Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Jun-2017

مثقفون لا يقرأون - مي شُبّر
 
الغد- قد يكون العنوان مثيراً للجدل، لكنها الحقيقة كما قال لي يوماً وأنا اطلب منه قراءة ما كتبت ليبدي رأيه وملاحظاته ليكتب بعد ذاك تقديماً لكتابي الجديد. قال: أستطيع استلام أوراقك لأعيدها بعد اسبوع وأقول لك جيدة بل وممتازة دون أن أقرأ منها سطراً واحداً غير المقدمة كما يفعل الكثيرون، لكني آثرت الصدق والصراحة معك لما أكنه لك من احترام وتقدير فأنا يا عزيزتي لم اقرأ كتاباً منذ اكثر من سنتين، وهذا ما يسبب لي الإحراج حين أُسأل في مقابلة تلفزيونية أو ريبورتاج صحفي. وبالفعل كان لي لقاء قبل شهرين في إحدى الفضائيات وبعد ان أطلعتني مقدمة البرنامج على الأسئلة قبل الهواء طلبت منها حذف سؤال آخر كتاب قراته. إذ بم أجيب وكل يوم تصدر ملايين العناوين وأنا لم أقرأ منها واحداً!!
تبدأ ثقافة المرء منذ مرحلة الدراسة الثانوية حين تظهر اهتمامات المراهقين بالرياضة عند بعضهم أو الرسم أو القراءة والمطالعة بشغف ونهم، فيبدأ يقرأ شعراً وقصة ورواية ومقالات من الصحف والمجلات كذلك التاريخ وعلوماً وسياسة وديناً، حتى يصبح لديه خزين يعينه لسنوات العمر اللاحقة ويوصوله المرحلة الجامعية، حيث التخصص في الدراسة. يبدأ كذلك التخصص في نوع القراءات أيضاً. كما يبدأ بعضهم بالكتابة وقد تسنح الفرصة له بالنشر في الصحف والمجلات مستعيناً بما لديه من خزين العلم والمعرفة، متوجاً بقراءات حديثة، فالكلمة المكتوبة هي الكلمة المقروءة؛ هكذا قيل. فتبدأ رحلة الكتابة والنشر لدى بعضهم يصاحبها الفرح والسرور بقراءة اسمه في صحيفة او مجلة ثم يزداد الفرح أكثر حين يصبح له قراء ومعجبون عند صدور كتاب او ديوان شعر، فيصل للشهرة ويصير مطلوباً ليستكتبه الكثيرونِ. وما إن يُصبح معروفاً ومشهوراً أكثر حتى تتلقفه بسباق محموم المؤسسات الثقافية لإحياء امسية او مشاركة في ندوة او مؤتمر، وبعد سنوات وقد صار اسمه لامعاً بين المثقفين حتى يُطلب منه ان يكون ضمن لجنة التحكيم في المسابقات والجوائز الثقافية، وقد يترأس تلك اللجان. ويحصل ان يتم ترشيحه وتعيينه رئيس مجلس إدارة او رئيس تحريرصحيفة مهمة أو مديراً عاماً أو سفيراً او وزيراً.
عصرا، وقد اصبح من المشاهير، فلديه ارتباطات اجتماعية؛ يطلب منه حضور جاهة خطوبة او المشاركة في مجلس عزاء وما بينهما من زيارات لمناسبات مختلفة. في البيت هو رب اسرة وعليه التزامات وواجبات، وإن عاد مساء ليتصفح كتاباً قرب وسادته عليه ان يتحمل غضب الزوجة واتهامها له بأنه مهمل زوجته واولاده ومنشغل بحياته الخاصة فقط.
لملمت أوراقي وهممت بالمغادرة ولم يفته ملاحظة خيبة الأمل والخجل على وجهي فلا يُخجل المرء أكثر من ردّ طلبه. 
استدرك الأمر ولحق بي إلى الباب، وبلباقة وذوق سحب الأوراق من يدي معتذراً: لا استطيع أن أردّ لك طلباً لكني كنت صادقاً وصريحاً معك، واعلمي ان طلبة المدارس والجامعات يقرأون اكثر من بعض  المثقفين الكبار.