Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Jul-2018

مصر بين حكم الثورة ومحاكمة المرحلة!! - محمد كعوش

الراي -  استند الى ما بقي من وعي قومي واكتب عن مصر وعبد الناصر وثورة 23 يوليو، لأن الكتابة في هذا الموضوع، وفي هذا الوقت بالذات ضرورة مصرية عربية، ليس من أجل عبد الناصر بل من أجل مصر التي في خاطري، ومن أجل استعادة فصل ضائع من عمرنا العربي الجميل يحملنا اليه الحنين، وهو الذي يتعرض تاريخه للتشويه والاغتيال يوميا، ضمن عملية تزييف كامل لتاريخ مشروع الوعد الكبير، من أجل تبرير السقوط العربي الراهن.

مصر مازالت في مكانها بتاريخها وحضارتها ونيلها وهويتها، ولكنها مازالت هدفا للتخريب والضغوط السياسية والاقتصادية لاضعافها وابعادها عن موقع الدولة القائد، عبر تحالف قوى عربية واقليمية ودولية، قام من قبل، باجهاض واسقاط المشروع النهضوي القومي.
للأسف ان هذه القوى مازالت في خندقها، وتستخدم اعلاميين ومفكرين وسياسيين، لتشويه انجازات ثورة يوليو، وهم ليسوا من طبقة "الباشوات"، بل من ابناء صغار الموظفين والعمال والفلاحين، من الذين منحتهم ثورة 23 يوليو فرصة الدراسة المجانية في كل المراحل، حتى أن بعضهم ولد بعد رحيل عبد الناصر ولم يعش التجربة. هؤلاء يرددون ما يشاع ويذاع لحساب اجندات خارجية فيقولون: عبد الناصر كان للعرب وليس لمصر، ماذا قدّم للمصريين؟ّ!
الحقيقة أن عبد الناصر عسكري سياسي قائد انسان يصيب ويخطئ، خصوصا انه حكم بالشرعية الثورية التي ألغت الأحزاب وعطلت الحياة الديمقراطية، ولكن انجازاته عديدة وكبيرة تدل عليه ويدل عليها، اولها بناء السد العالي، كيف يمكن أن نتصوّر مصر بلا السد العالي اليوم؟
كذلك عبد الناصر امم قناة السويس، واطلق مشروع استصلاح الأراضي الزراعية، ووزع الأراضي على الفلاحين وألغى الاقطاع، ودعم زراعة القطن والقمح والذرة، وأنشأ الصناعات الثقيلة، وأمّن العلاج والتعليم المجاني لكل مواطن مصري، ودعم الثقافة والصحافة والرياضة والفنون، والأهم عزز الكرامة والارادة، واطلق الحلم والوعد، ليس في مصر وحدها بل في كل بلاد العرب.
كان لثورة 23 يوليو مشروعها الذي انصهر فيه الوطني المصري بالقومي العربي. هذا المشروع واجه مقاومة شرسة من قوى عديدة بعضها يملك المال وبعضها يملك القدرة العسكرية والنفوذ السياسي في المنطقة والعالم، وكان احد اهداف الثورة دعم حركات الاستقلال والتحرر، وهو ما اضطره الى دخول اليمن، لدعم الثورة التي واجهت تدخلا عربيا وغربيا، فكانت حربا صعبة لها الدور الأكبر في هزيمة حزيران.
وعندما نحاكم عبد الناصر والثورة يجب محاكمتها على قاعدة الظروف الموضوعية والتاريخية لتلك المرحلة، وفي النهاية أقول إن هزيمة حزيران لم تكسر روح الأمة، وحزيران لم يكن أسوأ الشهور في الرزنامة العربية التي ما زالت طافحة بخناجر الغدر.