Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-May-2017

مستقبل المشروع الصهيوني - غيرشون هكوهن

 

إسرائيل هيوم
 
الغد- تمهيدا لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، فتحت معركة جديدة على مستقبل شعب إسرائيل في بلاد( أبائه وأجداده)، اشعالا من جديد لامل الساعين الى الانفصال والانسحاب في يهودا والسامرة وفي القدس، انضم ايهود باراك في انتقاد شديد على كتاب ميخا غودمان "شرك 67". يتركز النقاش في مسألة هل يمكن لدولة إسرائيل ان تدافع عن نفسها كما ينبغي، حتى بعد الانسحاب من يهودا والسامرة؟
جواب باراك قاطع: الامتناع الإسرائيلي عن الانفصال عن الفلسطينيين وعن الانسحاب الى خطوط 67، مع تعديلات في الكتل الاستيطانية، هو في نظره "تهديد وجودي مؤكد على مستقبل المشروع الصهيوني"، اما التهديدات التي من شأنها ان تتشكل بعد الانسحاب فهي "مخاطر فنية عسكرية". اما الفرضية الاساس لليمين، التي تشخص في الانسحاب المحتمل تهديدا جديا فيلغيها باراك. إسرائيل، في نظره، هي الدولة الاقوى في المنطقة من الناحية العسكرية. إذا ما تمكنت فقط من تحقيق الخطوات المتوقعة منها، فبوسعها، حسب تقديره، مواجهة المخاطر العسكرية من كل نوع ممكن. غير أن التاريخ يعلمنا بأن حتى القوى العظمى من شأنها أن تفشل كالروس والأميركيين في افغانستان.
منذ فك الارتباط عن غزة في صيف 2005، يوجد لشعب إسرائيل نموذج للمقارنة الملموسة بما من شأنه أن يحصل ويهدد أمننا من دولة فلسطينية في المناطق. ومسألة كيف يمكن ضمان الا يحصل واقع بالمنطق المشابه لقطاع غزة بشدة أكبر في الضفة، وهذه المرة في مواجهة التجمعات السكانية الإسرائيلية الاساس في السهل الساحلي، يمكن شرحها لطفل ابن خمسة.
باراك ومؤيدوه يعدون بأن تكون الدولة الفلسطينية مجردة من السلاح. يجدر بنا ان نستوضح الى أي مدى يمكن لهذا الوعد أن يتحقق، ولا سيما في عصر يتوفر فيه انتشار السلاح في العالم لكل من يزيد في السعر، قدرة التهريب غير القابلة للرقابة، مثلما يحصل في ضخ السلاح لحماس في غزة ولحزب الله في لبنان الى جانب قدرة الانتاج المحلية التي تواصل التطور. النهج الاخر، الذي يستبعده باراك بصفته يمينيا وهميا، يدعي بأن ابقاء حالة التجريد حيوية للحفاظ على جهد أمني دائم في المناطق في ظل العزل التام للمنطقة ومن خلال التواجد المدني الإسرائيلي الذي يقيم نمط حياة عادية في المجال.
لنفترض للحظة، كما يدعي باراك، بأن اليمينيين يعانون من ادخال الايديولوجيا الى اعتباراتهم، ولكن ما العمل في أن العمق الاستراتيجي لقاطع الشاطئ الضيق لم يولد في عقل اليمينيين. في كتابه "مثل الآن غدا" الذي صدر في 1978، كتب شمعون بيرس ما يلي: "إذا قامت دولة فلسطينية منفصلة، فستكون مسلحة من اخمص القدم الى الرأس، كما ستكون فيها قواعد لقوات المخربين الأكثر تطرفا، بل وسيكونون مزودين بصواريخ كتف مضادة للطائرات والدبابات، لا تعرض للخطر فقط المارة بل وكل طائرة ومروحية تقلع في سماء إسرائيل، كل مركبة تتحرك في شرايين الحركة الاساس للسهل الساحلي… المشكلة الاساس ليست الاتفاق على التجريد من السلاح بل تنفيذ مثل هذا الاتفاق عمليا" (صفحة 255).
يوجد حدود لكل شيء
