Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Sep-2017

مدارس بعمان: صفوف مكتظة ونقص بالمقاعد

 اكتظاظ الغرف الصفية ونقص المقاعد ظاهرة سنوية تؤرق الطالب والمعلم والوزارة

 
الاء مظهر
عمان -الغد-  "لا أستطيع أن أصمد أو أتواصل سوى لدقائق محدودة أثناء الحصة، فعدد الطالبات في الصف يفوق الخيال، والشمس تقتحم بحرارتها الغرفة الصفية التي تفتقر لساتر يحول دون ذلك، أو مروحة لم تجد توسلاتنا لإدارة المدرسة من أجل توفيرها لتلطيف الجو.. وباختصار نسبة تحصيلي الدراسي لا تتعدى 20 %، وكان الله في عوننا وعون معلمتنا التي سرعان ما تنهار قواها".
هذا وصف الطالبة (ثريا) للحالة التي تعيشها وزميلاتها في الغرفة الصفية في إحدى المدارس الحكومية في عمان، في وقت تشير في المقابل الى أن هناك صفوفا في مدرستها "تغطي نوافذها ستائر تحجب حرارة الشمس".
وإلى جوار ثريا، كانت تقف زميلتها هبة متحفزة للحديث، لتضيف "الحركة صعبة للغاية في الغرفة الصفية، لا مساحة كافية بين المقاعد الدراسية.. تشعر وكأنك تستنشق زفير زملائك".
ورغم التحضيرات والاستعدادات التي قامت بها الوزارة لبدء العملية التعليمية في اليوم الأول من العام الدراسي، إلا أن واقع الحال يقول ان بعض مدارس المملكة ما تزال تعاني من اكتظاظ الغرف الصفية ونقص في المقاعد المدرسية، وعدم توفير المتطلبات الخاصة بالمدارس ما دفع ببعض المدارس لجمع مبالغ مالية من قبل الطلبة لشراء ستائر للنوافذ ووسائل تبريد (مراوح).
ليس ذلك فحسب، وإنما يتبرع الطلبة لتغطية أجور طباعة أوراق عمل وأسئلة الامتحانات الشهرية، بحسب ما رصدته "الغد" من ملاحظات وشكاوى من قبل طلبة وذويهم وأولياء أمور أكدوا أن "هذه الاستعدادات لم تكن كافية لمعالجة تحديات العام الدراسي، وبخاصة ظاهرة اكتظاظ الغرف الصفية التي اصبحت مشكلة مؤرقة سنويا".
أما وزارة التربية والتعليم، وعلى لسان مصدر مطلع فيها، فتؤكد لـ"الغد" انها "بحاجة الى 60 مدرسة سنويا لاستقبال الاعداد المتزايدة من الطلبة"، مبينا المصدر أن الوزارة "اتخذت العديد من الاجراءات لمواجهة الضغط على البنية المدرسية من خلال الانتقال الى نظام الفترتين في بعض المدارس التي وصلت الطاقة الاستيعابية فيها إلى حدودها القصوى والتي بلغ عددها 7 مدارس حكومية".
وإضافة الى ذلك، يقول المصدر، فقد "تم اسئتجار 16 بناء مدرسيا هذا العام، وتسلمت الوزارة 17 إضافة صفية احتوت على 110 غرف صفية جديدة، فضلا عن تسلمها 22 مدرسة جديدة".
إلا أن هذا المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه، أكد ان "جمع اي مبلغ مالي من طلبة المدارس ممنوع على الإطلاق ولأي سبب تحت طائلة محاسبة من يقوم بذلك"، مشيرا الى ان الوزارة تقوم بتوزيع القرطاسية والمستلزمات على مدارسها من خلال مديريات التربية والتعليم.
وحول الأثاث المدرسي خاصة المقاعد المدرسية، أوضح ان الوزارة "بدأت منذ نحو اسبوعين بتوريد 26 الف مقعد مدرسي جديد للمدارس في مختلف مديريات التربية والتعليم، فيما عملت على تزويد المديريات بسلف مالية لأغراض صيانة بعض المقاعد في مدارسها".
وفيما تنص شروط وتعليمات الصحة المدرسية على ضرورة ان يبتعد اول مقعد عن السبورة مسافة لا تقل عن مترين، وان يخصص متر لكل طالب في الصف، يؤكد أولياء أمور لـ "الغد" أن "ذلك غير مطبق على أرض الواقع، لدرجة ان الاكتظاظ الشديد في بعض الصفوف يحول دون تمكن الطلبة والمعلمين من التحرك بسهولة داخل الصف".
أستاذ علم النفس والإرشاد النفسي المساعد في جامعة فيلادلفيا د. عدنان الطوباسي قال، ان نظام التعليم الدولي يشير الى ان جودة وصناعة تقنيات التعليم "لا بد ان تتوفر لها مجموعة مقومات، تتمثل بنسبة الطلبة الى المعلمين وهي عالميا تمثل 1: 20، اي معلم واحد لكل 20 طالبا، لكن هذا المعيار مفقود في معظم مدارسنا الحكومية التي تكتظ بعشرات الطلبة".
ويضيف الطوباسي الى ذلك "عدم جاذبية الغرفة الصفية للطالب ومعلمه ما يؤثر سلبا على جودة التعليم وتميزه ومخرجاته، وغياب المؤشرات العلمية حول مستوى هذا الطالب او ذاك".
