Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Nov-2017

صاروخ «هواسونغ -15 ..«عضوية «إجبارِّيَّة» في النادي النووي - محمد خروب

الراي - لم تُكذِّبْ بيونغ يونغ.. خَبَرَاً، طفحت به الأخبار العاجلة التي ازدحمت بها شاشات الفضائيات الغربية والكورية الجنوبية وخصوصاً اليابانية، واعلنت بفخر نجاح الإختبار الجديد على صاروخها الباليستي العابر للقارات الذي اطلقت عليه اسم «هواسونغ-15, «في تَحَدٍ ثان خلال شهرين فقط على اطلاق اول صاروخ عابر للقارات في ايلول الماضي، ما اثار موجة معروفة ودائماً شرِسة من الانتقادات والتهديدات, المحمولة على غطرسة امبريالية وقِحة, تفوح منها رائحة التلويح بالحرب المدمرة التي «تُبيد» جمهورية كوريا الديمقراطية وشعبها، فقط لأن الغرب الاستعماري لا يروقه امتلاك دولة فقيرة, واصَلَ خنقها وتحشيد القوات والعتاد العسكري حولها, فارِضاً عقوبات لا انسانية عليها, في سعي لتقويض نظامها السياسي والإقتراب من الحدود الصينية, كجزء من خطة طويلة الأمد لمنع أو عرقلة صعود الصين كقوة منافسة للهيمنة الاميركية, عبر اتهامها على الدوام بانها «حامية» كوريا الشمالية, ولا تُساهم «جدياً» في لجم بيونغ يانغ وتقييد برنامجَيْها النووي والصاروخي الباليستي.

لم يتلعثم الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ اون.. او يأبه بالتهديدات المتغطرِسة التي اطلقها الرئيس الاميركي ترمب مباشرة بعد إطلاق صاروخ هواسونغ ــ15 ,وخصوصا عبارته التحذيرية بأننا «..سَنَهتَم بالأمر» ولم يُعِر اهتماماً بالتصريح المُنفعِل الذي ادلى به رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عندما قال: «ان هذا الصاروخ يُشكّل عملاً عنيفاً.. لا يمكن التسامح معه» مُلوِحَاً (كعادته) بانه «سيُضاعِف ضغطه، ولن يخضَع لأي عمل استفزازي».
كيم جونغ اون قال في ثقة وارتياح كبيرين: انه «يشعر بالفخر، لأننا تمكّنا في نهاية المطاف, من تحقيق هدفنا التاريخي الكبير وهو:
استكمال القوة النووية للدولة».. في الوقت ذاته الذي اكدت فيه بيونغ يانغ ان الصاروخ الجديد الذي اطلقته بنجاح: «قادر على استهداف القارة الأميركية بكاملها».
 
ليس ثمة غموض كوري شمالي او محاولة للإعتذار وإبداء الندم على تجربتها الاخيرة، ولم يلحَظ احدٌ في صياغة الاخبار الرسمية التي اذاعتها وسائل الاعلام الكورية الشمالية, اي تراجع عمّا كانت اعلنته سابقاً من انها لن تُوقِف برامجها النووية والباليستية, قبل ان تستكمِلهما على نحو يحول دون إقدام واشنطن على خطوة طائشة وغير معروفة العواقِب, عبر مهاجمتها لإسقاط نظامها او إجهاض هذين البرنامجين, اللذَيْن اكتملا الآن ولم يعد بمقدور ادارة ترمب (التي دقّت طبول الحرب مرارا, رغم عدم اكتمال عام على وجودها في البيت الابيض)، مواصَلة التلويح بشن الحرب والتهديد الأهوَج بـ»النار والغضَب» وغيرها من المصطلحات التي يُتقِن اليانكي الأميركي وأتباعه, إطلاقها في مواجهة أي أنظمة حكم أو تنظيمات لا تنصاع لإرادته.. أو تقبّل هيمنته.
 
ليس مهماً في نظر بيونغ يانغ ما سيصدر عن اجتماع مجلس الأمن الدولي في الجلسة الطارئة التي عقدها امس بناء على طلب واشنطن وطوكيو وسيؤل. إذ ليس ثمة في جعبة الداعين الى مزيد من «الضغط» والعقوبات على كوريا الشمالية.. من وسيلة, بعد ان استنفدوا (او كادوا) كل «سِلال» العقوبات, ولم يبق سوى حظر»النقل البحري» من وإلى موانئ كوريا الشمالية, خصوصا ان العقوبات الاقسى الاخيرة التي قررها المجلس نفسه في ايلول الماضي, لم تترك مجالاً للشك بأنها كانت «الطلقة الأخيرة» أو ما قبلها تماماً في يد المجلس، فضلاً عن ان ادارة ترمب رمت بالسهم الاخير في جعبتها, عندما وضعت او أعادت وضع كوريا الشمالية على قائمة الدول راعية الإرهاب. ما اعتبرته بيونغ يانغ عن حق بانه «استفزاز خطير» لكنها لم تتراجع عن برنامجها الذي اكتمل الآن, وهو ما بدا واضحاً في تصريح كيم جونغ اون عن «استكمال القوة النووية... للدولة».
 
انتزعت بيونغ يانغ عضويتها في نادي الدول النووية «عُنوَة» ورغما عن واشنطن وحلفائها، وبذلك نجحت في إبعاد شبح الحرب المدمرة على شعبها, رغم ما تعج به تصريحات المسؤولين الاميركيين من تهديدات مباشرة وتلميحات بان على كوريا الشمالية ان «تفهم جيداً أن نيران حلفائنا قد تطاولها» على ما قال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، في وقت زعم فيه البنتاغون بان الصاروخ الكوري الشمالي الأخير، لم يُشكِّل اي خطر على الولايات المتحدة القارِّية، ولا على الأراضي الأميركية الأخرى, أو أراضي الدول الحليفة».
 
تبقى إذاً ردود فعل الصين وروسيا على التجربة الصاروخية الباليستية الكورية الشمالية الناجحة والتي «أكمَلت دائرة القدرة النووية للدولة», بما يشي ان ليس ثمة تجارب اخرى في الافق, وبخاصة ان الصاروخ الجديد ارتفع في الفضاء لمسافة تزيد على اربعة آلاف كيلومتر.
 
وإذ بدا أن علاقات بيونغ يانغ بكل من بيجين وموسكو قد تحسَّنت او استعادت بعض دِفئها, بعد زيارة مسؤول رفيع في الحزب الشيوعي الصيني للعاصمة الكورية الشمالية مؤخراً, كذلك في محادثات روسِية كورية استدعت تصريحاً لافتاً لِرئيس الدبلوماسية الروسية لافروف: بان كوريا الشمالية «لا تُشكِّل تهديداً..
 
وعلى واشنطن ان تهدأ»، فإن التجربة الصاروخية الأخيرة قد تُسهم في دفع الصين وروسيا لاصدار بيانات تُعَبِّر عن «القلَق»أو تنديد بلغة مرِنة, في الوقت ذاته التي لن تتخليا (كل على حِدة) عن رفضهما عسكرة شبه الجزيرة الكورية، ومواصلة المناورات الأميركية الكوريةالجنوبية واليابانية, والدعوة إلى تقديم منطق الحوار على منطق الحروب والمواجهة, وإطلاق التهديدات والتراشق الإعلامي والتوصيفات المُهينة للزعماء.
 
kharroub@jpf.com.jo