Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Aug-2019

دوافع عنصرية بغيضة*حمادة فراعنة

 الدستور-حينما تجري عمليات إطلاق نار ودهس تستهدف قتل مدنيين في عدة ولايات أميركية، في مدينة إل باسو في ولاية تكساس جنوب الولايات المتحدة، ومدينة دايتون في أوهايو شمال شرق الولايات المتحدة، وفي مدينة شيكاغو بولاية ألينوي بوسط الغرب الأميركي، والعام الماضي في ولاية بنسلفانيا على المحيط الأطلسي، فهذا يعني أن عمليات القتل التي تستهدف القوميات والديانات من غير المسيحيين ومن غير البيض، هذا يعني أنها موجة سياسية عنصرية تجتاح الولايات المتحدة، حتى ولو كان الفاعلون أفراداً غير مرتبطين مع بعضهم البعض بتنظيم أو إتصال أو تفاهم مباشر، وهذا هو الأخطر، فلو توفر تنظيم ممتد مهما بدا قوياً ومنتشراً، يمكن متابعته ومراقبته والنيل منه وتصفيته وكبح جماحه، من قبل أجهزة الأمن، طالما لا تتوفر له حاضنة شعبية تمده بالاستمرارية البشرية والمادية . 

ولكن حينما تكون هذه الأفعال متتالية متواصلة ومن عناصر غير مشبوهة مسبقاً وغير مرصودة وفردية فهي ظاهرة معممة، تعكس ثقافة ووعي وقرار مسبق صنعته عوامل متعددة حوافزها موضوعية لوجود تربة خصبة أو حاضنة عامة، وعوامل ذاتية مؤهلة ومهيأة لتأدية الفعل الجرمي ضد مجموعات من المجتمع، فهذا يحتاج إلى أكثر من أدوات أمنية لمعالجة الظاهرة والعمل على قطع صلة الحواضن التي تساعدها على هذا الفعل غير الإنساني العنصري وإدانة ليس فقط من يقومون به، بل التصدي إلى المفردات والأفعال التي تدفع بعض المتخلفين لتنفيذ أفعال تنسجم وتتفق مع المفردات والأفعال العنصرية التي تصدر عن أشخاص فاعلين في المجتمع، عمليات القتل استهدفت المكسيكيين والمسلمين وحتى اليهود .  
إنها ظاهرة تعتمد تفوق العرق الأبيض المسيحي، وهي ظاهرة عنصرية بامتياز، لا تختلف عن عنصرية المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي سيحتفل اليوم الخميس بتمجيد الحاخام العنصري إسحق بورغ الذي يُبيح قتل غير اليهود مهما كانت أعمارهم وقومياتهم، وهو من أتباع باروخ غولدشتاين منفذ مذبحة مسجد الحرم الإبراهيمي في الخليل عام 1994، خلال إطلاق النار وتفريغ رشاشه على المصلين أثناء صلاة الفجر وقتل العشرات من المسلمين الفلسطينيين، الحاخام العنصري بورغ وصف غولدشتاين على أنه « قديس نفذ عملاً يجب أن يُحتذى به « سيتم تكريمه برعاية وزارة المعارف والتعليم لدى حكومة المستعمرة ووزيرها رافي بيرتز بمنحه جائزة التوراة والحكمة، من إحدى المعاهد الدينية . 
أفعال المتطرفين البيض المسيحيين، وأفعال اليهود الصهاينة المتشددين، لم تتوانى القاعدة وداعش عن فعلها ضد الآخر في سوريا والعراق، واليمن ومصر وتونس والجزائر والصومال، ومصدرها واحد كره الآخر، وعدم الإقرار بالتعددية ورفض احترام الآخر وعدم قبول شراكته . 
سياسة الرئيس الأميركي ترامب الذي يمجد العرق المسيحي الأبيض ينظر إلى المهاجرين الجدد من العرب والمسلمين واللاتينيين أنهم لصوص وغزاة، ويتعامل مع أعضاء مجلس النواب ( النساء الأربعة ) من ذوي القوميات الأخرى نظرة غير متكافئة، هي السياسة والثقافة المغذية للعنصرية، وهي التي تجعل من نفذها في الولايات المتحدة يفعل ما سبق فعله في نيوزيلندا ضد المسلمين والعرب ويسير على خطاه العنصرية المعادية للآخر . 
ما قام به هتلر أنه نظر للآخر نظرة عداء وكره ففجر حرباً عالميةً وقتل ملايين البشر، وما فعلته داعش والقاعدة أنهما قتلوا عشرات الالاف من البشر، وما يفعله المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي ولا يزال أنه شرد نصف الشعب الفلسطيني وطردهم من بلادهم، وتعامل مع نصفه الآخر الذي ما زال على أرض وطنه معاملة الكره والافقار والتمييز، أنها مدرسة استعمارية واحدة، ثقافة عنصرية واحدة، مآلها الهزيمة والانحسار والاندحار لأنها ضد المساواة والكرامة وإنسانية الإنسان بصرف النظر عن دينه وقوميته ولونه.