Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Sep-2019

هل يستعد الرزاز ليكون قرباناً جديداً للشارع؟: ندّية “مفتعلة” مع نتنياهو بعد إعلان ضم البحر الميت وغور الأردن.. وتساؤلات الولاية العامة تتفجّر: لمصلحةِ مَن يتصدّر الرئيس؟.. عمّان تحت أقسى درجات الضغط ب

  “رأي اليوم” – فرح مرقه:

يتصدر فجأة رئيس الوزراء الأردني الدكتور عمر الرزاز مشهد التعليق السياسي على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ضم غور الأردن وأجزاء من البحر الميت بعدما أثارت تصريحات الأخير موجة انتقادات عارمة في العالم كله، الدكتور الرزاز نُقل عنه قوله ان “إعلان نتنياهو يشكّل تهديداً حقيقيّاً لمستقبل السلام” وتحذيرات من مغبّة استخدام مثل هذه التصريحات ضمن الدعاية الانتخابية.
تصريحات رئيس الوزراء ملفتة بصورة كبيرة، إذ لا تحمل فقط البعد السياسي السيادي ولكنها تحمل أبعاداً كثيرة أخرى، خصوصا في مرحلة من أعصب مراحل التأزم السياسي والاقتصادي للأردن في الداخل والخارج.
عّمان تحيا واحدة من أسوأ مراحلها خلال الربع قرن الماضية، فالضغوط من كل اتجاه، وما دعاية نتنياهو الأخيرة والتي تعني احتكاكاً اكبر مع السيادة الأردنية على الجانب الاخر من غور الأردن والبحر الميت، وتعني بالضرورة تصعيدا مع الفلسطينيين، وتضيف عراقيل ضخمة في طريق حل الدولتين الا تكاثرٌ للأعباء على المملكة الهاشمية ووصايتها على المقدسات من جهة، وعلى علاقتها الاستثنائية مع الفلسطينيين من جهة ثانية.
يحصل هذا بالنسبة لعمان بينما تتحضر لاستلام أراضيها التي خرجت من ملحق اتفاقية وادي عربة في الباقورة والغمر في 10 من شهر تشرين ثاني/ نوفمبر المقبل، وهي الخطوة التي من الواضح انها لن تمر على البلاد بردا وسلاماً، وستزيد أعباء المملكة السياسية.
من زاوية أخرى وفي سياق القضية الفلسطينية تحديدا، تتحضر العاصمة الأردنية للسيناريوهات الأسوأ من صفقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي تعرف بـ “صفقة القرن”، وبات من الواضح لديها أنها ستدفع الثمن الأبهظ ليس فقط لان الإسرائيليين يضغطون على عمان، ولكن لان جارتها الجنوبية تضغط وبقسوة في ذات السياق أيضا.
الرياض تحيا مع عمان ازمة متزايدة ومتصاعدة تحت الرماد، والأردن يصرّ على عدم التصعيد رغم ان الأولى تصعّد وبوضوح تارة باحتجاز مواطنين أردنيين لديها وأخرى في انهاء اعمال اخرين إلى جانب الضغط السياسي والاقتصادي الذي لا يبرئ مراقبون الجارة الجنوبية منه.
بهذا المعنى فإن ملف الضفة الغربية وإعلان نتنياهو الأخير، يضيف سببا جديدا لتلك التي تجعل العاصمة الأردنية غير متحمسة ابدا لولاية جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد ضدها.
كل ما سبق لا يعدو كونه ايجاز عما تواجهه العاصمة الأردنية من ضغوط في الملف الفلسطيني، وقد بات طول المدة قبل اعلان ترامب لخطته للسلام يضيف عبء الوقت وعامل الزمن على كاهل الأردن الذي بكل الأحوال يحيا أزمات داخلية تتكاثر وتتزايد كالفطر.
في شكل تصريحات رئيس الوزراء الأردني الدكتور الرزاز، هناك محاولة لخلق “ندّيّة” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وإظهار الرزاز بمظهر القوي المالك لزمام التصريحات في السياسة أيضا، وهنا يدرك الأردنيون ان الصورة وهمية وقد لا تعكس تماما الواقع في الأردن، حيث غاب الرئيس منذ توليه منصبه (قبل 15 شهرا) عن الملف السياسي وتحديدا المتعلق بالسياسة الخارجية، وكانت “رأي اليوم” قد استمعت منه لأولوياته منذ بداية استلامه منصبه ولم يكن شق السياسة الخارجية ضمنها.
السياسة والعلاقات الخارجية ملف محصور بالقصر الملكي بالعادة، وحتى في العرف الأردني فإن وزير الخارجية (في هذه المرحلة أيمن الصفدي) يتبع لسياسات القصر، وهنا يتندر السياسيون بالعادة على كون الخارجية أساسا لا ينبغي ان يكون لها حقيبة وزارية من الأساس باعتباره كل مهام وزيرها لا تخضع للتقييم الحكومي- ان كان هناك أي تقييم-.
بهذا المعنى، فإن تصريح الرزاز لا يفهم فقط في سياق يُراد له فيه ان يظهر بندّية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، ولكن الأهم والأخطر انه يبدو كمن يُراد له الظهور بمظهر المالك لزمام المشهد، وهذا مع حالة الدكتور الرزاز مؤشر على اقتراب مرحلة التضحية بالرجل.
الرزاز ظهر قبل يومين على شاشة التلفزيون الأردني في لقاء خاص بدا فيه كمن يريد ان يقول كلمة الفصل في ملف المعلمين والذي دحرجته حكومته في حجره وضخّمته بعقليتها الأمنية بلا مبررات حقيقية. ظهر الرجل في النهاية ليكرر ما تقوله حكومته عن ربط الحافز بالاداء، متناسيا ان المعلمين لا ينادون أصلا بحوافز في هذه المرحلة، ومتجاهلا ان أعضاء حكومته حتى اللحظة لم يتطلع الأردنيين على تقييم أدائهم.
تحجّر موقف الحكومة في هذه المرحلة يزيد أزمات الدولة وفي توقيت حساس وصعب يُفترض ان المعلمين يدركونه جيدا، لا يزيد الأمور الا تعقيدا، وظهور الرزاز بهذه الصورة وفي مرتين متتاليتين كمالك زمام المشهد الأردني يعكس عمليا ان الرجل يتحضر ليحمل كلفة وعبء الإخفاقات في الملفين السياسي والاقتصادي، وهنا على الاغلب هو لم يخرج عن سيناريو أعدّ له سلفا، اذ تتحدث الاقنية الخلفية للدولة عن حل وشيك للحكومة والبرلمان، وما سلسلة جولات الملك عبد الله الثاني “متخفّيا” والتي عادت مجددا للمشهد الا دليل إضافي على ان الرئيس سيحمل وزر السابقين واللاحقين وعلى الاغلب فهو ينتظر ذلك، الا لو قرر ولمرة واحدة ان يخرج عن النص.