Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Nov-2014

اعتقال الشيخ والخلوة مع الله..؟*د. مهند مبيضين

الدستور-كان شيوخ الإخوان يعرفون أن الشيخ زكي بني ارشيد سيقودهم للتشنج والتوتر أكثر في العلاقة مع الدولة، وكان هو يستدعي الاعتقال ويطلبه بمواقفه وتصريحاته التي لا تنم عن سعة أفق أو تفكر أحياناً، كان كافياً أن يحدث الأمر أو الموقف داخلياً وخارجياً وتجده يعبر عن موقفه في لحظات،وكما يرى كثيرون كان الرجل يُرسل قبل أن يُتم قراءة ما يستقبل، وهذا النوع من السير والشخصيات من الطبيعي ان يدخل في الخصومة والمواجهات، ومع انه صرح كثيرا واستفز كثيرا الدولة كما يرى خصومه، إلا أن الحبل مُدّ له، وظل نداً ظاهرا للدولة وعصياً على التطوع، ولو أنه لم يمس دولة مثل الإمارات لاستمر الحبل ممدودا له دون غيره، لدور وظيفي يحققه، لكن الدولة الثابت أنها لم تفكر كثيراً ولم تخوض حوارا لا على ولا أدنى المستويات في أمر الاعتقال الذي تمّ، بصورة اعتيادية كما كل اعتقالات للذين يراد بهم الاتعاض، تاخير الاعتقال حتى مساء الخميس ومعنى ذلك الانتظار للأحد وهكذا دواليك!!
الحركة الإسلامية سارعت لإدانة الاعتقال لشخصية قيل أنها صاحبة مواقف وطنية معروفة، وهذا ما آثار شهوة الباحثين عن تلك المواقف التي لم يجدوا منها شيئاً غير المناكفة، ثم ان الشيخ بدا كما يقول الذين زاروه من رفاق الحركة مرتاحاـ لكن المهم أن هذه المراكز للاعتقال في الأردن ليست في مصر أو غيرها، الاردن الذي طالما تميزت علاقة الدولة فيه مع شيوخ الإخوان بأعلى درجات الود والتفاهم قياسا بغيره، وهو الأردن الذي يحتار فيه الإسلاميون اليوم ويرتبكون، ولهم العذر في ذلك فالخسارات التي تلقوها في الساحات العربية الاخرى وشبهة التعامل مع الغرب والتآمر على الأوطان وسلامتها ظلت وستظل تلاحقهم.
أما حالتنا الراهنة، فهي اعتقال شيخ لا وزن فكري أو فقهي له داخل منظومة العقل الإسلامي المعاصر، فليس هو صاحب رسالة «دعاة لا قضاة» أو كتاب «التحرير»  أو «موقف العقل والدين من رب العالمين» فلا مؤلفات فكرية او رسائل دعوية، وقد جرى اعتقاله، لسبب حددته جهة الاعتقال، واعتقال الناس على آرائهم أمر خاطىء، لكن مشكلة الشيخ انه برأيه ضد دولة الإمارات مسّ مصلحة تتعدى أهمية رأيه إن كان صوابا أو خطأ، وهي مصلحة العموم، وهذا امر بحثه أهل الفقه مطولاً  في أمر الضرر حين يكون محتملاً ولا يمكن تعويضه ويصيب الجماعة او المجتمع، كما أنه يقع في باب تفويت المنافع.
من ناحية حركية، يعد الشيخ زكي بني ارشيد الرجل الثاني في الحركة الإسلامية، واحد عقولها المدبرة، له محبوه وله انصاره وله منتقدوه، وهو يلبي للحركة وجها معارضا أمام الجمهور ومسحة تدحر عنها شكل المهادنة مع الدولة،فطالما كان موجودا في الواجهة، كانت الحركة الإسلامية تكسب من تطرفه أو تشدده. واليوم هو وراء القضبان، وكما وصف نفسه في «خلوة مع الله»، وهذا بدوره ما يزيد في شعبيته أمام قواعد التشدد في منظومة التشدد ولدى شبان الحركة، ولا يضعفه، فهو يعيده إلى سير آباء الحركة ومحاولة تقليدها.
المهم أن رأي الشيخ زكي في مقاله «الفيسبوكي» أطاح به ورمى به خلف القضبان، والسبب في رأي القانون والجهة التي اعتقلته أنه يسيىء لعلاقتنا كدولة مع دولة شقيقة، لها حسابات وتحالفات وفيها فرص عمل لابناء الأردن والعلاقة ليست حادثة بل هي من صنع بناة الدولتين الحسين بن طلال والشيخ زايد آل نهيان رحمهما الله.
والأهم في قابل الأيام كيف يدير الإخوان اليوم معركتهم؟ وكيف لمسألة اعتقال الشيخ زكي أن تنعكس على علاقة الحركة ودورها المستقبلي في المشهد السياسي. الثابت أن الفراق حدث مع الدولة، وغير مطلوب استعادة العلاقة،  وان أزمات الحركة الداخلية اكثر  اشغالا لقواعدها من الالتفات، لاعتقال احد قادتها الذين كانوا برأي البعض أحد أسباب تفسخ الحركة.