Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Oct-2017

تمخّض ترمب.. فَوَلَدَ «كلاماً» - محمد خروب

 

الراي -  ليس ثمة ما يدعو بعض دول المنطقة لـ»لاحتفال» بالخطاب الذي ألقاه الرئيس الاميركي من إحدى قاعات البيت الابيض، تولّت فضائيات عربية نقله على الهواء مباشرة، وأخذت بعض فقراته تحت بند «العاجل الأحمر» الذي إذا ما دققّ المرء في محتوياته، فإنه لا يكشف الكثير عن تلك التوقعات التي امتلأ بها فضاء التحليلات التي أخذت حيزاً كبيراً في النقاش، حول ما سيُعلنه ترمب؟

وما إذا كان سيُصنّف الحرس الثوري الايراني القوة الضاربة والمؤثرة في السياسة الايرانية الخارجية كمنظمة «ارهابية»؟ والتي أتخذت منها طهران «فرصة» لتهديد واشنطن مباشرة، بأن خطوة كهذه ستُقابَل بمعاملة «الجيوش» الاميركية في المنطقة تماماً كتنظيم «داعش»، الأمر الذي وجد صداه في اوساط حزب الحرب الاميركي، وخصوصاً لدى الجنرالات «الثلاثة» الذين يُمسكون بالقرار في البيت الابيض، وهم كبير موظفي البيت الابيض ومستشار الأمن القومي ووزير الدفاع، وهم الذين «فَرْمَلوا» ايضاً اندفاعة ترمب، الذي اكتفى بوصف «الحرس الثوري» بأنه «الحرس» من العقوبات «القاسِية» التي قيل انها ستُفرض «داعم» للارهاب، وهي تهمة اميركية معروفة ولن يتأثر عليه.

هذا اولاً، أما اللافت في الخطاب الذي فاض حماسة، بدا فيه ترمب مُركِّزاً على النص الذي امامه شاخصاً بعينيه على «المونيتور» حتى لا يقع في خطأ جسيم (كعادته) او يخرج
على النص المكتوب، الذي بدا من صياغته وكأن واضعوه ارادوا ان يقولوا كل شيء ولا يقولون شيئاً في واقع الحال، لان «عقوبات» على الدولة الايرانية لم تفرض من الادارة مباشرة.. بعد، بل تُركت للكونغرس كي يقرر في شأنها في مدة لا تزيد على 60 يوماً، كذلك فإن الحرس الثوري لم يُصنف كمنظمة ارهابية، كما سبق القول وكما تم تسريب الأمور من قبل اوساط اميركية وصهيونية راهنت على خطوة دراماتيكية كهذه، كانت ستقود الى مواجهة ميدانية سريعة وبخاصة ان «الجيوش» الاميركية في كل من سوريا والعراق، دع عنك «مياه» الخليج والقواعد الاميركية في المنطقة.. حتى وإن فسّر البعض – رغائبياً كما يبدو – بأن مجرد تحويل ملف العقوبات على الحرس الثوري الى وزارة الخزانة الاميركية يعني «عُرْفاً»، انه بات في نظر ادارة ترمب «منظمة ارهابية»، وهو كلام يفتقِر الى الدِقّة، ما دام أحد في الادارة لم يُصنّفه رسمياً بذلك.
 
وإذا ما اضفنا ردود الفعل الفورية التي صدرت عن الاطراف الاخرى الموقِعة على «اتفاق فيينا» بتاريخ 2015/7/4 وخصوصاً حلفاء واشنطن انفسهم، في الاتحاد الاوروبي كفرنسا وبريطانيا والمانيا الذين اصدروا بياناً مشتركاً يلفت نظر الكونغرس الاميركي الى المخاطر الكامنة بإلغاء الالتزام الاميركي بالاتفاق على المصالح الاميركية وعلى الحلفاء انفسهم، فإن نتيجة خطاب ترمب ستكون محدودة (حتى لا نقول صِفرية) في ظل رفض طهران المُطلق إدخال اي تعديل او تغيير على النص الاصلي للاتفاق، فضلاً عن الموقف الحاسم لموسكو الرافض بالقطع لفرض اي عقوبات على ايران من خلال مجلس الامن، في الوقت ذاته أكدت فيه (موسكو) انها ملتزمة التزاماً كاملاً بنص الاتفاق و»روحه»، ولم تكن الزيارة التي أُعلِن ان الرئيس الروسي بوتين يعتزم القيام بها الى طهران قريباً، سوى رسالة واضحة على ان روسيا لن تسمح لواشنطن بان تُملي على المجتمع الدولي جدول أعمالها، وبخاصة في شأن الاتفاق النووي مع ايران الذي ما تزال الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد ان ايران ملتزمة به نصاً وروحاً.
 
تبقى المسألة الاكثر لفتاً للانتباه في كلمة ترمب والتي دارت حول برنامج ايران الصاروخي الباليستي، والذي يبدو انه بيت القصيد في كل هذه الضجة المتدحرجة التي افتعلتها ادارة ترمب، بعد ان تم لجمها وكبحها في المسألة الكورية، التي يبدو ان بيجين وموسكو افهمتاها بأنه محظور عليها «التهوّر» تحت طائلة المغامرة باندلاع حرب شاملة لا أحد يعلم مداها هذه المرّة، مقارنة بالحرب الكورية التي استمرت ثلاث سنوات منتصف القرن الفارط (1950 – 1953 ،(إذا ما فكّرت بغزو كوريا الشمالية اوالتحرش بها، ولهذا تم تحويل الاستهداف الاميركي نحو ايران باعتبارها كوريا شمالية «جديدة «على ما وصفها وزير الاستخبارات الاسرائيلي اسرائيل كاتس، الذي لم يستبعد ان تؤدي كلمة ترمب «المهمة جداً» في نظره، الى «حرب» مع ايران. دون الانزلاق بالطبع الى استنتاج قاطع بان الازمة مع بيونغ يانغ قد نزلت عن جدول اعمال الرئيس الاميركي، غير المتوقعة أعماله والمرتبِك والمهدّد بسيف العزل والإقالة، الذي ما يزال مُسلَطاً في ظل عدم انتهاء التحقيقات التي يقوم بها المحقق الخاص، مدير الFBI السابق.
 
محاولة واشنطن إدخال تعديلات على الاتفاق والخاصة بالبرنامج الصاروخي الايراني، هي التي برزت كنطقة مهمة ومركزية في خطاب ترمب، ما يعني ان «اسرائيل» هي التي كانت محور تفكير ترمب عند إعداد خطابه وبخاصة ان طهران لا ترفض ادخال تعديلات على الاتفاق فحسب، بل هي اعلنت انها ماضية قدماً في تسريع برنامجها الباليستي لاسباب دفاعية، الأمر الذي أقلق نتنياهو وإن كانت الصحف ومحطات التلفزة الاسرائيلية لم تجد في كلمة ترمب جديداً او عقوبات «قاسية» يمكن ان تدفع طهران للتراجع او الاستجابة للابتزاز الاميركي.
 
في السطر الأخير يصعب فهم او تفهّم بعض الترحيب «العربي» بكلمة ترمب، التي اشّرت الى حقيقة ان لا شيء يتقدم في الاهتمام الاميركي بـِ «حارتنا» هذه، سوى اسرائيل وأمنها، ونتنياهو وحده(نعم وحده) هو الذي أُحيط علماً بكل ما سيقوله ترمب في خطابه. أبهذا أنتم فَرِحون؟.
kharroub@jpf.com.jo