Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Sep-2017

الأضحية بين الشكل والمضمون - د. فايز الربيع
 
الراي - انتهت أيام عيد الأضحى، واشتقاق الاسم مرتبط بالأضحية ناهيك عن ان عيدي المسلمين يأتيان وراء عبادة فرض وركن هما الصيام والحج.
 
انتشرت حظائر المواشي على مستوى المملكة، وهو منظر بحاجة الى مراجعة من حيث الأسلوب، تذكرت منى في السبعينات عندما كنّا نذبح في منى، وفِي ثاني وثالث ايّام الحج، لم يكن بوسعنا أن نتجول فيها من الروائح، الجزارون يذبحون، ويرمون سقط المواشي، وفِي الْيَوْمَ الثاني تبدأ الروائح تزكم الأنوف، أقول وبكل صراحة في منظر غير حضاري، لا ماء ولا شروط سلامة، الكل يحاول أن ينتهى من اضحيته، التزاحم وأسلوب العمل لا يتناسب مع نظافتنا كمسلمين، وهو امر لا بد للأمانة في عمان، وللبلديات في المحافظات أن تجد اسلوبا آخر. الارض والتراب والحر، وقلة الماء وقلة عدد الجزارين، وأسلوب العمل والذبح والتقطيع كلها أمور تدعوك لأن تسرع في اقل وقت لتترك المكان وتغادر، هل يمكن أن نهئ أماكن أفضل وبشروط صحية تليق بمكانة الأضحية، وأهميتها كشعيره مرتبطه باسم العيد، هذا مما لا بد منه من اجل ذلك.
 
اما المحتوى فما معنى الأضحية، وما هي آثارها، جميل ان نوزع منها على الفقراء، وان نأكل منها، ونطعم الاقارب وهو ما نصت عليه الآية الكريمة، ولكن للأضحية معنى أعمق من ذلك، لقد تم الفداء لسيدنا اسماعيل فلذة كبد ابراهيم الخليل، وسار الرسول صلى الله عليه وسلم على سنة ابينا ابراهيم، لماذا كان هذا الامتحان، سماه القرآن الكريم ( البلاء العظيم). شيخ يأخذ ابنه إلى مكان قفر، ليضحي به، انها اولا تنقية قلب الخليل، من كل حب، الا حب الله، وهنا استحق الفداء، فالأضحية تنقية لقلب المؤمن، ورجوع به الى الأصل هذا الدم الذي يسيل من الأضحية هو بديل للدم الذي يسيل من المسلم، فهل أوقفنا شلالات دماء المسلمين في عيد الأضحى ونحن نضحي، هذا الشيطان الذى رجمناه في منى، وهو يعترض سيدنا ابراهيم يثنيه عن تنفيذ رؤياه الصحيحة، هل رجمناه في نفوسنا حجاجا في البيت الحرام، ومسلمين في مشارق الارض ومغاربها يضحون ليبعدوا الشيطان عن نفوسهم، هل تغيرت نفوسنا ورقت واستجابت لخالقها، وهى تُمارس شعيرة، هي شكل من أشكال التضحية، هل نضحي بجشعنا وطمعنا وحسدنا وحقدنا وتنافرنا على اَي مستوى من المستويات، هل نضحي بالاحتكار والأنانية، والغش ونحن نضحي، ليس المهم ان يكون اللحم بلديا أو رومانيا أو استراليا أو سودانيا، فالمواشي كلها مواشٍ وكلها مخلوقات، تختلف في الاسم وتتساوى في المضمون.
 
كما ان التدين شكلا ومضمونا، والشعائر أشكال وحركات ومضامين، لا تؤدي الغرض منها الا إذا استقرت في النفوس سلوكا وطباعا ، فإن الاضاحي تبقى أشكالاً مهما كانت الا اذا حصلنا على النتيجة منها ، فهل تغيرنا بعد الفطر وبعد الأضحى، اما اننا نمارس طقوسا لا نلتفت الى مضامينها، وهذا عكس المطلوب من العبادات ومنها الأضاحي.