Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Jun-2017

واقعنا بـدون رتـوش - د. محمود عبابنة
 
الراي - الدور المُنتج الذي يلعبه الأردن علـى السّاحة الدوليّة هو دور مشهودٌ ومتميزٌ في المنطقة، فرغم قلة إمكانياته وحجم مساحته إلا أن حراكه المتميّز يعود إلى السياسة الدوليّة المتوازنة للملك الذي نجح في تكريس مصداقيته وحكمته كزعيم عربيّ مسلم يُستمع له ويؤخذ برأيه في شؤون المنطقة، وقد نجحت السّياسة الأردنيّة المُتزنة التي يقودها الملك في تجنيب الأردن شرور سياسة المحاور واجتياز بؤر التوتر ودوائر النار المشتعلة التي نشبت في أعقاب ما سمي بالربيع العربيّ الذي أتى على الأخضر واليابس في العراق وسوريا وليبيا واليمن.
 
يرفع الأردن شعار محاربة التطرف والإرهاب ويسوّق نفسه كبلدٍ مستقرٍ وآمن ومتسامح يؤمن بالاعتدال والوسطية والدولة المدنيّة، وقد تسلحت هذه المرافعة بمنتج أردنيّ يتمثل برسالة عمان للحوار بين المذاهب المختلفة، والأوراق النقاشيّة للملك ومهّد لحملة إصلاحات وطنيّة في أعقاب الرّبيع العربيّ طالت دستور البلاد وما نتج عن ذلك من إنشاء مؤسسات جديدة وتجذير مؤسسات أخرى موجودة، رغم تفاوت نسبة جدواها ومردودها، وتمّ كذلك إجراء الانتخابات النيابيّة في وقتها المرقوب.
 
هذا النجاح في السياسة الخارجيّة لا يتوازى أو يتساوى فيما يتعلق بوضعنا الداخليّ اقتصادياً واجتماعيّاً، فهناك أزمة ثقة مزمنة مع الحكومات المتعاقبة وحالة احتقان في جانب منها مبررة وفي جانب آخر ليس لها تفسير ناهيك عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة، ولكننا أيضاً ما زلنا ننعم بخبز مدعوم وشارع نظيف ورياضة مشي لسيدة مطمئنة بجانب الحديقة العامة ومراجيح للأطفال غير مسروقة وعودة آمنة للبيت بعد منتصف الليل.
 
ويشهد الأردن من حين لآخر ظواهر تدعو للفخر والاعتزاز، فعندما يصف المفوّض العام لحقوق الإنسان المُعيّن من قبل الحكومة بكل شجاعة وشفافية أنّ حالة حقوق الإنسان لعام 2015م هي «مكانك سر»، وعندما يصدر قاضٍ شجاع ونجيب حكماً بحق قائد قوات الدرك ومدير الأمن العام بتعويض بحوالي عشرين ألف دينار لسيدة أصيبت ممتلكات منزلها بأضرار نتيجة عملية مداهمة أمنية، بهدف إلقاء القبض على شخص مطلوب تسليمه، فإن ذلك كله يدل على أن هناك مؤسسات قائمة ونزيهة وبعيدة عن التدخل والتهديد والعزل.
 
يحمل الأردن لواء التحديث وتجويد التعليم وتوجيهه نحو نمو الاقتصاد المعرفيّ ومكافحة التطرف والإرهاب والتذكير بقضية العرب الأولى فلسطين بلغةٍ عصريّةٍ وينطق بها أمام المحافل الدولية لسان ملك عربيّ هاشميّ ويقف الحضور مصفقين بصدق وحرارة حول كلمات الملك الذي أجاد مخاطبتهم من حيث اللغة والمضمون، وقد أثمر ذلك علينا بمساعدات ومنح ومشاركات مع هذا البلد العربي ذي الهوية الإسلاميّة المعتدلة والذي نجح بالمحافظة على لحمته الوطنيّة كبلد عربيّ الهوى ينتصر فيه الأردنيّ المسيحيّ لعروبته مثل مسلميه، وينتصر الأردنيّ من شرق النّهر لفلسطين بما لا يقل عن الأردني من غرب النّهر.
 
تجتهد الحكومة بمحاربة آفات الإرهاب، والبطالة، والفقر، وإصلاح التّعليم وتجويد الخدمات فتصيب مرةً وتخفق مراتٍ عدّةٍ، تطالعك صفحة بمقال يهاجم النظام السوريّ في حربه ضد مسلحي المعارضة، وبمقالٍ آخر يهاجم المسلحين الذين يقاتلون النظام . يتم إيقاف تجّار الدجاج الفاسد، ويفلت مجرمو السّطو المسلّح على محطات الوقود، يتم افتتاح مركز طبي او توسعه في مستشفى متهالك، وبنفس اليوم يتم الاعتداء على طبيب طوارئ.
 
صحيح أن الأردن يخوض في حقل ألغام السّياسة العربيّة والدوليّة. ويمشي على حبل مشدود في طريق الإصلاح الذي اختاره وشعبنا الطيب ورغم منسوب التبرم الاجتماعيّ، والمعاشي المتذبذب ارتفاعاً وهبوطاً، وبعد أن تضآلت الثقة بالحكومات والمجالس النيابيّة، ما زال يحمد الله أنه أفضل من غيره، ويتفهم حدوده وإمكاناته، ويدعو لقائد الوطن بطول العمر، ويسلّم بأنّ الوضع العام لن يكون أفضــل ممّا كان، أو يـردّد « قدّر الله وما شاء فعل».