Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2018

نهاية «البعث» في بلد البدايات!!* صالح القلاب
الرأي - 
 
إنها ليست مفاجأة وعلى الإطلاق أن يتم إلغاء حزب البعث، الذي بقي وجوده شكلياًّ منذ وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد في عام 2000 وحقيقة قبل ذلك بكثير، وأنْ تُعْطى محطاته القيادية أسماءً ومسميات جديدة فالقيادة القطرية أصبح إسمها اللجنة المركزية والأمين القطري أصبح يوصف بـ»الأمين العام»وكل هذا ولم تعد هناك قيادة قومية ولا تنظيماً قومياً ولم يعد هذا الحزب الذي كانت»وفاته»الحقيقية في عام 1970 والبعض يقول لا بل بإنشقاقه في عام 1966 وهذا علاوة على أن هناك من يقول بل أنه قد إنتهى منذ إنقلابي (شباط)و(آذار) 1963 في العراق وسورية وذلك على أساس أنه كان بالإمكان أن يشارك في الحكم وفي السلطة من خلال الإنتخابات الديموقراطية التي كان خاض غمارها في آخر عهده أديب الشيشكلي في بدايات خمسينات القرن الماضي وحصل على أكثر من عشرين مقعداً في أول برلمان ديموقراطي بعد إنقلاب حسني الزعيم في عام 1949.
 
وحسب ما جاء في إحدى الصحف العربية الكبرى»العابرة للقارات»فإن أحد رموز جيل المخضرمين في هذا الحزب قد قال أنه مع إنقلاب حافظ الأسد على (رفاقه) خلال إنعقاد مؤتمرهم القومي في عام 1970 قد دخل «البعث» في غيبوبة طويلة.. والحقيقة أنه قد إنتهى كتنظيم قومي وكحزب حاكم في سورية منذ ذلك الحين وأن الإجراءات التي قام بها ويقوم بها الأسد الإبن الآن، حسب هذا البعثي المخضرم المشار إليه آنفاً، هي:»مراسم تشييع متأخرة لهذا الحزب»الذي كان قد تحول منذ نحو أكثر من خمسين عاماً إلى جهاز سلطوي خاضع للقائد الأعلى وتعبث به الأجهزة الأمنية والإستخبارية.
 
لقد كان هذا الحزب واعداً ومبشراً بعد بروزه في عام 1947 كضرورة قومية لتحقيق الوحدة العربية وتوحيد الوطن العربي الذي تمت شرذمته بعد إنهيار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وبعدما «تناهشه»المنتصرون في تلك الحرب وهم على وجه التحديد بريطانيا وفرنسا والحقيقة أن البدايات كانت واعدة وأن أعوام الخمسينات من القرن الماضي كانت ذروة تألقه وأن وجوده الفعلي كان في دول الهلال الخصيب، سورية والعراق والأردن وفلسطين ولبنان، وهذا بالإضافة إلى اليمن شمالاً وجنوباً لاحقاً وبالإضافة إلى بعض الإمتدادات المتأخرة في بعض دول الخليج وفي بعض الدول العربية الأفريقية.
 
والمهم، وهذا كان قد قاله بعض رموز وقادة هذا الحزب، أن ركوب»البعث»لظاهرة الإنقلابات العسكرية كان بمثابة الطامة الكبرى بالنسبة إليه وأنه تحول من حزب»نضالي»إلى مجموعات وجماعات عسكرية ومدنية تقتتل وتتقاتل على الحكم وعلى المواقع السلطوية وأنه قد بدأ مشوار التصفيات والإقصاءات منذ اللحظة التي تسلم فيها الحكم بإنقلابي عام 1963 في العراق أولاً ثم في سورية وحيث بعد ذلك بدأت السجون العراقية والسورية تستقبل أفواجاً متلاحقة من «الرفاق»، الذين كانوا قد عاشوا أجمل مراحل الأخوة الرفاقية في خمسينات القرن الماضي وفي بدايات ستيناته، وحيث كان الأمل الذي يراود الحزبيين وقطاع شعبي واسع في العديد من الأقطار والدول العربية هو:»أمة عربية واحدة.. ذات رسالة خالدة».
 
إنه لم يكن متصوراً في تلك البدايات»الجميلة»أن يُصبح المؤسسان لهذا الحزب، ميشيل عفلق وصلاح البيطار.. ومعهم لاحقاً منيف الرزاز، مطاردين من قبل مَنْ مِنْ المفترض أنهم رفاقهم وأن الأول أصبح لاجئاً في العراق بعدما غدا «البعث» بعثين ولم يعد حتى قبره موجوداً بعد إنهيارعام 2003 في حين أن الثاني قد لحقه رصاص رفيقه حافظ الأسد إلى باريس وفجر رأسه هناك في ديار الغربة وفي حين أن الثالث (أبو مؤنس) قد تم إعدامه وهو رهين المحبسين في منزله في بغداد بمنع وصول علاجه الضروري إليه وعليه فقد كان يجب، بعد كل هذه التجارب المرة وبعدما ثبت أن أحزاب القرن العشرين لم تعد تصلح لهذا القرن الجديد أنْ يتحول ما تبقى من هذا الحزب ومعه الأحزاب العشرينية الأخرى بما في ذلك الشيوعيون والإخوان المسلمون..وغيرهم إلى أحزاب برامجية مع الإحتفاظ بالأبعاد العربية التنسيقية فقط وبدون أي إرتباطات تنظيمية لا قومية ولا عالمية!!.