Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jun-2017

معايير اختيارالمريض ..لعلاج آمن - د. عميد صبري
 
الراي - في الانباء خبراً تناقلته وكالات الانباء عن وفاة سيدة أردنية شابة في إحدى مستشفيات دولة عربية أثناء خضوعها لجراحة شفط الدهون. وبانتظار ظهور نتائج التحقيق النهائية للكشف عن الأخطاء الطبية التي لحقت بالجراحة.
 
يبرز السؤال الأهم خاصة في ظل تكرار هذه الحوادث المؤسفة في الآونة الأخيرة بشكل ملفت للأنظار: كيف يمكن الحد من تكرار هذه المآسي وتلافي أخطارها قبل حدوثها؟ وما هو دور المريض في إتخاذ قرار العلاج الذي قد يؤدي به إلى الموت؟ إن الحديث عن ذلك يتطلب معرفة الآلية التي يعتمدها المريض في إتخاذ قرار علاجه وذلك في محاولة لتحديد الوسائل التي يمكن من خلالها رفد هذه الآليه لتمكين المريض من إتخاذ أهم القرارات في حياته: قرار علاجه.
 
إن إتخاذ القرارات الصحيحة يتطلب توفر معلومات دقيقة ومعرفة متخصصة. وفي حقيقة الأمر فإن معظم المرضى لا يملكون المعرفة المتخصصة التي تمكنهم من إتخاذ هذه القرارات الذكية، حيث يلجأون في العادة الى الأصدقاء والأقارب أو البحث في مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لتحديد الطبيب الأفضل بما يتلاءم وسمعته ومدى الانتشار الذي حققه هذا الطبيب أو ذاك. وهنا تبرز العديد من الأسئلة:
 
- هل يملك الأهل أو الأصدقاء المعرفة الطبية المتخصصة لتزويد النصح والإرشاد في إختيار الطبيب؟
 
- إلى أي مدى يمكن إعتبار الشهرة التي يتمتع بها الطبيب مؤشراً حقيقياً على جدارته وإحترافه وصدق رسالته؟ خاصة وأن معظم الحوادث المؤسفة التي مر بها العديد من المرضى وأدت إلى مضاعفات طبية خطيرة وصلت الى الوفاة في العديد من الأحيان قد نجمت من خلال أطباء يتمتعون بالشهرة الواسعة والسمعة الطيبة!
 
- لماذا يتسخف المريض عادة في إتخاذ قرار علاجه ويضع حياته رهناً لأراء الآخرين في حين أنه يولي الكثير من العناية والإهتمام في إتخاذ قرارات بسيطة كشراء هذا المنتج أو ذاك؟
 
في حقيقة الأمر، إن غياب المعلومات المتخصصة والمعرفة الذكية هي الدافع الرئيس لقيام المريض بإتخاذ قرار علاجه بهذا الشكل الاعتباطي الذي يشبه كمن يسير على حافه الهاوية في الظلمة الدامسة دون أن يرى شيئاً. ويبقى السؤال المهم ما هي طبيعة هذه المعلومات التي يمكن تزويدها للمريض ليقوم بإتخاذ انسب القرارات بشأن علاجه بما لا يترك مجالاً للشك؟
 
المعايير الطبية العالمية هي الإجابة البسيطة.
 
ثمة منظومة متكاملة من المعايير الطبية المتعارف عليها عالمياً وضعت ركائزها كبرى المؤسسات الدولية من أجل الإرتقاء بمستوى ممارسة مهنة الطب عبر مجموعة من الضوابط المطبقة في كبرى المراكز الطبية العالمية. إن هذه المعايير لاتعنى فقط بإختيار الطبيب وإنما تشمل كذلك كافة مراحل العلاج على إختلاف تفاصيلها. إن الإلتزام بهذه المعايير العالمية من شأنه تأمين الحماية العلاجية للمريض والتقليل بشكل كبير من نسب حدوث الأخطاء الطبية التي تؤكد الدراسات أنها غالباً من تنجم كنتيجة لعدم الإلتزام بالإجراءات الطبية المعتمدة والضوابط المهنية العالمية كما أنه من شأنها الإرتقاء بمستوى القطاع الطبي برمته ورفد الاقتصاد الوطني.
 
إن ترهل قطاع الخدمات الطبية يعتبر إحدى أهم التحديات التي تواجه إقتصاديات الدول المتقدمة. ولعل إغراءات الربح السريع لدى بعض مزودي الخدمة الطبية من أطباء ومستشفيات هي الرافد الأساسي لهذا الترهل كما أنها السبب الرئيس للعديد من الأخطاء الطبية التي أصبحنا نسمع عنها بشكل متكرر. وهنا فإن جوهر المسؤولية المهنية والإنسانية التي يتحملها المجتمع لا يكمن فقط في تطبيق نظام صارم للمسؤولية الطبية لمعاقبة المسؤول عن الأخطاء الطبية بعد أن يكون المريض قد دفع ثمنها من صحته وفي بعض الأحيان حياته برمتها، وإنما في ضرورة تلافيها من أساسها وذلك عبر ضمان تطبيق هذه المعايير العالمية كي تصبح من جديد المهنية الطبية هي المحرك لقطاع الخدمات الطبية وليس الربح المادي السريع.
 
في مجال تأمين المعرفة المتخصصة لمساعدة المرضى في القيام بأنسب الخيارات لمزودي العلاج، فإن هذه المعايير تتناول كافة جوانب الأداء المهني للأطباء والمركز الطبية وتغطي كافة تفاصيلها بما فيها: الخبرة المتخصصة في حالة المريض العلاجية وخصوصية متطلبات الرعاية الصحية، عدم وجود أية أخطاء طبية سابقة، شهادات الإعتمادية المحلية والعالمية، المشاركة في الدورات والمؤتمرات الطبية المتخصصة، الكوادر الطبية المساندة، مستوى التجهيزات الطبية المتوفرة ومطابقتها مع آخر ما توصلت اليه التقنية المعاصرة، بالإضافة الى العديد من الجوانب التي تعنى بضمان أعلى مستويات الحماية العلاجية للمرضى.
 
من جهة أخرى فإن هذه المعايير تتناول كافة المراحل العلاجية بدءاً من الإجراءات التشخصية، وتحديد خطة العلاج، مروراً بمدى جاهزية غرف العمليات والعناية الحثيثة، والأدوات المستخدمة، وإنتهاءً بأدق تفاصيل النقاهة والمتابعة
 
وأخيراً، لا بد لنا من العودة إلى تطبيق المعايير المهنية الطبية العالمية لمحاربة الترهل والسعي نحو الربح السريع الذي يعصف بأركان قطاع الخدمات الطبية وبات يهدد حياة المرضى بما لا يقبل السكوت عليه، كما أنه لا بد من توعية المرضى بمبادئ حقوقهم العلاجية وتزويدهم بالمعرفة المتخصصة التي تمكنهم من القيام بالقرارات العلاجية الذكية كي لا يكون المريض عندما يتخد قرار علاجه كمن يلعب الروليت الروسية.!