Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Feb-2017

ما هي حدود تهديدات ترامب لإيران؟ - حسن أبو هنية
 
الراي - لم تكن حقبة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما مثالية بالنسبة للعالم العربي خصوصا والعالم عموما فالرئيس الذي بدأ عهده بالحصول على جائزة نوبل للسلام بعد خطاباته المنمقة في القاهرة واسطنبول حول دعم الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الإنسان والتخلي عن سياسة سلفه الكارثية المتعلقة بالحرب على الإرهاب بعد خوض حربين كارثيتين في العراق وأفغانستان انتهى عهده إلى خلق حالة من الفوضى في الشرق الأوسط وعاد مرة أخرى إلى المنطقة بذات السياسات في معالجة الأعراض وترك الأمراض.
 
في سوريا كما العراق تخلى أوباما عن دعم الحراكات الاحتجاجات الديمقراطية واختزلت الأزمتان السورية والعراقية في «حرب الإرهاب» وسرعان ما أصبحت أمراض الدكتاتورية والطائفية غير ذي قيمة كعلل وأسباب أساسية جذرية في انتشار التطرف والإرهاب، وفي ذات الوقت اختزلت إيران كدولة راعية للإرهاب حسب تقارير أنساق الإرهاب الأمريكية في الملف النووي، وهكذا تجاهل أوباما أن «داعش» نتيجة لأوضاع مختلة، كما أنه تجاهل أن مشكلة إيران تتجاوز الملف النووي إلى خلق حالة من التوتر في المنطقة وإثارة الطائفية والمشكلات الجيوسياسية بسبب طموحاتها الإقليمية. 
 
في سياق السياسة الانسحابية لأوباما من المنطقة استثمرت إيران الفراغ بالتمدد والانتشار ومع عودته إلى المنطقة وجد نفسه شريكا لإيران في «حرب الإرهاب» حيث بدا وكأن القوة الجوية الأمريكية تعمل لدى الحرس الثوري الإيراني والمليشيات الشيعية على أرض العراق وسوريا ففي نهاية المطاف بدا أن المالكي أو العبادي أو الأسد في قبضة قاسم سليماني ومرجعية الولي الفقيه، ورغم أن حلفاء أمريكا العرب في المنطقة اجتهدوا في شرح مخاطر هذه السياسة لكن إدارة أوباما لم تلق لهم بالا بل ذهبت إلى إقرار قانون «جاستا» ضد السعودية.
 
اليوم ثمة تبدل مع رئيس جديد لكننا لا نزال نجهل طبيعته وكنهه ومقاصده ورغم تفاؤل بعض الدول العربية أخشى أن تكون سياسة أوباما أشد هولا وأكثر كارثية، فالرئيس دونالد ترامب لا يخفي ما يريد فهو لاشك عازم حسب تصريحاته على القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» والقاعدة في العراق وسوريا وفي نفس الوقت إضعاف ومحاصرة إيران وقد كتب في 3 فبراير الماضي ترامب في تغريدة على حسابه في موقع «تويتر»: «إيران تلعب بالنار ولا يقدرون كم كان الرئيس أوباما لطيفا معهم. لن أكون هكذا»، وقال في تغريدة أخرى: «تبتلع إيران المزيد من العراق» وأن «إيران تمد نفوذها إلى البلد الذي كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أنفقت عليه 3 تريليونات دولار».
 
لكن السؤال كيف يمكن لترامب أن يحقق وعوده الكبرى على أرض الواقع المعقدة في ظل التمسك يسياسات «حرب الإرهاب» بمعالجة الإعراض دون الأسباب، ألم تدفع تلك السياسة البراغماتية أمريكا إلى التعاون مع إيران عقب أحداث 11 (سبتمبر ) ايلول 2001 لإسقاط نظام طالبان في أفغانستان 2001 ونظام صدام حسين في العراق 2003، وانتهت إلى ذات البراغماتية في التعاون ضد «داعش» و»القاعدة» في العراق وسوريا، بحيث أفضت هذه السياسات إلى توسع إيران وأصبحت هذه المناطق وغيرها تحت نفوذها وسيطرتها.
 
لقد فهمت إيران جوهر التهديدات الترامبية وبدت أكثر صراحة وفجاجة حيث طالب أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني محسن رضائي قبل يومين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بألا ينخدع بما وصفه بـ»تحريض على مهاجمة إيران» وقال رضائي إنه «في وقت ما، قام آل سعود وإسرائيل بتحريض صدام لمهاجمة إيران. واليوم هم أنفسهم يقومون بتحريض ترامب لمهاجمة إيران». وأضاف: «نحن نقول للسيد ترامب أن يفكر أكثر وألا ينخدع بالملك سلمان ونتنياهو. تريث قليلا وادرس أداء اسلافك تجاه إيران وهزائمهم» وأضاف «السيد ترامب غرد على تويتر بأنه أنذر إيران. لقد وجه من هو أكبر وأضخم منك إنذارا لإيران لكنه لم يستطع فعل شيء. كن حذرا حتى لا يجرك الملك سلمان ونتنياهو إلى التهلكة. أيها السيد ترامب فكر مليا».
 
لم يقتصر الرد الإيراني على التصريحات الفجة بل تجاوزه إلى رد أكثر تحديا بمناورات وتجارب إطلاق صواريخ بالستية وردت الولايات المتحدة بتصعيد الانتقادات وفرض بعض العقوبات، ولكن ماذا بعد فخيارات إدارة الرئيس ترمب تجاه إيران حسب مجلة «فورين بوليسي» تحتاج إلى دعم دولي، هذا يتطلب من الرئيس ترمب بناء تحالفات قوية ومعاملة حلفائنا في المنطقة باحترام، كما أن إدارة ترمب لا تتملك أدوات الاتصال التي كانت لدى إدارة أوباما مع إيران لتخفيف مستوى التوتر.
 
إن خيارات إدارة ترامب في غاية الصعوبة وكما أشارت مجلة «وول ستريت جورنال» تتمركز أهم التحديات التي ستواجهها إدارة ترامب في منطقة الشرق الأوسط، وتشمل هذه التحديات التهديد الذي يشكله الإرهاب السلفي الجهادي، ومساعي إيران لخلق «هلالٍ شيعي» يضم المنطقة بأسرها، والدور الروسي المتصاعد. وسيكون الرئيس دونالد ترامب في الشرق الأوسط، على غرار أسلافه الخمسة الأخيرين، رئيساً في زمن الحرب، شاء أم أبى.
 
خلاصة القول أن إدارة ترامب لن تأتي بالسحر والعجائب إلى المنطقة وعلى غرار أسلافه سنسمع المزيد من التصريحات و»التغريدات» وتكثيف برنامج طائرات بدون طيار ومزيج من العمليات العسكرية الخاصة ودعم وتدريب قوى معارضة منتقاة وتطمين الحلفاء دون معالجة العلل والأسباب، وكما أن لا سبب يدعو إلى التفاؤل بإدارة ترامب في معالجة قضايا عالمية فإن التفاؤل بمعالجة قضايا الشرق الأوسط لا يعدو عن كونه رغبات وأمنيات لا تستند إلى صلابة الواقع.