Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Oct-2019

الكويت.. لماذا تنكأون الجرح!*موفق ملكاوي

 الغد-لا أستطيع الجزم إن كان ما حدث خلال مباراة كرة القدم بين المنتخبين الشقيقين؛ الأردني والكويتي، هو عمل مدبر أم لا، ولكننا رأينا، وعلى امتداد عقود، كيف يمكن لفئة غير واعية أن تزعزع علاقات مستقرة مبنية على الاحترام والمصالح المشتركة بين الدول.

لا أريد هنا أن أكتب عن العلاقات الأردنية الكويتية، فهي ليست مجال اهتمامي، وأنا لا أستطيع أن أكون أمينا في الكتابة عنها، لأنني أجهل كثيرا من طبيعتها، رغم أن الكويت ظلت على الدوام من الدول المساندة للأردن، خصوصا خلال الأزمة الاقتصادية الأخيرة. أنا هنا أكتب عن منعطف حاد في تاريخ الأمة العربية، لمن لا يعرفونه، اسمه احتلال الكويت.
الإساءة التي صدرت من جزء من الجمهور الأردني، لم تكن عادية، فهي حاولت أن تنكأ جرحا قديما احتاج لأكثر من ربع قرن لكي يتم التعاطي معه على قاعدة أن ما حصل قد حصل ولن نستطيع تغييره، رغم أن آلاف العائلات الكويتية والعراقية أيضا، ما تزال عيونها تغيم بالحزن والدموع كلما مر في البال طيف تلك الحرب العبثية التي لم تجلب سوى المآسي لجميع العرب.
الاستهانة بالمشاعر الإنسانية لأشقائنا تنبئ عن عطب أخلاقي لا يمكن مداواته، ولا يمكن التعاطي مع من يحملونه على أنهم بشر مثلنا، فهم بالتأكيد يفتقرون إلى أبسط الاشتراطات الإنسانية التي تمكنهم من أن يكونوا معنا في الصف الإنساني ذاته.
أي شخص يريد أن يسخر من اجتياح الكويت، لا بد له أن ينظر أولا إلى تلك الحرب العبثية التي كلفت في حينها أكثر من 60 مليار دولار. لكن كلفتها الحقيقية دفعها العرب لاحقا، والتي تمثلت بانقسام وشرخ كبيرين بين الدول العربية، كان من نتائجها أن تم فرض ما يسمى السلام مع العدو الإسرائيلي على بعض الدول، مثل الأردن والفلسطينيين، وأدت، كذلك، إلى أن تصبح الأرض العربية مقرا دائما للقوات الأجنبية. وأيضا أدت إلى تراجع التأثير العربي في القرار الدولي، والذي كان غالبا يتم على أساس مصالح الغرب في منطقتنا. لكن التشرذم الذي سببه احتلال الكويت والحرب التي تبعته، أودى بكل تأثير عربي.
الذي يريد أن يتمادى في سخريته، يتوجب عليه قبل ذلك أن يعلم أن هناك مئات الكويتيين الذين ما يزالون في عداد المفقودين حتى اليوم، وأن يتفكر جيدا فيما يمثله هؤلاء المفقودون من إرباكات اجتماعية وأسرية وقانونية لذويهم، علاوة على الحسرة التي لا تفارق قلوبهم.
سوف يظل الثاني من آب (أغسطس) 1990، لطخة كبيرة في جبين العالم العربي، وهو الذي لم يستطع تقديم الحماية لدولة صغيرة وضعيفة ومسالمة، انحازت على الدوام لمصالح الأمة، وساندت كثيرا من دولها من غير أن تتشدق بالمنّة، أو تستعرض ما تقدمه في الإعلام.
العالم العربي لم يستطع تقديم الحماية للكويت، بل تركها لقمة سائغة أمام جيش كبير احتلها بزمن قياسي، وبدلا من أن يعود إلى رشده ويحل المأساة داخل البيت العربي، سارع إلى استقدام جيوش العالم الإمبريالي، وهي الجيوش التي جاءت من أجل أن تبقى إلى ما شاء الله.
الذين يحبون السخرية من الجرح الغائر في صدور الكويتيين، ينبغي لهم أن يتذكروا جيدا كيف كان العراق وقتها، وهو الذي كان قد خرج منتصرا من حرب طويلة مع الجارة إيران، ويمتلك واحدا من الجيوش القوية على مستوى العالم. لكن خطأه القاتل تسبب في تفكيك ذلك الجيش، وفرضت عليه الحرب والحصار، فاستنزفت موارد البلد، وصولا إلى احتلاله في العام 2003، وبالسهولة نفسها التي احتل العراق فيها الكويت.
المحبون للسخرية من الجراح، عليهم أن يقرأوا عما فعله اليورانيوم المنضب بأجساد أهلنا في العراق والكويت، وعن المواليد الجدد الذي ولدوا بتشوهات خلقية كثيرة، وارتفاع كبير بنسب الإصابة بالسرطانات المختلفة، وكان ذنبهم الوحيد أنهم ولدوا في أرض هشة لم تعرف الاستقرار.
لأي شخص الحق في أن يحب من يشاء، وأن يكره من يشاء. ولكن لا تتاجروا بهذا الحب، ولا تجرحوا به أشقاءكم الذين وردوا حربا لم يختاروها، واختبروا بسببها القتل والدمار والتشريد.