Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2018

عقاب الكيماوي والرسائل المتعددة - رومان حداد

الراي -  أكد ترمب مرة أخرى أنه يختلف في تعاطيه مع القضايا الحساسة عن سلفه الرئيس باراك أوباما، حيث ضرب ترمب سوريا للمرة الثانية خلال عام تقريباً، وكان السبب المعلن هذه المرة كسابقتها وهو استخدام النظام السوري لأسلحة كيماوية على المواطنين العزل، ولكن هذه المرة استطاع ترمب أن يقنع كل من تيريزا ماي وماكرون بمشاركته الضربة ضد سورية.

المدهش بالنسبة لي كان عدم تعرض أي صاروخ أو طائرة مشاركة بالهجوم لأي اعتراض من قبل الدفاعات الجوية السورية، أو من منظومة صواريخ 400 S، 300 S ،اللتين اشتراهما النظام السوري من روسيا. الضربة الأخيرة كانت تحمل في طياتها أكثر من رسالة، وأبرزها أن ترمب جاد بتهديده حول منع استخدام الأسلحة الكيماوية في الصراع السوري، وهو جاهز لمعاقبة من يخالف قواعد اللعبة المرسومة، وهو ما أشار إليه من خلال تحميله مسؤولية ما حدث لروسيا، كونها لم تقضِ على أسلحة النظام السوري الكيماوية، وتغاضت عن استخدام النظام لأسلحته الكيماوية. كما كانت الرسالة الثانية التي حملتها الضربة الأخيرة هي أن روسيا غير جاهزة فعلياً للوصول مع الولايات المتحدة إلى مرحلة الحافة بالنزاع، فهي لم تتدخل، ولم تستطع منع الضربة، وكانت غير قادرة على إصدار قرار من مجلس الأمن يدين الضربة ضد سورية.
ترمب كان مدركاً جيداً أن الخطاب الروسي التصعيدي قبل الضربة ليس إلا قنابل صوتية، فعلى أرض الواقع تدرك القيادة الروسية أنها غير قادرة على مواجهة الولايات المتحدة عسكرياً، وفي ذات الوقت لم يقم ترمب من خلال الضربات الصاروخية أو الجوية بحركات استفززاية للقوات الروسية، حيث ضرب مواقع محددة وولم يقرب المواقع الروسية.
وتأتي المشاركة البريطانية بعد توجيه رئيسة الوزراء البريطانية اتهامات للقيادة الروسية بالقيام بهجوم باستخدام مادة كيماوية على جاسوس روسي سابق مقيم في بريطانا، بالإضافة إلى قلق بريطاني من تواجد روسيا الكثيف على الأرض في سوريا، وذلك لأسباب سياسية، حيث يحد التواجد الروسي في المنطقة من قدرة بريطانيا على التعامل مع بعض حلفائها التاريخيين مثل العراق ومصر.
كما يظهر القلق البريطاني بسبب البعد الاستخباراتي من تواجد روسيا على الأرض في سوريا والتحكم باللعبة الاستخباراتية، فبريطانيا قوتها الحقيقية فيما يتعلق بالملفات الدولية استخباراتية بالدرجة الأولى، وتقوم القوة الاستخباراتية البريطانية على قدرتها على جمع المعلومات وفهم التحرك الاجتماعي الاقتصادي السياسي، والقدرة على التحليل، واستمرار الوضع في سوريا على ما هو عليه، وتجذر الوجود الروسي في سورية يحد من القدرة الاستخباراتية البريطانية، ويقلل من فاعلية دورها مستقبلاً، خصوصاً وأن سورية تعد نقطة محورية في منطقة متغيرة (العراق وتركيا ولبنان).
أما الاهتمام الفرنسي بالحالة السورية، والذي قاد فرنسا للمشاركة بالضربة الأخيرة على سورية، فهو ليس ناتجاً عن كون سوريا مستعمرة قديمة لفرنسا، ففرنسا منذ النصف الثاني من القرن الماضي لم تعد لاعباً محورياً في سوريا، والتي أصبحت منطقة متنازعاعليها أميركياً سوفييتياً. فأساس اهتمام فرنسا بالحالة السوريا هو مدى تأثير النتائج في سوريا على الوضع في لبنان، والذي يعد آخر مناطق النفوذ الفرنسي في المشرق العربي.
فالتواجد الروسي العسكري الدائم في سوريا، يعطي روسيا تفوقاً ملحوظا على فرنسا، وهو ما يعني بالضرورة تفوق حزب االله في لبنان، وبالتالي تغيير المعادلة اللبنانية، عبر إضعاف الحلفاء التقليديين لفرنسا في اللعبة اللبنانية من المسيحيين والسنة على حد سواء.
ما حدث أمس الأول هو رسالة واضحة أن الأمور في سورية لم تحسم بعد، وأن القواعدد الموضوعة من قبل عدد من الدول التي تددير النزاع السوري لا يجوز تغييرها من قبل أي طرف، وأن الحل السياسي في سوريا لم ينضج بعد، ولكنه صار اليوم مطروحاً على الطاولة أكثر من أي مرة سابقة.