Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Sep-2019

هل النظام الاردني معلَّق وينتظر مصيره؟ لم يبق للأردنيين من مفر.. ماذا عليهم فعله ليستبقوا التيه الدامي*فؤاد البطانية

 رأي اليوم

الأحداث في المنطقة مهمة ، لكن الحدث الحقيقي هو في فلسطين والأردن. نترصد حربا في المنطقة ( لا أقصد معركة أو فعل وردته ) ونتمناها لتنال من الوجود الاسرائيلي والاحتلال. هذه الحرب الإقليمية لا تحدث إلا في حالة ان تصل اسرائيل او ايران الى حالة يائسة تهدد وجودها، وحينها تأخذ قرار الحرب بعنوان “علي وعلى اعدائي”. وهي حاله لن يَسمح أي طرف دولي بوصول أي من الكيان الصهيوني أو إيران إليها، لأن الحرب نتائجها تصيب كبد مصالح الجميع. كما ليس من مصلحة أمريكا ولا روسيا أن تكون ايران ضعيفة. لا دوله غير عربيه تستطيع رفع شعار تحرير فلسطين من وجهة نظر المفهوم الدولي وقانونه ومن واقع مصالحها القومية. قد تهدد بتدمير اسرائيل على خلفية تخصها ولكنها لا تهدد بتحرير فلسطين وإنما تقدم المساعدة في هذا. اسرائيل لا تهزم ولا تستقر هزيمتها إلا بالمقاومة الشعبية المفتوحة.
أعود للعنوان، النار أوصلوها اليوم الى كل بيت في الأردن وجعلوا أهله ينشغلون بإطفائها لينجون بأرواحهم ، مرت عشرون عاما انفصلت فيها الدولة ونظامها عن السياسة وعن القضية الفلسطينية التي هي قضية وجود للأردن وشعبه. ووصل الدور الوظيفي فيها إلى افتراس كل ما بني في الدولة وإفشالها واغتيال انتماء مواطنيها لها ولأرضها من خلال سياسة حكْم شعاره لا للسياسة ونعم للإقتصاد الذي أطلقه الملك في باكورة عمله. وبالطبع فإن هذا الشعار لا يعني علميا ولا يؤدي إلا الى تدمير اقتصاد الدوله. ثم أتبعه بشعار أخر هو “الأردن أولا ” وفَسَّره في كتاب التكليف لأحد رؤساء الوزارات بعبارة “الاردن أولا وأخيرا ” وهذا ما يؤشر على أن ترك السياسة كان عملا واعيا ومقصودا وبأن فلسطين على أجندتنا السوداء.
وبدأ عندها حكم جديد في الأردن يخلق الأزمات الاقتصادية والمعيشية ويعظمها بالحلول التي يتخذها لها. واستقطب لذلك كل فاسد ومتأمر وكل رويبضة وابن حرام لإدارة الدولة وأجهزتها بشراكة النظام، وطُفِّش كل حر وأمين أو أحرقه. حتى فقدت الدولة مقدراتها وسيادتها وقرارها وفقدت خاصيتها كدوله وبيعت على الطاولة.
الاردنيون كلهم اليوم شاعرون بانهيار منظومة الدولة وقيمها وبهزيمتهم ووقوعهم فريسة على يد مأجورين محليين يؤتى بهم لتنفيذ أجندة سياسية وراء أخرى يفقد بمسلسلها المواطن ثقته بالدولة ومشروعها وبالنظام وبانتمائه اليه ، وبالأمان وبشيء اسمه وطن ليستسلم لليأس ويجعل قضيته هي البحث عن نفسه وعن هوية ولا يجدها ، ليهبط من درك أسفل إلى الأسفل.
 المواطن مصر على بقاء الدولة بالطريقة الخطأ وبالتعامي عن الواقع. لقد عاش الشرق أردنيين المسرحية وزمنها ، ولا يريدون أن يقتنعوا بأنها انتهت وزمنها مات. فهناك من تراه على فراش الموت وفي النزع الأخير ويرفض القناعة بأنه سيموت، فيموت ووحده لا يعلم أنه مات.
 الملك قال لكم وليس لرئيس الحكومة، بأن الاردن تحت الضغوط منذ عشرين سنة (أي سني حكمه)، وأنتم لا شك تتسألون ، لماذا سكت وما زال ساكتا على تلك الضغوطات حتى وصل ووصلنا ووصل الاردن الى هذا المستنقع؟ لسنا وحدنا نتعرض لضغوط أجنبية أو أمريكية أو صهيونية، بل دول كثيره ، إلا أن الضغوط تكون عادة سببا لمنعة وقوة تلك الدول لا سببا للإستجابة لها وللاستسلام ، والتحالفات الصحيحة ضد عدو هاجم هي حاجة الدولة المستهدفة بميزان مختل ، فلماذا لم نفعل ذلك للأن والأبواب مشرعة أمامنا والضغوطات تستهدف أوطاننا ووجودنا. أية ضغوطات هذه التي أدخلت الفساد والهدم للأردن المستفقر والمحاصر وجعلت النظام يتمسك بالفاسدين ويتعاون معهم ولا يستبدل أحدهم إلا بألعن يكمل مشوار هدم الدولة والمواطن.