واكد ان التميز أكاديميا ومنهجيا "يتطلب مرافق تربوية اساسية من ابرزها جودة الغرفة الصفية من حيث عدد الطلبة، والتهوية، والإمكانيات والوسائل التعليمية، وجاذبية الغرفة للطالب والمعلم بحيث يكون مسار العملية التربوية مسارا ايجابيا وناحجا ومتميزا".
وبرغم أن هناك مجموعة من المدارس الحكومية في المملكة تتمتع بمستوى مواصفات جيد، وتضفي السعادة والبهجة على الطلبة والمدرسين وتحفزهم على تلقي المعرفة والعلم، إلا أن الطوباسي يرى أن "غالبية مدارسنا ستظل تعاني لأعوام قادمة من اكتظاظ الغرف الصفية، وعدم وجود مرافق صحية جيدة، وغياب المقومات الاساسية الجاذبة للطالب والمعلم".
وشدد على ضرورة تعاون وزارة التربية والمجتمع المحلي والقطاع الخاص للارتقاء بالمدارس من كافة الجوانب التعليمية حتى "نزيل الآثار السلبية النفسية التي تظلل مسيرة التربية والتعليم في الاردن، وحتى نصل بمدارسنا الى اجواء تنافسية ترتقي بالطلبة الى مصاف متقدمة في التعليم والانجاز، وحتى تتوفر الدافعية عند الطلبة للإبداع والتفكير".
بدوره، أكد مدير التخطيط التربوي السابق في وزارة التربية محمد أبوغزلة ان التحديات التي تواجه الغرف الصفية "تؤثر بشكل سلبي على جودة ونوعية التعليم المقدم للطلبة" مبينا ان مشكلة اكتظاظ الغرف الصفية "تؤثر على أداء المعلم من حيث تعامله مع 60 طالبا في غرفة صفية واحدة في بعض المناطق".
وأشار الى أن ذلك "يؤثر سلبا على الفرصة التعليمية للطالب وفرص تحصيله على المهارات والمعرفة او النقاش والحوار، كما يؤثر على المعلم وتركيزه، وعلى قدرته في ادارة الغرفة الصفية، ويدفع لتمرير المادة العلمية بشكل سريع، فضلا عن التأثير على اتجاهات الطلبة ونتاجاتهم في الامتحانات والاختبارات المحلية والدولية".
 وأشار أيضا الى ان "الاكتظاظ يولد العنف المدرسي والتوتر والاحتكاك بين الطلبة، ويؤثر على الوضع النفسي والصحي من حيث انتقال الامراض، كما يؤثر على قدرة المعلم على تصميم نشاطات تعليمية إثرائية، ومراعاة الفروق الفردية بين الطلبة، حيث لا يستطيع المعلم في هذه الحالة اكتشاف مواهب طلبته، باعتبار البيئة الصفية غير محفزة على التعلم". 
كما ستؤثر ايضا، وبحسب ابو غزلة، على فرصة كل طالب في السؤال والمشاركة والحوار، حيث يكون همّ المعلم انجاز ما هو مطلوب منه في ذلك اليوم، وبالتالي لن يكتسب المتلقي أي مهارة تعليمية أو حياتية، بالاضافة الى انخفاض دافعية المعلم والطلبة نحو التعلم".
ويبلغ المعدل الطبيعي للطلبة في كل شعبة صفية في المدارس الحكومية 24 طالبا، بينما يصل في بعض الشعب إلى 70 طالبا، خاصة في مناطق قصبات المدن التي تأثرت باللجوء السوري، بحسب ابو غزلة.
وبين ان معدل المساحة المخصصة للطالب عالميا "تتراوح بين 1.5 – 1.7 متر"، مشيرا الى ان "لدينا في الاردن تفاوتا في المساحات المخصصة للطالب حيث تتراوح في مدارس تعاني من الإقبال الكثيف بين 60 سم- 1.5م، فيما تصل في مدارس بالأطراف الى 2.5 م للطالب الواحد بسبب قلة أعداد الطلاب في المدرسة الواحدة".
واشار الى أن "النقص في الأبنية المدرسية مشكلة سنوية متكررة ونسبة المدارس المكتظة في الأردن تجاوزت 50 %"، عازيا ذلك الى "عدة عوامل منها الزيادة المطردة بأعداد الطلبة، إضافة الى أعداد الطلبة السوريين، مقارنة بعدد المدارس التي تسلم أو تستأجر، والهجرة من المدارس الخاصة الى الحكومية".
وفيما يعتبر ابو غزلة أن "قوائم احتياجات المدارس من المعلمين والمقاعد والتجهيزات، والكتب المدرسية، يمكن التنبؤ بها سنويا، الا أن "غياب التخطيط الاستشرافي، وعدم إعداد الخطط للعام الجديد من المستويات الإدارية كافة منذ بدء العطلة الصيفية هو سبب الإخفاقات التي تتعرض له الوزارة خاصة في هذا العام، إضافة الى "التأخر في اجراءات نقل المعلمين الخارجية وإجراء الامتحانات لمعلمي التعليم الإضافي".
من ناحيته، أكد الخبير التربوي د.عبدالله عويدات ان بيئة الغرفة الصفية "لها تأثير كبير على تركيز الطلبة وطبيعة الفعاليات والأنشطة التي يقوم به المعلم"، موضحا أن جودة التعليم تتراجع للغاية في حال اكتظاظ الغرف الصفية، او تعرضها للبرودة او الحرارة الشديدتين".
وبين أن "مدة التعلم التي ينغمس فيها الطالب مع معلمه لا تزيد  في كثير من الأحيان على 15 دقيقة".
alaa.mathher@alghad.jo