Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Aug-2020

لماذا نعتبر فيروس كورونا أكذوبة؟!*تهاني روحي

 الغد

بالعادة، يطل علينا وزير الدولة لشؤون الإعلام متجهما عند الإعلان عن أعداد المصابين بالفيروس، إلا أنه تكلم بأسى عن دراسة حول وعي المواطنين الأردنيين بفيروس كورونا، لتظهر أن 43 % منهم فقط يأخذون خطورة كورونا على محمل الجد، وهناك 8 % يعتبرون كورونا أكذوبة أو مؤامرة.
السؤال إذن، ما الذي يجعل البعض يشكك باستمرار في موضوع كورونا، ولماذا تعتبره الغالبية أمرا مسيسا، بينما نجد آخرين مشككين بقدرة العلماء على إنتاج وفعالية اللقاح. فهذه الجائحة أوجدت بيئة خصبة لمحبي نظريات المؤامرة ومرتعا جيدا لإطلاق إشاعاتهم حول الفيروس. وفي الحقيقة كنت أود أن أقول للوزير العضايلة، إن هذه الظاهرة ليست فقط محلية، فالتشكيك ونظريات المؤامرة تجاه الفيروس ممتدة عالميا.
المتحايلون الذين يستغلون خوف الناس من الوباء وعدم قدرتهم على البحث عن المعلومات الطبية والعلمية الرسمية حوله كثر. فتارة يباغتوننا بفيديوهات تبث إشاعات تم إنتاجها بحرفية عالية، وتارة أخرى يطل بعض المؤثرين على مواقع التواصل بفتاوى كورونية، وأنها صممت لإلهاء الشعوب عن صفقة القرن، أو عن قضية نقابة المعلمين، بل تعدى ذلك الى التشكيك بالعلم والعلماء والأطباء وحسموا الأمر وقرروا أن “كوفيد 19” ما هو الا أكذوبة وخرافة علمية.
شركة “غوغل” أعلنت أن القراصنة الإلكترونيين يرسلون يوميا 18 مليون رسالة احتيال عبر البريد الإلكتروني حول فيروس كورونا. ووجد باحثون أن “تويتر” مثلا هو شريان حياة الأخبار الكاذبة، فاحتمالات إعادة تغريد خبر ملفق تزيد بنحو 70 % على إعادة تغريد خبر حقيقي، والسبب أن البشر لا يحبون سماع الحقيقة. إنها فوضى تُطبِق على العالَم بأسره.
وما إن سارعت الحكومات والمؤسسات الصحية إلى توجيه شعوبها ببعض النصائح التي عليها الالتزام بها للحد من انتشار الوباء، حتى تم ضرب هذه النصائح عرض الحائط، ولم تجد آذانا صاغية. فهل هي أزمة ثقة قديمة، أم هي نتاج مخرجات تعليمية مهترئة أفرزت حالة من اللامبالاة لدى الشعوب التي ما تزال تستخف بالفيروس وتسخر منه، ما يفسر وجود ثقافة صحية ضحلة عند شعوب لا تقرأ ولا تحاول التسلح بالمعرفة عن الفيروس.
إن ضياع “الثقة” بين مختلف مكونات المجتمع، هو جانب آخر في تفاقم المشكلة، ولا أحد يثق في أي قطاع من القطاعات. الحكومة تبذل جهودا استثنائية في التعامل مع فيروس كورونا في ظل إمكانات محدودة، وتحديات غير مسبوقة. وتستمر وزارة الصحة بتنبيه الناس، ولكن غالبية المجتمع لا يثق بما تقوله، فالمعلومات التي تتدفق من الصحة والجهات الأخرى المختصة لا يمكنها وقف سيل الإشاعات ونظريات المؤامرة الجارف. كثيرون لا يعرفون ما يدور خلف الكواليس، وكثيرون لا يدركون حجم الجهود المبذولة، وكثيرون أيضاً لا يعرفون بالتفصيل الخطوات والإجراءات الضخمة التي تقوم بها هذه الفرق لمتابعة ومكافحة المرض، بالتأكيد ليس مهماً معرفة كل هذه التفاصيل، لكن من المهم أن يطمئنوا والتوقف عن إلقاء اللوم بصورة عشوائية. فهذا الفيروس بالذات يحتاج لدرجة عالية من الاحتياطات والوعي في كيفية التعامل معه. ولهذا فاننا جميعا نتشارك في المسؤولية. وهذا لا يبرر بالطبع في عدم تقديم رواية صحيحة من قبل المعنيين، لأن ترك المواطنين من دون إجابة عن أسئلتهم المحيرة أو معرفة الحقيقة سيعمق أزمة الثقة وعدم تصديق أي رواية رسمية. وللإنصاف فقد جاءت الجائحة لتبين أن استعادة الثقة ممكنة، إذا ما صرفت لخدمة الجميع.
كذلك على وسائل الإعلام الحذر من أن تقع في فخ نقل الأخبار بطريقة مضللة، وخاصة فيما يتعلق باللقاح؛ حيث اعترف الأطباء بأنه لن يكون حلا سحريا للفيروس، وحتى بعد ظهوره قد يستغرق الأمر أشهرا عدة قبل أن نعرف مدى فعاليته وعوارضه الجانبية.
وأخيرا، كيف علينا كأفرادٍ أن نكون مفعمين بحس قوي لهدفٍ نبيلٍ في الحياة يضمن رقي الفرد والمجتمع معًا، يركّز على تطوير الفرد من جانبٍ وعلى دوره في تطوير المجتمع من جانبٍ آخرٍ. هذان الجانبان من الهدف المزدوج هما بالأساس متلازمان وغير قابلين للانفصال. فالتحدي اليوم هو كيف يمكن تسخير وسائل التواصل هذه في أن تزيد من وعي الناس تجاه مخاطر الفيروس من دون إثارة الهلع والمبالغة، وكيف يمكن للناشطين على وسائل التواصل أن يعوا بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم؟