Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Feb-2019

بعد عقدين من الزمن.. سلام عليك يا عبدالله وعلى الأردن وشعبه*ا.د. كامل صالح أبو جابر

 الراي

اذكر اليوم الذي توفي فيه مليكي وصديقي الحسين بن طلال رحمه الله، الملك الباني الذي كان بشخصه وعطائه يمثل جسراً ما بين الماضي والحاضر، ولد الحسين حين كانت عمان قرية صغيرة وسطها الجامع الحسيني العريق وعلى مقربة منه كنيسة الارثوذكس على امتداد شارع الملك طلال الذي يصل الى سفح جبل مصدار عيشه وبدايته كنيسة اللاتين، عرف الحسين وسط المدينة الذي كانت تحتضنه جبال عمان، الجوفة والتاج والحسين واللويبدة والنظيف وجبل عمان وتعرف على أهلها مسلمين ومسيحيين ودروز وعرب وكرد وشركس وشيشان وأرمن ونفر من اهل بخاري وغيرهم وحافظ على هذه اللوحة الرائعة الفسيفسائية واحتضنها ورعاها.
 
حين ولد الحسين كانت عمان في طور حضاري اقرب الى البدائية منها الى ما هي عليه اليوم، معظم شوارعها وازقتها غير معبدة والكثير من بيوتها مبنية من الحجر الغشيم والطين ودون ماء او كهرباء سكانها اقرب الى حال اهل القرى والبداوة، متاجرها ودكاكينها تتحدث ببلاغة عن بساطة اهلها من عرب انتقل معظمهم من بيت الشعر او القرية، يعمل شيشانها وشراكسها بالزراعة وجل اصحاب دكاكينها من الشوام، كان ليل عمان صافيا هادئا لا تسمع فيه احيانا الا نقيق ضفادع السيل وسماؤها ترصعه النجوم.
 
يجري سيل عمان من رأس العين متجها نحو المحطة وعلى يساره حارة او شارع المهاجرين الشراكسة وعلى يمينه المستشفى الايطالي وبعده وادي السرور الذي كان معظم سكانه من اهل الطفيلة ويجري خلف المسجد الحسيني وبعد ذلك سبيل الحوريات وخلفه شارع الشابسوغ الشراكسة وسفوح جبل القلعة ومقابله المدرج الروماني.
 
رحم الله الحسين وابيه طلال وجده الامير الملك عبدالله الاول مؤسس الدولة الذي ارسى قواعد الحكم الحليم الرحيم الذي يسير على نهجه اليوم مليكنا الشاب عبدالله الثاني ابن الحسين الذي يعطي البلاد مصداقية وجعلها حقا وحقيقة اكبر من حجمها الجغرافي والسكاني لتصبح مثالا للحكم الراشد العاقل الرصين.
 
احيي عبدالله ابو الحسين بمناسبة اعتلائه عرش البلاد قبل عقدين من الزمن والذي صمد في وجه التحديات الامنية والسياسية والاقتصادية بشجاعة وأمانة والذي لو كان في الامة ديمقراطية حقة لانتخب ملكا على العرب كما كان حلم جده الاكبر الحسين بن علي الذي آثر الفقر والعزلة والمنفى على التفريط بحقوق العرب في فلسطين ومقدساتها والذي من مآثره ان اوصى اولاده واحفاده بالارمن خيراً.
 
بلادنا في خير والحمد لله ما دام الحكم فيها على ما هو فيه من تراحم وتواصل وشورى، وديمقراطيتنا الاردنية – الفلسطينية اردنية بحتة نحتناها نحن لم نستوردها لا من الغرب ولا من الشرق، صحيح ان عندنا قضايا ومشاكل على رأسها معضلة الفساد وغيرها ولكن صحيح اننا نعالج مشاكلنا من خلال الحوار ومن خلال مؤسساتنا، مجلس امتنا عامل وجاد ونوابنا هم ابناؤنا: ابو صعيليك وقشوع وزيادين وعطية والعكايلة وقراقيش والعرموطي والشيشاني والمسلمى والشياب والخوالدة وبني مصطفى وغيرهم وجميعهم ابناء هذا الوطن من ترابه وطينته، يعلمون ان ما يفعلونه هو بناء مملكة قاعدتها ان العدل اساس الحكم حتى ولو فسد البعض وطغى او تجبر.
 
نظام حاول السلام حتى مع اسرائيل لا من منطلق الضعف بل ومن منطلق الثقة بالنفس، نظام وشعب يفرق حتى اليوم ما بين الصهيونية العدوانية خريجة معازل الغرب وعنصريته الرهيبة وما بين دين اليهودية واهل الكتاب.
 
والتحية مرة ثانية لابي الحسين الذي يخاطب شعبه والعرب والمسلمين والعالم فيبهرهم بعلمه وقدرته وفصاحته، وارجو الله تعالى ان يمد في عمر الاردن ومليكه الفحل السياسي سليل الدوحة الهاشمية الذي جعل من هذا البلد منارة علم وواحة استقرار في اقليم مضطرب وعالم صاخب يحكمه الجشع وتتحكم في مفاصله العنصرية والاستعلاء لا تراحم ولا قبول وتقبل الناس لبعضها البعض اخوة في الانسانية ابناء أب الجميع، آدم عليه السلام.
 
بعد سنتين سنحتفل باذن الله ببداية المئوية الثانية على تأسيس الدولة عام 1921 التي صمدت في وجه المصاعب والتحديات واحتضنت من جاءها من بلاد العرب يتفيأ في ظلال نظامها الانساني، اما فلسطين وقدسها ومقدساتها فستعود الى اهلها من فلسطينيين واردنيين وعرب مهما طال الزمن ورغم غطرسة واستعلاء وعدوانية الاستعمار الغربي الصهيوني عليها اذ للتاريخ منطقه رغم ظلم وقهر وعدوانية فكر القلعة والاسوار العالية التي تحيطها.