Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Mar-2017

مسلسل سيداو* ماجدة المعايطة
مواطنون -
سرّني أن أرى أربعاً من سيداتنا الفاضلات، الناشطات في حقوق المرأة والمجتمع المدني، يشاركن في اجتماع لجنة الأمم المتحدة المعنّية باتفاقيات سيداو "القضاء على كافة أشكال العنف ضد المرأة" والذي أنعقد في جنيف قبل أيام. قدمّن مداخلات وأوراق عمل تخالف في تفاصيلها ومراميها ما قدمته للمؤتمر الأممية مندوب الأردن الدائم في جنيف السيدة سجا المجالي.
سرّني ذلك لأسباب كثيرة، لكنه كما أعرف تماماً لم يسرّ الكثيرين غيري، ولكّل منهم في ذلك وجهة نظر تستحق أن تُسمع.
مجرد أن أرى سيدة أردنية لديها من قوة الحضور ومن الحجة ما يجعل الآخرين ينصتون لها، فهذا مدعاة للغبطة. وكيف إذا كان الآخرون هم لجنة أممية يُفترض أن لايشهد أمامها وتستمع له إلا إذا كان طرفاً في قضية كبيرة وربما مستعصية، كما هو الحال في "اتفاقية سيداو" التي وقعها الأردن ومعظم الدول العربية الإسلامية، لكن هذه الدول لا تستطيع تنفيذ بعض ما فيها من بنود توصف بأنها مجافية للتقاليد وأحياناً مناقضة لحكم الشريعة.
القصة قديمة ومتجددة ومستمرة. فقد وقع الأردن على اتفاقية سيداو عام 1992. وهذا التقرير الأخير هو التقرير السادس الذي تقدمه الحكومة الأردنية للجنة الأممية التي سجّلت منذ البداية أن الأردن، كما كل الدول العربية الأخرى لا يستطيع تنفيذ مفهوم الأمم المتحدة لحقوق المرأة ولشبهات التمييز ضدها، وتوصيات "سيداو" بالتعديلات المطلوبة من الأردن في قوانين الجنسية والعنف الأسري والميراث وأحياناً الآداب العامة.
بعض تلك التوصيات التي حملتها سيدات المجتمع المدني الى مؤتمر جنيف تطلب من الحكومة ومجلس النواب الأردني تعديلات في الدستور تستلزم إضافة كلمة "الجنس" الى المادة السادسة التي تتحدث عن المساواة بين الأردنيين.
ما حصل في جنيف قبل أيام هو أن وفد المجتمع المدني الذي أدرجته الحكومة ضمن الوفد الرسمي، قدّم مرافعات منفصلة لكل واحدة من السيدات الفاضلات، وفي تلك المرافعات شهادات موسعة بأن ما تحدثت به سفيرة الدولة الأردنية أمام اللجنة الأممية ليس دقيقاً.
تفاصيل ما قيل داخل المؤتمر وخارجه من طعون قاسية، أثارت حفيظة كثيرين هنا وهناك، ولا داعي لإعادة نشرها ما دمنا نأمل وننتظر أن يجري اليوم أو غداً أو العام القادم تدارك الذي حصل ولم يكن كما يجب.
الأهم من الزعل على مشهد "نساء الأردن في سيداو" ومرافعاتهن الذي كان يمكن أن تكون أقل صخباً وإثارة، هو أن ننتهي مع أنفسنا الى كلمة سواء واضحة وقاطعة تريح الجميع وتغلق هذا الباب المفتوح على الغبرة وأشياء أخرى.
فمنذ ما يزيد عن عشر سنوات وأنا، في الإعلام، أسمع جدلاً موصولاً يصل حد التراشق، بين مؤيدي ومعارضي "سيداو". المؤيديدون يرون فيها حماية دولية لحقوق المرأة ما دامت القوانين والأعراف المحلية لا تقدم هذه العدالة المفترضة.
أما المعارضون، عندنا وفي عديد الدول العربية والإسلامية، فإنهم يقرأون في بنود وتوصيات سيداو حوالي عشر بنود يرون استحالة التنفيذ في قضايا مثل المساواة بالأردن والطلاق وصعوبة التطبيق في قضايا أخلاقية من نوع عدم جواز الاعتراضعلى تجارة الجسد والشذوذ. كذلك يرى المعارضون أنه لا يجوز الاستقواء بالأمم المتحدة والدول المانحة على الحكومة والبرلمان وإجبارهم على تنفيذ الذي لا يمكن تنفيذه.
اعتقد أنه حان الوقت لعمل شيء ينهي هذا المسلسل غير معروف الحلقات. فليس في الموضوع سرّ على المؤيدين والمعارضين لتوصيات "سيداو"، بمن فيهم مركز حقوق الإنسان واللجنة الملكية والنواب والحكومة والمنظمات النسائية والدول المانحة مساعدات وقروض مشروطة، وكذلك والسفارات التي تموّل ورش برامج حقوق المرأة.
وبتقديري أنه إذا كانت هناك نيّة وإرادة لإغلاق هذا الملف، فلن يكون صعباً على مختلف الجهات ذات الصلة (حكومة ونواباً ومجتمع مدني) أن يصلوا الى ورقة عمل تقدم مرة واحدة ونهاية الى لجنة سيداو.
من طرفي سألت في هذا الموضوع، وفي الذي حصل بمؤتمر جنيف، وزيراً سابقاً للشؤون الاجتماعية، صاحب خبرة ورؤية ونكتة. فقال: لا أعتقد أن أحداً لدينا يريد فعلاً أو يستعجل للانتهاء من هذا الموضوع.
فما دمنا في الأردن نطلب منحاً وقروض من دول تريدنا بالصورة التي تتمناها، فاننا سنظّل نتحمل ونشكو، كما يقول المثل الشامي المعروف "يؤجر كتفه ويتحسس عليها" عندما يتوجع.