لا أقول هذا للإدانة فليس الحل فيها والملك مستهدف بعلاقته مع كل الاردنيين وبعلاقتهم معه كضرورة ، وفي أخر مراحل الاستهداف فالدولة under arrest. لكن الأبجدية لحاكم دولة يريد الحفاظ عليها وعلى استقلالها وحريتها واقتصادها هي “السياسة” التي تركت عشرين عاما للعدو. وإن طلب النظام من حكومة فساد أجنبية الإنتماء والمأمورية والهدف بأن تشجع الاستثمار في دولة جُعلت مشروع جحيم لساكنيها طارد، ونعيما للصهيونية والفساد، وهو مطلب لا مقوم له ولا مصداقية في ضوء الواقع القائم الذي يعرفه.
 نحن في الأردن في أزمة مستعصية ولكنها ليست عصية على الحل. قصيدتنا بيتها ووجعنا، أننا كنا شعبا وجعلونا سكانا مقيمين. إخوة كنا وجعلونا فرقاء. جغرافيا واحده كنا فقسموها ليسهل ابتلاعها. إنهم يدركون بأنهم لن يبتلعوا فلسطين ما لم يبتلعوا الاردن أولا. والأردن اليوم تحت الغزو المباشر بعد أن أصبح بشكل الدولة وبمضمون مستعمرة ويجري احتلاله بنفس طريقة احتلال فلسطين.. فالبريطاني صاحب الخبرة نفسه الذي يتولى إدارة الحكم اليوم بالتنسيق مع أمريكا والصهيونية ، والنظام معلق ينتظر مصيره. والشرق اردنيين لن يجدوا فرصة الحياة التي وجدها إخوتهم غرب النهر فلم يعد هناك لهم من مفر للجوء الأمن
في الضفة الغربية نجح العدو الصهيوني في استخدام وتنفيذ الجيل الرابع للحروب الذي يحارب فيها الشعب نفسه نيابة عن العدو. خاضها ويخوضها بقيادة حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” المتبنية لأوسلو بالتطبيق الاسرائيلي وخنوع السلطة. ولم تُبق قيادتها حجرا على حجر في المؤسسات التي بنتها الثورة الفلسطينية، واخترقت فصائلها بالمال ، ولم تترك مريضا ولا مؤلفا قلبه ولا محتاجا ولا عميلا إلا وأرشته واستخدمته للقضاء على مشروع المقاومة والتحرير مستقوية بسلطة الاحتلال ، ولكن الأقسى أنها تركت شعبا منقسما على نفسه. ولا نعرف للأن أين أحرار فتح ليكنسوا قيادتهم العميلة وأين أحرار الفصائل.
 وفي الأردن استخدم العدو نفسه نفس مشروع الجيل الرابع للحروب على مدى عشرين عاما بطريقة ناعمة، وهناك مؤشرات عميقة على إشعال فتنة من شأنها أن تحول هذا النوع من الحروب الى دامية. فإن جرى ذلك على الساحة الاردنية فلن يفلت منها أحد. وليعلم الواعون وغير الواعين أن لدينا شريحة معينة عريضة جدا ومشتتة سياسيا واجتماعيا ونفسيا بتراكمات ولَّدت لديها براميل من الشعور بالتهميش والغبن والعزل الوطني والاستقواء عليها، وإن هذا التشتت سيجعل من انفجارها انفجارا عشوائيا مدمرا بلا ضابط
 لمن يسأل ما العمل أقول بأننا في أزمة شعبية داخلية مفتعلة ألغت وجود شعب في الدوله ، وتُفشل أي مشروع سياسي مطلوب وتجعلنا عاجزين عن فعل شيء ،وبأننا في فراغ سياسي مطبق عمل على صنعه النظام الذي نقل الينا كل الهياكل الرسمية والأهلية الموجودة في الدول الديمقراطية وأفرغها من مضمونها…فالشعب في حالة يتم سياسي وعليه أن يعتمد على نفسه في حماية نفسه ووطنه ويأخذ أمره بيده.
 وفي ضوء النظرية والتجربة أقول للشرق أردنيين ، ما لم ننسى ماض مات لغير رجعة ونتخطى دائرة الوهم التي وضعونا فيها ماية عام بتضليلها وخداعها، بكفرها ولا أخلاقيتها ، ونرجم كل أدواتها ونعود للحقيقة التي اعتز بها أجدادنا شرقي النهر وغربه بأننا عرب واحده متساوون في وطننا في الحقوق والواجبات والهم الوطني ، فلن تكونوا في أمن ولا أمان وسنفقد أنفسنا مع الحلال والحرام. فالاستهدف الصهيوني اليوم هو لكم والدور عليكم. لا أنتم ولا غيركم مؤهل وحده لإنجاح أي مشروع سياسي للنجاة بل بوحدتنا وإلا فسيمر المخطط الصهيوني باستخدام دمائنا…
إن من يقود التفرقة ويغذيها في الاردن ويعمل على استدامتها هو تحالف البيروقراطية الشرق اردنية مع الرأسمالية الغرب أردنيه، وبقية الشعب ضحايا. لا بد من مشروع أساسي وعاجل يستثني أزلام هذا التحالف، يضطلع به فريقان الأول نخبة من بين النخب الفلسطينية الحقيقية الضامرة في الظل مقهورة، والثاني نخبة من الشرق أردنين الوطننين الواعين على المؤامرة التي ستجعلهم حطبا، على أجندة ببند واحد هو إعادة توحيد هذ الشعب على مبدأ المواطنة، وإن نجحنا في هذا سننجح في أي مشروع يصب في مواجهة المخطط الصهيوني في الاردن وفي إفشاله في فلسطين. فهل نرعوي.
كاتب وباحث عربي