Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2019

شرفة - عبدالهادي راجي المجالي

الراي -  يوجد لمكتب رئيس الوزراء بلكونة, وهذه البلكونة لا تطل على شيء.. فما يجاورها هو الفلل الفاخرة والمنازل الفخمة.

كنت أتمنى لو أن بلكونة مكتب الرئيس تطل على الجبل الأخضر, ويشاهد في الصباح (سماهر) وهي تنشر الغسيل على سطح منزلهم, وكيف هي العائلة شغوفة بالألوان, وتمر رائحة (البرسيل).. من قرب البلكونة.. ويكتشف دولته أن سماهر, تستعمل مع المبيض , مسحوقا معطرا أيضا اشترته من المؤسسة الاستهلاكيه المدنية.
كنت أتمنى لو أن بلكونة الرئيس تطل مثلا, على الهاشمي الجنوبي.. ويشاهد الرئيس, كيف يقوم (لطفي) صباحا بتفقد الحمام, وإبعاد بعض القطط الحقيرة عن السطح, ومطاردة بعضها.. فقد فتكت في الإسبوع الماضي بـ (جوز زغاليل), وهذا الأمر ولد حقدا متناهيا لديه على القطط .
كنت أتمنى لو أن بلكونته تطل, على حي (الونانات).. ويشاهد في سويعات الصباح, طفلا يحمل كيسا أخضر يحتوي على (كيلو رز مصري), كون العائلة تخطط لطبخ مقلوبة باذنجان, وكيلو من الرز تكفي.. مع علبة لبن (نعاج).. وربطة خبز, كنت أتمنى لو يشاهد هذا الطفل..
ماذا لو أن البلكونة كانت تطل على أبو علندا؟.. وهناك على طرف الشارع, يقف (حسونة).. منتظرا الباص أن يأتي, وحاملا معه مجموعة من الأوراق.. وحاملا معه أيضا شقاء العمر, وحسونة تقاعد للتو.. كان يعمل مأمور عهدة في الأمانة, وهو يفكر الان بشراء (سرفيس) بالتقسيط .. ويفكر أيضا بعمل (بسطة).. ويفكر في ذات الوقت بالموت, فما عاد هناك من طعم لشيء في هذا العمر الممتد بين الرغيف والرغيف أبدا.
كنت أتمنى لو أن البلكونة تطل, مخيم الحسين.. ويشاهد في الصباح, بعضا من النسوة اللواتي خرجن لشراء الخضار, وكيف توقفت واحدة في دخلة صغيرة من زواريب المخيم, وكيف جلست معها النسوة.. ويدرك أن السكري استبد بها ولم تعد قدمها قادرة على أخذها لمسافات بعيدة.. والضغط هو الاخر سرى في عروقها, والعمر المضيع بين المخيم وفلسطين.. صار أشبه, بشريط كاسيت قديم تبلل في المياه, ويستعمل كلعبة, للحفيد الذي جاء إلى العمر وكان قدره أن يكون لاجئا.
أحببت وصفي التل لأنه لم يمتلك شرفة, يطل منها على الشعب, بل بنى في قلوب الناس شرفة.. ومنها أطل علينا.. وصفي من قلوب الناس أطل على الوطن فقط. أين هم من وصفي؟!