Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Sep-2018

نتنياهو عنصري وفكره يشوش اليسار - ديمتري تشومسكي

 

هآرتس
 
الغد- حسب مقال هيئة تحرير "هآرتس" الذي كتب في أعقاب مهاجمة ثلاثة مواطنين عرب على شاطئ البحر في كريات حاييم في حيفا، فإن بنيامين نتنياهو لم يكلف نفسه بإدانة المهاجمة لانه يفضل "الانشغال باعتبارات انتخابية ضيقة، وليس بتطوير دولة سليمة آمنة وديمقراطية، يشعر فيها حتى الاقليات وكأنها في بيتها" (27/8). أيضا نحاميا شتراسلر شرح في مقاله بشأن الحدث المرعب في كريات حاييم أن سكوت نتنياهو ينبع من ادراكه "بان الحصة الأعلى في صندوق الانتخاب ستعطى لمن يمس بالعرب ويهينهم ويهددهم" (28/8). 
ولكن، ليس من الخطأ الافتراض انه لو أن نتنياهو تنكر اليوم لقانون القومية، وتمسك قانونيا بوثيقة الاستقلال، وقام بتحول سياسي كما فعل ايهود اولمرت من خلال تبني فكر تقسيم البلاد حسب معايير عملية أنابوليس، فانه لم يكن بالضرورة فقدانه قوته الانتخابية. بالعكس، بالامكان ان نقدر بانه كان سيحظى بدعم قوي من جانب قسم لا بأس به من مواطني إسرائيل. 
حقا، فإن الرعاع الوطني المتطرف الفاشي (قاعدته الحالية) كان سيتخلى عنه بصورة فورية، ولكن مكانه بالامكان أن يحتله العديد من أوساط مصوتي "يش عتيد" (يوجد مستقبل) وجميعنا، وكذلك الجناح اليميني لمصوتي المعسكر الصهيوني. حيث أنه بالنسبة لكل هؤلاء، والذين ما زالوا أسرى لاسطورة "لا يوجد شريك"، ولكن الذين يفهمون داخل قلوبهم انه ليس بالإمكان السيطرة على شعب آخر لابد الابدين – تغيير في صيغة دي كليرك الجنوب افريقي في موقف رئيس المعارضين للدولة الفلسطينية كان من شأنه أن يحدد بداية الحسم لصالح تقسيم البلاد. 
بيد أنه من الواضح انه لا يوجد سيناريو متخيل ومجنون كهذا. ليس هنالك أدنى احتمال ان يتحول نتنياهو في يوم ما إلى ايهود اولمرت أو تسيبي لفني، نظرا لانه ملزم ايديولوجيا برؤية التفوق العنصري للقومية اليهودية ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط. إن التفكير بانه لا يمكنه أن يحظى بالدعم الواسع للاقسام المتعلقة في الجمهور الإسرائيلي، لاستكمال العملية السياسية والتي تقدمت بصورة كبيرة في أنابوليس على يد حاييم رامون واولمرت، وأن يحظى بهالة دولية باعتباره انفذ الشعب اليهودي من ظلم استعباد شعب آخر وقاد إلى حل النزاع الوطني الذي اعتبر غير قابل للحل، ربما تثير لديه كراهية عميقة. من ناحيته فإن سيناريو كهذا كان سيمثل خيانة لتراث أبيه وهو تراث اساسه احتقار لقيم المساواة والانسانية وغضب متقد تجاه اليسار. 
لهذه الأسباب بالضبط – اسباب ايديولوجية بصورة جلية – فإن نتنياهو ليس في عجلة من أمره لادانة المذبحة النازية – الجديدة في كريات حاييم. صحيح أنه يجب إلا نذهب بعيدا وان ننسب له تأييدا خفيا لعنف المشاغبين اليهود، شبيها بالتماهي التي شعرت به على سبيل المثال السلطات القيصرية في روسيا تجاه من قاموا بالمذابح ضد اليهود.
ولكن من المعقول الافتراض أنه يتماهى تماما مع الهدف المعلن للمشاغبين: أن نوضح للعرب وللجمهور اليهودي في الدولة مثل يهود كريات حاييم وشاطئ البحر فيها، ان هنالك "الحق الثقافي والديني لتقرير المصير". كما يتضح من قانون الاساس: إسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي، والذي شجعه بحماس رئيس الحكومة أو، كما أحسن ترجمة ذلك للغة الشعبية والبسيطة أحد المشاغبين، "ايها العرب، انتم يجب إلا تأتوا إلى هناك، اذهبوا إلى أماكنكم".
ربما أن صعوبة منتقدي نتنياهو من اليسار ومن اليسار، وسط في رؤيته كما هو، ايديولوجي وطني متطرف متعصب، يكره العرب لانه حسب رأيه تجرأوا بالسكن على الأرض المخصصة للابد لشعب إسرائيل، وبهذا فقد سلبوا من اليهود ارضهم والآن يطالبون بمنتهى الوقاحة بحقوقهم القومية، تنبع من حقيقة ان نتنياهو هو شخص مثقف وذكي، والذي يتفوق من ناحية عقلية على مجموعة الجهلاء والسذج الذي حرص على احاطة بنفسه بهم لكي لا يهددوا حكمه. أجل في اليسار ما زالوا معتادين على أن يروا في الثقافة وفي ساعة الأفق الإدارة الأولى لتحصين الجنس البشري ضد التعصب القومجي، القبلي وكراهية الاجانب. 
ولكن يجب الاعتراف بأسف، انه احيانا فإن الإيمان المتنور بقوة التعليم والثقافة على ان تستخدم كـ "علاج عجيب ودهش ضد عمى القومية المتطرفة والعنصرية وكراهية الاخر، ليست أكثر من تمني ساذج للياسر. حالة نتنياهو هي مثال واضح لهذا. أجل يتعلق الأمر بشخص مستواه الفكري أعلى من المتوسط، ولكن بنفس الوقت شخص متمسك بصورة متعصبة بموقف ايديولوجي ظلامي، والذي في صلبه سلب الحق الفلسطيني من حقه في تقرير المصير في وطنه القومي، والتمسك بفكرة التفوق للشعب اليهودي في دولة إسرائيل وأرض إسرائيل. موقفه هذا يقوم نتنياهو بالسعي لتحقيقه بدأب وبنجاعة منذ سنوات طويلة بواسطة التحريض ضد معارضه والذي يصفهم بنفس المفهوم الكريه في نظره منذ ان كان في بيت أبيه – اليسار. هذا التحريض ليس وسيلة فعالة مجردة لتجنيد اصوات الجماهير بل فوق كل شيء هو تعبير دقيق واصيل عن رأيه القومي المتطرف والعنصري.