Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Oct-2014

طبيب المركبات.. تشابه العمل واختلاف الاداء!
جرش – الدستور – حسني العتوم
من الطبيعي ان تشاهد سماعات الطبيب حين تعود مريضا في مشفى او تراجع طبيبا فتراه يقلبك ذات اليمين وذات اليسار، ليتأكد من سرعة نبضات القلب لديك كواحدة من حالات التشخيص ليصف لك العلاج اللازم.
لكن من غير الطبيعي ان ترى ميكانيكيا محترفا في عمله وهو يضع السماعات على اذنية وهو يتحسس بهما بعض الاجهزة في مركبتك ليتاكد من سلامة بعض القطع فيها لاسيما محرك السيارة.
اليوم حين تذهب الى المدينة الصناعية في مدينة جرش، تجد ابو محمد الصفدي يستقبلك ببشاشة، وهو يستمع اليك تمهيدا لمعالجة المشكلة التي حدثت لاي مركبة، وهذه المرة كانت مركبتي الضحية.. ركنت المركبة وسط محله فطلب مني رفع الغطاء عن الماتور تماما كما يطلب الطبيب من المريض رفع قميصه عن صدره.
سالني بعض الاسئلة عما حدث معي والمشكلة التي واجهتني اثناء المسير في المركبة تماما كما يفعل الطبيب مع مريضه فيساله عما يعاني منه ليبدا بتوجيه فكره وعلمه الى الجهة التي يؤشر عليها المريض.
ومن المعلومات التي قدمتها له سماع صوت « طقطقة « في الماتور وارتفاع درجة الحرارة في مؤشر عداد السيارة، فتوجه الى مكان محدد من محله واحضر سماعات طبية وبدا يتحسس بعض القطع في السيارة كما يفعل الطبيب مع مريضه.
وما هي الا لحظات حتى بدا ابو محمد يشرح لي سبب المشكلة بعد ان شخصها بدقة متناهية واخرج قلمه وكتب لي على ورقة اسماء بعض القطع اللازمة منها « طرمبة مياه, وزيت بور وقلن مياه فريز...» توجهت الى الصيدلية... قصدي محال قطع السيارات وقدمت له الورقة وصرف لي المطلوب. عدت مرة اخرى الى الكراج او غرفة الطبيب وبالطبع كان لديه مساعدان يأتمران بأوامره وينتهيان عما ينهى عنه مع خروج بعض العبارات القاسية منه احيانا لمساعديه والتي يتلقاها المساعد الاصغر سنا بكل رحابة صدر وتحمل.. شبيه الى درجة كبيرة من تصرفات الاطباء الكبار مع مساعديهم او الطاقم التمريضي.
اخذ الطبيب او محمد الصفدي يقلب بالقطع الجديدة بين يديه ويتفحصها جيدا ويؤشر باصبعه الى مصدر المصنعية لكنه لم يخف سخريته من الطريقة التي حفر بها اسم تلك الجهة المصنعة وعقب على ذلك كم من مثل هذه القطع يغرر بالناس بها باعتبار انها قطع اصلية وهي عكس ذلك تماما.. فليس من المعقول ان تتغير طرمبة مياه السيارة مرتين في العام لو كانت نسخة اصلية من الدولة المصدرة او الشركة الصانعة فيها.
حمل القطع واعطى توجيهاته لمساعديه لتنفيذ ما طلب منهم حرفيا دون زيادة او نقصان حيث بدا المساعدان بتفيذ المهمة للمريضة المركبة، ولم تمض سوى  دقائق حتى عادت الامور كما يجب عليه ان تكون.
عاد طبيب المركبة وتفقد عمل المساعدين وتاكد من ان كل شيء تم تنفيذه كما امر وبالفعل كان كل شئ تمام وعال العال واستغرق الوقت من دخول المركبة حتى خروجها بما فيه الوقت الضائع خلال العمل والذي تم صرفه للكشف على مريضات اخريات من المركبات فكان بحدود 45 دقيقة.
شكرت الطبيب المعالج للمركبة وقلت له كم تأمر فنظر في المسالة لعله يحسب مواقع العمل التي اجرى لها عملياته الجراحية من استئصال للقطع المصابة واستبدالها بقطع أخرى فقال انت زبون محل يكفي منك 15 دينار هذه المرة سيما وانك غيرت طرمبة المياه قبل فترة وجيزة .
دفعت المبلغ المرقوم وكررت له شكري وخرجت، وانا اسير في مركبتي عائدا الى مدينتي بقيت صورة العم الدكتور ابو محمد وهو يجري الفحص للمركبة عالقة في ذهني وسالت نفسي سؤالا ما الفرق بين الطبيب البشري وطبيب المركبات فكلاهما لديه مراجعون وكلاهما يفحصون وكلاهما يستخدمون السماعات الطبية ويجرون العمليات الجراحية ويصفون بالروشيتات الورقية العلاج اللازم فخرجت الى نتيجة ان كل واحد في موقعه وتخصصه طبيب وحاذق وفنان ومبدع اذا كان يمتلك الاساسيات اللازمة والملكة الخاصة له في عمله.
شكرا طبيب المركبات اننا نحتاج الى الكثيرين الماهرين في هذا النوع من الطب الجديد وليس فحسب في هذا المجال وانما في مجالات اعمال النجارة والحدادة والمطابخ والخدمات الفندقية ومثلها في الزراعة والسياحة وغيرها فالدخل لا يقل انما يزيد عن دخل الطبيب اضعاف مضاعفة الا ان المسالة تحتاج الى تدريب وصبر حتى ننتهي الى غير رجعة مما يسمى بالبطالة والفقر والعوز.