ذلك، باعتباره خلطا غير منتج بين الدين والعلم، يضر بالجانبين، ومع ذلك فقد بقيت تلك الآيات الكريمة بكتب العلوم، فأين هو الاعتداء على الدين والقرآن الكريم الذي زعمه البعض؟!
أخيرا، التعديلات التي ادخلت على الكتب المدرسية قابلة، بلا شك، للانتقاد والتحليل من كل صاحب رأي وخبرة، لكن الأمر المستهجن هو حرف النقاش حولها الى مساحات التضليل واختلاق المؤامرات، ومن ثم دق طبول الحرب والتكفير والتخوين لهذه الجهود الوطنية في تطوير العملية التعليمية بما يصب في خدمة أبنائنا ومجتمعنا.
جلالة الملكة امضي في برنامجك فنحن معك و ان كانت الغربان تنعق فلن تفعل شئ غير النعيق