Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Nov-2017

حين رفعت العلم . - عبدالهادي راجي المجالي

الراي -  في الصف الخامس الإبتدائي التحقت بفرقة الكشافة , وكنت أرتدي قميصا أزرق , وبنطالا (كحليا) ..وقد التحقت في هذا النشاط , لأني كنت شغوفا بمسألة رفع العلم في الصباح , وعزف السلام الملكي ..ياما أحببت هذا المشهد , ولا أدري كيف كان يستفزني النشيد ..وكيف نقف في الطابور بخشوع العاشق , ونظرة البراءة تسكننا ..

كان رفع العلم طقسا صباحيا , في كل مدارس المملكة , وأنا التحقت بالكشافة فقط كي أحظى بهذا الشرف , وكنت انتظر دوري بفارغ الصبر , فالكشافة يرفعونه بحسب التراتبية الصفية , ولأني كنت أصغرهم ..كان مقررا أن أقوم برفعه يوم الخميس ..
كنا في تشرين , وبرد تشرين يدخل العظم , وقد تحمست صبيحتها وكنت أول من يدخل المدرسة , منتظرا بفارغ الصبر تلك الثواني المعدودات ..رن جرس الطابور والتحقنا به , وقرأ طالب من مرتبات السادس أية الكرسي , ثم جاء دور العلم ..وبدأت برفعه على صوت السلام الملكي , كان يرفرف ..والغيمات تعبر من فوق السارية , وتظن في لحظة أن السارية تتحرك ..لكني كنت منتبها للمشهد ..وسحبت الحبل حتى اخره , ثم ثبته في السارية وأديت تحية الكشافة , لقد تحققت أمنيتي ذاك اليوم , ولشدة فرحي ..ولأني أوصلته أخر السارية مع اخر السلام الملكي , ودون اي نوع من التراخي أو التلكؤ ...فرحت كثيرا , وعبرت عن هذا الفرح بطريقة عفوية جدا ..فقد أدرت جسدي كاملا إلى الخلف , وإذا بالجموع محتشدة ..تنتظر أمرها من المدير أن تدخل الصفوف , وقد أغراني منظر الجموع ..جدا , وصوت السلام الملكي اشعل الحماسة في جسدي , فكان مني ومن دون شعور ...أن وضعت اصابعي في فمي , وأطلقت صافرة عنيفة , وكنت وقتها قد تعلمت الصفير للتو من طالب كسول في الصف السادس , ثم بدأت بالتصفيق ...نظر الجميع إلي , بعضهم استغرب السلوك وبعضهم لم يتمالك نفسه من الضحك ..والمهم أنهم دخلوا الصفوف باستثنائي فقد بقيت عند السارية , وكان علي أن أدفع ضريبة الحماسة تلك ...لقد تلقيت ضربات من (خيزرانة) كانت أقسى من برد تشرين ..ومنعت من رفع العلم .
أنا لم أقصد شيئا , مجرد أني تحمست حين رأيت الجموع , وحققت حلما طفوليا ...لكن تلك بلادنا , وعلينا أن نقبل بحقيقة مؤلمة وهي أننا نعاقب فيها على الحب ....