Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Feb-2017

يَحدُثُ في لبنان.. الآن! - محمد خروب
 
الراي - عادت اجواء التوتر والاحتقان تفرض نفسها على لبنان، بعد ان ظن كثيرون ان التوافقات التي انتجت انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية, بعد فراغ رئاسي استمر اكثر من عامين, وفتح الطريق امام زعيم تيار المستقبل سعد الحريري للعودة الى السراي الحكومي, وخصوصا في التوافق على ان «لا» تمديد لمجلس النواب الذي مدّد لنفسه مرتين، على ان تجري انتخابات البرلمان وفق قانون انتخابي جديد, يجري انجازه قبل انتهاء «المُهَل» الدستورية للبرلمان الحالي. (تنتهي المُهل العتيدة غداً الثلاثاء).. لكن التفاؤل تبدّد وراحت الغيوم والخلافات تتجمع في الفضاءات اللبنانية, بعد ان ابدت قوى سياسية وحزبية رفضها لقانون «النسبية» الذي يجعل من لبنان دائرة انتخابية واحدة، فيما راحت قوى اخرى تناوِر من اجل تمرير قانون «مختلط» ينهض على النسبية والقانون الاكثرية, بما يضمن لبعضها البقاء في دائرة التأثير والنفوذ، رغم ان حجمها لا يسمح لها الاستمرار في الاستفادة من قوانين «غير عادلة», تمنحها حجماً وتمثيلاً لا تستحقه, كما هي حال الحزب التقدمي الذي يرأسه وليد جنبلاط, أحد اكبر المستفيدين من «قانون الستين», المُستمِر العمل به منذ اربعة عقود تحت ذرائع متهافتة كالحرص المزعوم على «الميثاقية» او التمثيل الطائفي والمذهبي او الخصوصية الدرزية, كما برزت بوضوح في تصريحات ادلى بها وليد جنبلاط نفسه.
 
لا يبدو ان اتفاقا (او توافقا) سيتم قريبا على قانون انتخابي جديد, والسجالات والضرب تحت الحزام, ما يزال مستمراً بين الافرقاء اللبنانيين وبما «قد» يُهدِّد تفاهمات وتحالفات نضجت في الاشهر الاخيرة, كالتي حدثت بين اقوى مُكوِنَيْن مسيحيَّيْن هما التيار الوطني الحر الذي اسسه الجنرال عون وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع. هذا «التفاهم» الذي كان ملء الفراغ الرئاسي بانتخاب عون...هو ابرز تجلياته, استفاد منه جعجع لتعزيز مواقعه المسيحية (الانتخابية والشخصية), وخصوصا ان «عينه» باتت تشخَص نحو قصر بعبدا, الذي يظن ان سيسكنه «رئيساً بالطبع» بعد الرئيس عون, سواء اكمل الجنرال مدته الرئاسية (ست سنوات) ام اضطر لاسباب صحية او «غيرها»... ترك موقعه.
 
واذ ما يزال جعجع يحاول البروز كشخصية توافقية, ويحرص على ان يستفيد من كل ما من شأنه رفع نصيب حزبه من المقاعد البرلمانية وفق اي قانون (غير النسبية الكاملة) ويبعث برسائل طمأنة الى حليفه التيار الوطني بانه «لا يُزاحمه» في مناطق نفوذه وشعبيته, الاّ انه (جعجع) بدأ يروّج الى مشروعه المفضل (القانون المختلط) الذي يمنحه افضلية نسبية مقارنة بقوانين اخرى مطروحة للنقاش, تجد من يرفضها من حيث المبدأ, فيما اخرون يبدون مرونة لمناقشتها ولكن ليس لتمريرها بل لشراء الوقت والوصول الى نقطة اللاعودة، بمعنى انتهاء المُهل الدستورية التي ستكون نتائجها, إمّا التمديد»التقني» للمجلس الحالي, وهذا ما يرفضه رئيس الجمهورية بحسم ويهدِّد برَد المشروع, قائلاً: انه لا يخشى الفراغ التشريعي الذي يُلوح به خصومه, وخصوصاً رئيس المجلس نبيه برّي، او تأجيل الانتخابات الى اجل غير مسمى بانتظار الاتفاق على قانون انتخابي جديد.
 
ليس هذا فقط ما يحدث في لبنان الآن، رغم انه يحتل اولوية على جدول اعمال الطبقة السياسية والحزبية الحاكمة والمُتحكِّمة بلبنان، بل برزت مؤشرات في الايام الاخيرة على ان اسرائيل تستعد لشن حرب جديدة (اقرأ مغامرة اخرى) على لبنان, مستفيدة من عوامل لبنانية واخرى اقليمية وخصوصا دولية بوصول ترامب الى البيت الابيض، كي تفرض واقعا جيوسياسيا جديداً يمنحها «فرصة» تقرير مصير المنطقة وقول الكلمة الفصل في مستقبلها, وفرض جدول الاعمال الذي يناسب مصالحها ومشروعاتها الجديدة وعلى رأسها بالطبع تصفية القضية الفلسطينية, بعد ان دفنت وحليفها واشنطن ما سميّ «حل الدولتين» واطلّت علينا من جديد صيغة احلاف عسكرية وسياسية، ظن كثيرون انها باتت خلفنا بعد حقبة اواسط الخمسينيات واوائل الستينيات، إلاّ ان المُستَعمِرين والأعداء، لا يتركون – كعادتهم – امورهم للصدفة, ولا ييأسوا من إحياء تلك الاحلاف، ما دام العرب في غِيّهم وغطيطهم.. سادرون.
 
ما علينا..
 
مؤشرات عديدة برزت على ان شيئا ما (اسرائيلياً) يُعّدُ للبنان، ولهذا لم تكن تصريحات الرئيس اللبناني لمحطة CBC المصرية, عابرة او عفوية حول سلاح المقاومة اللبنانية ودورها في لجم مشروعات الاحتلال, الامر الذي اثار حفيظة اسرائيل ودفع مندوبها لدى الامم المتحدة الى تقديم طلب الى مجلس الامن لإدانة تصريحات عون وإلزام لبنان تنفيذ القرارين 1701 و1559 على ما زعم، لكن رد الجنرال عون لم يتأخر وادلى بتصريح غير مسبوق قائلا في تحدٍ: الزمن الذي كانت فيه اسرائيل تُمارِس سياستها العدوانية ضد بلدنا من دون رادع «قد ولّى» الى غير رجعة, واي محاولة اسرائيلية للنيل من السيادة اللبنانية او تعريض اللبنانيين للخطر ستجد الرد المناسب»..
 
واذا ما اضفنا الى ذلك كله, ما كان امين عام حزب الله السيد نصر الله قد قاله في خطاب عالي النبرة قبل ايام عن «حاوية الامونيا وسفينة الامونيا في ميناء حيفا ودعوته اسرائيل تفكيك مفاعل ديمونا»، فاننا نكون امام «مشهد عالي التوتر» يصعب إبعاد الأنظار عنه, في منطقة دخلت منذ وقت غير قصير مرحلة «الاختبار الاخير» الذي يُنذر بمفاجآت واحتمالات كارثية مفتوحة, وربما أسوأ من ذلك بكثير. لكن الأكيد ان إسرائيل لن تخرج.. مُنتصِرَة.
 
kharroub@jpf.com.jo