Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Jun-2017

بعد رمضان - بلال حسن التل
 
الراي - نحن شعب كسول حد الخمول، وقد صار الكسل آفة تتأصل فينا يوماً بعد يوم، فنبحث عن كل السبل والمبررات لممارستها، من ذلك على سبيل المثال أننا في هذه الأيام نؤجل كل شيء إلى ما بعد رمضان والعيد، وكأن الصيام يحول دوننا ودون العمل، وهذا ليس صحيحاً لكنه البحث عن مبررات لممارسة كسلنا، دون أن ننتبه إلى مخاطر هذه الممارسة التي تؤذينا صبح مساء، وفي كل جوانب حياتنا وتفاصيلها اليومية. فبسبب كسلنا الذي صار صفة ملازمة للأغلبية الساحقة من موظفي القطاع العام تؤجل يومياً آلاف المعاملات، ويضيع الكثير منها بسبب الإهمال الناجم عن الكسل، وبسبب تأجيل المعاملات وضياعها، هربت من بلدنا مئات المشاريع الاستثمارية، التي كنا نأمل أن تساهم في حل أزمتنا الاقتصادية، بل وأكثر من ذلك فإن من نتائج تأجيل المعاملات وضياعها أننا لم نستطع أن نحتفظ باستثماراتنا الوطنية، فهاجر جزء كبير منها إلى دبي وتركيا وغيرهما، وقد زاد من تفاقم النتائج السلبية للكسل المسيطر على موظفي القطاع العام غياب المسألة، الناجمه عن التراخي، حتى في تطبيق القانون الذي هو سيد الواجبات التي ضاع جلها في بلدنا.
 
ليس القطاع العام وحده المبتلي بآفة الكسل التي تجتاحنا، فليس القطاع الخاص بأفضل حال من قطاعنا العام، بل لعله الأسوأ، فبسبب كسلنا خرجنا من سوق العمل الأردني خاصة في قطاع المهن والأعمال اليدوية، وحل محلنا وافدون، بعضهم أشقاء، وبعضهم الآخر جاءوا من ثقافات وشعوب ولغات غير ثقافتنا، وغير لغتنا، وعملوا في أسواقنا بمهن نستنكف نحن عن العمل فيها، رغم أننا لسنا أكثر مدنية وتحضر من أهلنا وإخوتنا في سوريا أو العراق أو مصر، التي يعمل أبناؤها في أسواقنا، بينما نجلس نحن نمارس كسلنا في المقاهي، نتأمل سحب الدخان المنبعث من أراجيلنا التي تستنزف جل أوقاتنا، وجزء كبير من مداخيلنا الشحيحة أصلاً، وقد زاد شحها عندما صرنا نستنكف عن ممارسة أعمال كان أباؤنا وأجدادنا يمارسونها، وصارت اليوم جزءا من الفلكور الذي نستحضره في المناسبات، فنتذكر أننا أبناء حراثين عندما نريد أن نتحدث عن مظلومتنا أمام تجبر بعض المتسلطين على رقابنا، ثم ننسى أننا أبناء وأحفاد الحراثين، إذا طلب إلينا أن نعمل في أرضنا، مثلما ننسى أنه لسنوات خلت لم يكن في بلدنا عمالة وافدة فكان «الحجار» منا و»القصير « منا و» الطريش « منا و «عامل النظافة» منا و»خادمة البيت « منا، علماً بأنه لم يكن في الغالبية الساحقة في بيوتنا خادمة، وكانت أمهاتنا وأخواتنا هن من يقمن باعمال البيت، قبل أن يتسرب الكسل إلى نسائنا فيسلمنا ليس بيوتهن إلى الخادمات وربما أزواجهن، علما بأن نسبة عالية من نسائنا اللواتي سلمنا قيادة بيوتهن للخادمات لسنا نساء عاملات لكنه الكسل الذي صار آفة تفتك بنا رجالاً ونساء، نخجل من العمل اليدوي والمهني، ولكننا لا نخجل من ممارسة التسول والوقوف طوابير أمام صناديق المعونة والصدقات والزكوات، بعد أن أضاع كسلنا صفة « عفة النفس» التي كان أباؤنا وأجدادنا يتصفون بها، فيحفرون الصخر ليأكلوا مما زرعوا قبل أن تظلنا سنوات صرنا فيها عالة على الغير حتى أن نسبة مساهمتنا في فاتورة غذائنا لا تكاد تصل إلى خمس قيمة هذه الفاتورة، ومع ذلك مازلنا نبحث عن مبررات لممارسة المزيد من الكسل، دون أن ننتبه إلى أن عصر المساعدات قد ولى، وأنه لم يعد أمامنا إلا أن ننفض عنا سرابيل الكسل، ونهب للعمل لنأكل مما نزرع مثلما كان يفعل أباؤنا.
 
Bilal.tall@yahoo.com