Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-May-2018

«إرث» عباس... والصراع على وراثتِه - محمد خروب

الراي -  قفزَت الى مقدمة المشهدين الفلسطيني والاسرائيلي , الحال الصحية لرئيس السلطة محمود عباس بعد أنباء متضارِبة (معظمها اسرائيلي) تتحدث عن تدهور طرأ عليها، فيما حرص مسؤولو السلطة وفي شكل لافت على نفي اخبار كهذه, بل ذهب بعضهم لوصفها بأنها «جيدة جداً» وان «سيادة الرئيس سيُسرّح من المشفى الذي مكث فيه بضعة ايام.. قريباً»، ما عكس ضمن امور اخرى, اضطرابا في مواقف هؤلاء الذين بات بعضهم يوصَف بانه جزء من المعركة الدائرة الان لوراثة الرجل الذي تجاوز الثمانين بـ»عامين» ولم يعد قادرا – ولو جزئياً – على مواصلة المسؤوليات التي يضطلع بها, وبخاصة انه يجمَع بين يديه رئاسة ثلاثة مناصب رفيعة... رئيساً للسلطة وحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. ما يعني ان الصراع على «تركة» عباس سيشمل هذه «المناصب», في مرحلة ليس من الخطأ او المجازَفة القول: ان احداً من «الورثة» لن يتمكن من الاستحواذ عليها, كما هي الحال مع عباس وقبله الزعيم الراحل ياسرعرفات.

مصادر اسرائيلية حكومية وأمنية وإعلامية بدأت مباشرَة او موارَبة, تتحدث عن «بداية نهاية مرحلة عباس», وإن كانت تعترف أنه من غير الواضح كم ستطول هذه الفترة. فيما توقّع بعض كُتّاب الأعمدة والمحللين السياسيين، سماع بعض الدعوات لاستغلال الوضع الفلسطيني الغامض الراهن (وضع عباس الصحي والصراع المتوقّع على وراثته) لإجراء تغييرات أحادية الجانب في العلاقات مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. (على ما قال عاموس هرئيل في هآرتس 5/22 (الذي أضاف: «ان رؤساء الاذرع الامنية يعتقِدون ان العكس هو الصحيح، ويعتبِرون ان التنسيق الامني مع عباس ورجاله يُعتبر بالنسبة اليهم ذخرا استراتيجياً, من المهم الحفاظ عليه في فترة الورَثة او الوريث».
حال الغموض والضبابية التي يعيشها رجال السلطة المقرّبون من الرئيس الفلسطيني، تنعكس بشكل او آخر على الجانب الاسرائيلي, الذي كان يتمنّى لو ان اجواء كهذه سبقت التطورات والتغييرات الدراماتيكية التي طرأت على مشهد الصراع, وبخاصة قبل مجازر غزة ونقل السفارة الأميركية الى القدس المحتلّة, وقبله ذلك كلِّه الإعتراف بالمدينة المحتلة «كاملة» عاصمة لدولة العدو الصهيوني.
اذ ربما كان بمقدورهم (الاسرائيليون) حينئذٍ, الإسهام او إنضاج مناخات كفيلة لإيصال من يَروّن انه أقرب الى «خط» عباس, الى رئاسة السلطة. وربما الضغط وحياكة المؤامرات لتمكينه من جمع المناصب «الثلاثة» التي يُمسِك بها الرئيس الفلسطيني، لكن طبيعة العلاقات المتدهوِرة «نسبياً» بين السلطة وحكومة نتنياهو الفاشية, والقطيعة التامة بين السلطة وإدارة ترمب العدوانية, والتسريبات المتلاحِقة والمركّزة والمقصودة بذاتها ولذاتها, عن محتويات ونصوص «صفقة القرن» التي ينوي ترمب وفريقه الصهيوني الكشف عنها منتصف حزيران القريب او قبل نهايته، لا تمنح اجهزة الأمن الاسرائيلية رغم علاقاتها الحسَنة (ودائما نسبيا) مع اجهزة امن الفلسطينية من الفرص والإمكانات لإيصال شخصية كهذه, او تمكينها من الامساك «الكامل» بالقرار الفلسطيني «سلطة وحرَكة ومنظمة تحرير».
يبقى الحديث عن احتمال إفتراضِيّ, قد يكون واردا في ذهن الرئيس عباس. الذي يبدو انه – كما المقربون منه – وهي حقيقَة انه بات كبيرا في السن ومريضاً, وبالتالي اعلان تنحِّيه او استقالته من «مواقِعه» وقيامه قبل ذلك بتوزيع «ترِكَته» على من يرى انهم (أو أنه) قادر على مواصلة النهج الذي تبنّاه وسار عليه, وهو «النضال الشعبي» بالوسائل السلمية ضد اسرائيل, والرفض المطلَق للكفاح المسلّح (الذي يصفه علَناّ بالإرهاب)؟. فهل ثمة احتمال كهذا يُقدِم الرئيس الفلسطيني... عليه؟
المؤشِّرات تشي بأن الرجل الذي لم يلجأ عند وصوله الى الموقع الأول, لـِ»تصحيح» ما كان يعتبره خطأً ارتكبه سلفه عرفات, بحمله اكثر من «بطيخة» في يد واحدة (الرئاسات الثلاث بالاضافة الى منصب القائد العام لقوات الثورة) لا يبدو بعد اربع عشرة سنة من إمساكه بهذه الرئاسات, وبعضها انتهت ولايته فيه كمنصب رئاسة السلطة في كانون الثاني 2009 .ما قد يعني مواصلته قيادة السلطة ما دام قادرا على ذلك, اللهم الاّ اذا طرأ تدهور جديد على صحته ونشأت ظروف تحول امكانية قيامه بمسؤولياته, ما يستدعي البحث عن بديل(أو بدائل) مؤقت او دائم، الامر الذي قد يترتّب عليه اندلاع «حرب» وراثة حقيقية, بين المطروحة اسماؤهم حالياً في وسائل الإعلام, وهم كما روّجت المصادر الاسرائيلية... «ستة» اشخاص، وقد تبرز أسماء أخرى (او اسم محدّد) في اللحظة الاخيرة، تدفع به عواصم اقليمية ودولية, وربما يكون»الحصان الأسود» الذي سيُراهن عليه معسكر اقليمي, ويُجري التحضير لإشهاره بعد ان بدأت الضغوط الاميركية الاسرائيلية على ايران وسوريا وحزب االله, تسير بتسارع نحو خيار الحرب, التي قد تندلع في اي لحظة, نتيجة قرار مُسبَق او خطأ غير مقصود.. يتدحرَج نحو الانفجار.
اكثر ما «يُقلِق» اسرائيل ـــ التي تتوفر على اوراق عديدة يمكنها الاستثمار فيها ـــ بمواجهة اي تطور قد يطرأ على رئاسة السلطة (وفي الضد من رغبتها), هو حدوث فوضى أمنِيّة في مرحلة ما بعد الرئيس عباس, والتي قد تأخذها الى مواجَهة مع بعض اجهزة السلطة الامنِيّة والخلايا النائمة لبعض الفصائل الفسلطينية في الضفة الغربية، وهو تطور – إن حدَث – قد يُغيّر كثيرا وعميقا في المعادلة الأمنِية والسياسية, التي ميّزت علاقات السلطة في عهد عباس, مع الحكومة الفاشية في تل أبيب.
kharroub@jpf.com.jo