مثل الكثيرين ممن يؤيدون الانسحاب، يدعم باراك حججه في أن معظم خبراء جهاز الأمن يؤيدون نهجه. عدديا هذا صحيح ولكن ماذا يعني هذا. فقد تعلمنا من غاليليو كم هو التقدم منوط بالتفكير العلمي النقدي وتطويره. والادعاء بأن الرأي يكون صحيحا علميا لكونه رأي الاغلبية، يعود للكنيسة أو للمؤسسة الحاخامية الفقهية. لا أنشتاين ولا شيختمان نالا في بداية طريقهما تأييد اغلبية الأسرة العلمية.
أمامنا فرصة لاستيضاح مدى خبرة كبار المسؤولين في جهاز الأمن عندما يبحثون في المسائل الاستراتيجية. في بداية حرب الاستقلال، في نقاش مع جنرالات هيئة الاركان، قرر دافيد بن غوريون: في الشؤون الفنية سنستخدم مشورة الخبراء. ولكن المقررين في كل شيء لن يكونوا الخبراء، بل ممثلي الشعب. ليس الخبير هو الذي يقرر اذا كنا سنخوض حربا أم لا. وليس الخبير هو الذي يقرر إذا كنا سنحمي النقب أم لا ("في قتال إسرائيل"، صفحة 80). وفي مسألة مستقبلنا في المناطق أيضا، للخبراء مجال لابداء الرأي ولكن ينبغي لنا أن نتذكر بأن هذه ليست مسألة رجال مهنة عديمي الانحياز السياسي. في المسائل الاستراتيجية، بخلاف المسائل الفنية، لا نجد أن الخبراء مطلعين على ما سيحصل.
يدافع باراك في مقاله عمليا عن موافقته كرئيس وزراء إسرائيل في العام 2000 على حل الدولتين، في صيغة مبادئ كلينتون. الفجوة بين الخطوط الهيكلية التي وافق عليها اسحق رابين في مسيرة اوسلو، وبين مبادئ  كلينتون، جوهرية. ففي خطابه الاخير في الكنيست في 5 تشرين الأول (اكتوبر) 1995، شدد رابين على أربع مباديء اساس:
1. "نحن نتطلع للوصول الى وجود دولة إسرائيل كدولة يهودية، 80 في المائة على الاقل من مواطنيها يهود". 
2. "أولا وقبل كل شيء، القدس الموحدة، التي تضم ايضا معاليه ادوميم، وجفعات زئيف، كعاصمة إسرائيل، بسيادة إسرائيل". 
3. "الحدود الأمنية لحماية دولة إسرائيل تكون في غور الاردن، بالمعنى الاوسع لهذا المفهوم". 
4. بالنسبة لهوية الكيان السياسي الفلسطيني الذي سيقوم في مجال بلاد إسرائيل غربي الأردن: "سيكون هذا كيانا اقل من دولة ويدير بشكل مستقل حياة الفلسطينيين الخاضعين لامرته". أما مبادئ كلينتون، التي وافق عليها باراك وايهود اولمرت، فتؤدي بالمقابل الى تقسيم القدس وهجر السيطرة الواسعة في غور الأردن. هذا خروج حقيقي عن فكر رابين، الذي قرر سيطرة في مجال الغور بـ "التفسير الاوسع للكلمة". في نمط تفكير وهمي وصف باراك مفترقات القرارات لدينا بأنها لازمة الخيار بين طريقين فقط: إما الانسحاب من الضفة أو التدهور الى دولة أبرتهايد. بعد تطبيق عناصر اساس في اتفاقات اوسلو يبرز السؤال كيف يمكن الحديث بشكل جدي عن استمرار حكمنا لشعب آخر في ميل الابرتهايد؟ فمنذ كانون الثاني 1996، بعد الانسحاب الإسرائيلي الكامل من المناطق المأهولة في الضفة (مناطق أ و ب) والانسحاب من غزة اكتمل في أيار (مايو) 1994، انتهى عمليا حكمنا على شعب آخر. نحو 90 في المئة من عموم السكان الفلسطينيين في الضفة يعيشون منذئذ تحت سيطرة السلطة الفلسطينية فيما أن حماس تدير حياة السكان في قطاع غزة. بقي الخلاف على مجال القدس وعلى المجال الذي يسمى مناطق ج. في هذه المجالات، تحت سيطرتنا – وبينها كل المستوطنات، معسكرات الجيش، الطرق الرئيسة، المناطق المسيطرة الحيوية والمجال المفتوح على غور الأردن – كان في فكر رابين الحد الأدنى اللازم للحفاظ  على مجال إسرائيلي قابل للدفاع. مع حلول زيارة ترامب وتطلعه لتحقيق صفقة يجدر بنا أن نعرب عن موقف إسرائيلي ذي أساس من الاجماع الوطني الواسع: نعم لمبادئ رابين، على اساس مبادئ خطابه الاخير ولا لمبادئ كلينتون – باراك.