Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Jun-2017

هزيمة وانتصار في يوم واحد ! - محمد كعوش
 
الراي - صباح اليوم صحوت على ضجيج حركة السيارات واصوات الباعة، لا شيء غير عادي أو متغير سوى الرقم الذي حملته ورقة الرزنامة الذي انعش الذاكرة باشارة الى أن اليوم هو صباح الخامس من حزيران ، وهي الذكرى الخمسون لهزيمة حرب حزيران ، هو التاريخ الذي اسقطته جامعة الدول العربية من ذاكرتها ، كم سعت اسرائيل منذ ذلك التاريخ انتزاع القضية الفلسطينية من الذاكرة العربية.
 
ومن محاسن الصدف ان اليوم هو العاشر من رمضان ، أي ذكرى حرب عام 1973 الذي سجله العرب على أنه انتصار ، ولكن أثبتت الحقائق والنتائج أن الأمة العربية كانت بعد هزيمة حزيران أقوى وأفضل حالا من مرحلة ما بعد الأنتصار الذي أدخلنا في مستنقع الغموض والألتباس بنتائجه الكارثية ، وقد نرى ما هو أسوأ وأشد سوادا بفضل فائض الحقد العربي القبلي المدمر الذي يقود الأمة الى الهاوية.
 
اليوم، وفي الذكرى المئوية الأولى لوعد بلفور ، التقى نصر العاشر من رمضان بهزيمة الخامس من حزيران ، في زمن اصبحت فيه الهزيمة العربية اكبر وأشمل ، وفي وقت فقدنا فيه اللغة الواحدة والموقف الموحد والمصير المشترك ، وتعطل فيه التكامل والتعاون والتنسيق والنخوة. والمؤلم اكثر ان نرى بيننا من ينشد أغنية الخراب ويصفق لأنهيار الأندلس وسقوط قرطبة ، ويدفعه جهله وحقده وخموله الى الأستعانة بالأجنبي لتقسيم الأوطان وتخريبها، وبالتالي حصاد المزيد من الهزائم العربية التي انتجت موجات من اللاجئين بلا قضية ولا منفى.
 
هذا المشهد العربي المحزن المسكون بالشكوك والأنكار والضغينة والتراشق بالدم والرصاص ، يقودنا الى التساؤل: من الذي يكسب ويحصد الغنائم من هذه الفوضى العارمة والصراع الدامي في هذه المرحلة الذي يسخر منها التاريخ ؟
 
لا نحتاج الى الكثير من العناء للاجابة على هذا السؤال في الزمن اللامعقول. هذا السؤال لا يحير أحدا، لأن المشروع واضح بابطاله المتعبين من سلالة القتلة ، فهو يهدف، حسب وصايا ابن غوريون، الى خلق واقع جديد ينتج دويلات طائفية وعرقية تمنح اسرائيل المزيد من الوقت والديمومة والخروج من الأزمة الوجودية، وانهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتسوية او تصفية القضية الفلسطينية، دون تحقيق السلام العادل وقيام دولة فلسطينية مستقلة على قاعدة حل الدولتين.
 
الحروب العربية المتجولة ، والاستعانة بالدول الأجنبية يساعد على تحقيق المشروع الصهيوني ، منح اسرائيل الفرصة لهدم اعمدة التاريخ والسعي الى اخذ المزيد من حصتنا الجغرافية ، والأستمرار بالاستيطان والتهويد في محاولة لخلق دولة « يهودية لكل يهود العالم « وتحويل اليهودية الى قومية مبنية على الخرافة ، ولكن لا أدري كيف يحق لاسرائيل أن تكون دولة ديمقراطية وعنصرية في وقت واحد ؟!
 
بالمقابل ، نرى ان القيادة الفلسطينية مقيدة بشروط اسرائيلية وضغوط اميركية ، بحيث اصبحت لا تملك هامشا واسعا من حرية الحركة ، كما فقدت الكثير من خياراتها ، بحيث تحولت من ثورة مسلحة الى فريق مفاوض حول طاولة مفاوضات عبثية ، وهنا اذكر اسحق شامير عقب مؤتمر مدريد حين قال: «سنفاوضهم 20 عاما ولا نعطيهم شيئا « !!
 
وفي ذكرى « انتصار حرب رمضان « التي تحل اليوم ، نتذكر مهندس هذه الحرب وسلامها هنري كيسنجر الذي أدى مشروعه الى تحويل الصراع العربي الأسرائيلي الى صراع فلسطيني اسرائيلي وبالتالي تحويل الصراع الفلسطيني الأسرائيلي من صراع وجود الى نزاع حدود ، بحيث شتت اسرائيل اهتمام العالم وشغلته بقضايا فرعية مثل التهويد والإستيطان والإعتقال والإغتيال وابعدت الجميع عن المسألة الأهم وهي قضية الإحتلال الذي هو سبب كل الكوارث والجرائم.
 
في هذا اليوم وفي هذه المناسبة أي ذكرى (الهزيمة والأنتصار) نقول أننا نراهن على حركة التاريخ ، وعلى تمسك الشعب الفلسطيني بارضه وثباته في الداخل في مواجهة آخر احتلال في التاريخ ، لنؤكد أن مصيره سيكون مثل مصير كل احتلال ، بعد عبورنا هذه المرحلة الرمادية المفتوحة على عتمة الصحراء ، لأن روح الامة لن ولم تنكسر رغم قسوة الحاضر.