Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Apr-2018

بين 2003 و 2018 يتواصل مسلسل الأكاذيب - د. سمير قطامي

الراي -  مشاهد صراعات أعضاء مجلس الأمن الدولي في اجتماعاته الأسبوع الماضي ، أعادتني خمسة عشر عاما إلى الوراء ، وكأن الزمان لم يتغيّر ، بل إن المندوبين يكادون يكونون هم هم ، بحركاتهم وملامحهم وتصرفاتهم ، وأكاد أقول إنني لم أجد فرقا بين مندوبة أميركا السوداء سنة 2003 ، كونداليزا رايس ، ومندوبة أميركا اليوم ، السوداء الفاتحة ، نيكي هيلي ، لا شكلا ولا مضمونا ، فتلك كانت تعربد وتهدد وتستخفّ بالعالم وبالأمم المتحدة ، وهذه تعربد وتهدد بحذائها ، وتستخفّ بالعالم وبالأمم المتحدة ، بل تتهم روسيا باستخدام الكيماوي في سورية ، وتعطيل مجلس الأمن ، وتعلن بكل صفاقة وتبجح أن أميركا ستتصرف خارج مجلس الأمن !!

قبل أيام من غزو العراق اجتمع مجلس الأمن بطلب من أمريكا للحصول على تفويض لغزو العراق بذريعة أن لديه أسلحة دمار شامل تهدد الأمن الدولي ، وقد جاء ذلك الاجتماع بعد حملة إعلامية محمومة قادها الإعلام الأميركي والأوروبي ، بإيعاز من أجهزة المخابرات ، لإقناع العالم أن العراق ما يزال يمتلك أسلحة دمار شامل، يخفيها عن المفتشين الدوليين ، وهي تهدد الحضارة الإنسانية ( هذا بعد 12 سنة من قيام فرق التفتيش الأمريكية الدولية بتدمير كل المواد الكيماوية والبيولوجية والمختبرات والمصانع ، بل حتى الصواريخ التي يزيد مداها على خمسين كم ، وبعد البحث في كل شبر من أرض العراق ) ، ووصل الأمر بطوني بلير ، رئيس وزراء بريطانيا آنذاك ، أن يعلن أن صدام حسين ما يزال يمتلك صواريخ كيماوية وبيولوجية قادرة على الوصول إلى لندن خلال 45 دقيقة ، وقتل الألاف من البشر !! ووقف وزير خارجية أميركا كولن باول في مجلس الأمن يعرض أمام أعضاء المجلس والعالم على شاشة ضخمة ، لمدة 80 دقيقة ، صور الشاحنات والمختبرات البيولوجية المتنقلة ، المخفية عن أعين المفتشين ، والمعدّة للاستخدام ضد دول العالم! في ذلك الوقت لم يجرؤ أحد على تكذيب أميركا أو التشكيك بمعلوماتها ،وهي التي تسمع دبيب النملة في باطن الأرض ، ولا يمكن أن تقدّم معلومات غير دقيقة أو أخبارا مفبركة وكاذبة. ( قال كولن باول بعد أن تكشّف له زيف تلك التقارير إنه يحسّ بوصمة عار في جبينه على موقفه ذاك ) ومع أن مجلس الأمن لم يعط تفويضا بغزو العراق ، فقد قامت به أميركا وبريطانيا دون اعتبار لمجلس الأمن أو للعالم.. ولسوء حظ العراق آنذاك كان رئيس روسيا سكّيرا أطلق العنان لأميركا والغرب ليتصرفوا به وببلاده وبالعالم كما يشاؤون.
تمت عملية غزو العراق ،وقتل نصف مليون من شعبه ، ودمر البلد ، وهجّرت الملايين من سكانه بناء على أكاذيب وفبركات ، وهذا ما أيقظ ضمائر بعض المفتشين الدوليين ودفعهم للاعتراف بأنهم كانوا
يستخدمون من قبل الاستخبارات الأميركية لإطالة مدة التفتيش ، وتنفيذ أجندة وأهداف أميركية وبريطانية وإسرائيلية ، وهذا ما جاء في كتاب المفتش الأميركي ديفيد كاي الذي وضعه بعد احتلال العراق ، وكشف فيه حجم التواطؤ الدولي ضد العراق ، ودور المخابرات الأميركية في آلية التفتيش وكتابة التقارير.
كشفت وزارة الدفاع الروسية فبركة الفيديو الذي بثته جماعة الخوذ البيضاء بعد دخول القوات الروسية إلى دوما ومقابلتها لأطباء المستشفى الذي صور فيه الفيديو ، والمرضى والسكان ، ومع ذلك أصرّ ترامب وأتباعه على ضرب سوريا، ونفّذوا عدوانهم قبل دخول بعثة التحقيق الدولية إلى دوما ، انتقاما للشعب السوري الذي دفنوه تحت أنقاض الرقة ودير الزور وعفرين... فهل ننتظر أسابيع أو شهورا حتى يخرج علينا بعض المسؤولين الغربيين معتذرين عن العدوان بعد تكشف زيف المعلومات ؟
qatamisamir@hotmail.com