Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Mar-2017

بِرسْم الأحزاب العربية.. إعادة تعويم «فِيون»! - محمد خروب
 
الراي - قد يكون في عنوان المقالة مُبالَغة في الايحاء, ومحاولة للربط بين «تقاليد» العمل الحزبي العربي, وتلك التي استقرت في دول الغرب واتخذت اشكالاً من الصراع في اطار «الوحدة», التي لا تتعرض لِاهتزازات وتخوين وانقسامات، تطيح بحزب عريق وتتركه في صحراء السياسة والـ»لا»حضور الجماهيري، الذي يعاني اصلاً من عزوف وفتور شعبي لأسباب يصعب دائماً تحميلها الى الحكومات واجهزتها, رغم ما قارفته تلك من ارتكابات وحملات تشويه وتسخيف وتضييق, ادت الى ضمور العمل الحزبي وتضرّر الحياة السياسية وتواصل الخواء المقيم الذي تعيشه افقياً وعامودياً, على نحو لم تنجح خلاله كل عمليات «التجميل» التي سعت معظم الحكومات العربية لاجرائها، لأسباب تبغي إرضاء دول الغرب الاستعماري التي تدّعي الحرص على الديمقراطية, وترى في «الانتخابات» طريقاً وحيداً لهذه الديمقراطية المدّعاة، فيما هي تعلم ان الانتخابات ليست سوى ممر ضيق الى الهدف المنشود, الذي يحتاج الى تكريس ثقافة الديمقراطية وجعلها ممارسة دائمة, وفق ادوات الرقابة والمحاسبة وفي اطار دولة القانون والمؤسسات وإعلاء ثقافة المواطَنة والمساواة والعدالة.
 
ما علينا..
 
في فرنسا التي تقف أمام مرحلة سياسية مضطربة, ويستعد الحزب الاشتراكي الحاكم للخروج من السلطة ودفع ثمن السياسات اللاشعبية التي اتُخِذت في عهد فرانسو هولاند, «أفشل» رئيس فرنسي وأقلهم شعبية منذ أقام ديغول الجمهورية الخامسة قبل ستين عاماً (1958), جاء قرار «اللجنة السياسية لحزب (الجمهوريون) اليميني, الذي يضم في صفوفه رئيساً سابقاً هو ساركوزي, ورؤساء وزارات مثل جوبيه و فيون ودوفيلبان ونواب ، وبالإجماع «تكرار» تأييدها لفرانسوا فيون», مفاجأة غير مُتوقَّعة, بعد ان بدت «حظوظ» الرجل، الذي يواجه اتهامات بالفساد واستغلال السلطة عبر ما بات يُعرف بالوظائف الوهمية التي استفادت منها زوجته وولداه، في طور التراجع, وانفضاض الكثير من مؤيديه عنه, وصدور الدعوات له بالانسحاب وعدم اضاعة الفرصة على معسكر اليمين (والوسط الذي دعمه ايضاً) بالوصول الى الرئاسة, وبخاصة ان مُرشَّحة اليمين المتطرف مارين لوبن, تتصدر استطلاعات الرأي واحتمالية فوزها باتت واردة, في اختلاف واضح عمّا حدث مع والدها وجاك شيراك عندما «صعدا» الدورة الثانية في الانتخابات الرئاسية للعام 2002.
 
هل قلنا استطلاعات الرأي؟
 
نعم.. اذ منذ تم الكشف عن «فضيحة» الوظائف الوهمية ,اخذت اسهم فيون بالتراجع لصالح رئيسة الجبهة الوطنية مارين لوبن التي تتقدم الصفوف الآن 5ر26%, يليها ايمانويل ماكرون 5ر25%, فيما هبط فيون قبل ايام الى اقل من 20%, لكن أنصاره لا يراهنون على الاستطلاعات التي لم تعد ذات جاذبية, خصوصاً بعد «سقوطها» المروِّع في أهم حدثين هزّا الدول الغربية, الأول استفتاء «بريكست» البريطاني الذي اصاب اوروبا بالذهول, وما تزال اصداؤه المخيفة تتردد في جنبات الاتحاد الاوروبي, الذي لا يخفي «رُعبه» ايضاً من احتمال فوز مارين لوبن, التي «تَعِد» بالخروج من منطقة اليورو, وربما لاحقاً الاتحاد الأوروبي. حيث تقول «يجب الخروج من استراتيجية الفزع هذه التي يروح لها هولاند» والذي قال: ان مهمته الآن هي الحؤول دون فوز لوبن, لأن فوزها يعني ان عملية الخروج من اليورو هي التي ستفوز,» رغم ان الدستور الفرنسي لا يمنحه حق التدخل في الانتخابات العامة رئاسية او برلمانية, ويجب ان يبقى محايداً.
 
اما السقوط الثاني للاستطلاعات في دول الغرب, فكان فوز ترامب, بينما كانت كل الاستطلاعات بما فيها «المُتشائِمة» ترى في فوز هيلاري كلينتون امراً محسوماً، وكان ان تحقق العكس. على هذا يراهن انصار فيون الذين اخذوا الآن وبعد ان «تَوحّدت العائلة السياسية اليمين، وربما الوسط، يأمل الجميع ان يكون مشروع فيون مشروعنا» كما نقل احد انصار معسكر ساركوزي عنه, والذي قال في صالِحه ايضاً: «اننا... الساركوزيين، لا نطعن فيون في الظهر»..
 
أياً تكن وقائع الأيام التي تسبقنا عن موعد الجولة الاولى من الانتخابات التي ستتم في الثالث والعشرين من نيسان الوشيك، وما إذا كانت ستُوجّه الى «فيون» اتهامات رسمية بالفساد.. الأربعاء المقبل، فإن مرشح اليمين الذي «عمل» لخمس سنوات رئيساً للوزراء في عهد ساركوزي, وفاز بسمعة «حسنة» ورضى من الجمهور على «نظافته» المالية وادارته الجيدة للأمور، قد نال «فرصة» اخرى للبقاء في دائرة السباق الرئاسي، هذا السباق الذي قد يتأثر اذا ما «اتهمته» النيابة العامة بالفساد، الاّ انه لن يُعطِّل فوزه (اذا فاز), لأن رئيس الجمهورية لا يَمْثُل أمام المحاكم في قضايا جنائية قائمة, الا بعد مغادرته قصر الإليزيه.. وعلى هذا أيضاً يراهن أنصار فيون.
 
في السطر الأخير... تبدو تجربة فرانسوا فيون, درساً للمشتغلين في الحقلين السياسي والحزبي على الساحات العربية، وفرصة للاستفادة من كيفية ادارة «الصراعات» داخل الأحزاب او الائتلافات الحزبية, والتي تمنح الأولوية للبرنامج السياسي والحضور الحزبي في أوساط الجمهور, صاحب القرار في منح الفوز او حجب دعمه لهذا الحزب او ذاك.. دون الذهاب بعيداً في الخصومة التي تصل مرتبة العداء والتمسك الأهوج بنظرية شمشون الكارثية «عليّ وعلى اعدائي»، وهم هنا ليسوا أعداء بل مجرد خصوم ومنافِسين، لكن عقلية الـ «أنا» هي التي تسيطر على سلوكنا ومقاربتنا, ولهذا لا داعي للذهول او ابداء الاستغراب عندما نجد ان الحياة الحزبية في مختلف بلاد العرب «تمتاز» بالعجز والكسل والجمود.. و«داء»الشخصنة.
 
kharroub@jpf.com.jo