Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Mar-2018

نصر الكرامة.. أقوى صور الاعتماد على الذات... - فيصل ملكاوي

الراي -  الانتصار الكبير الذي حققه الجيش العربي الاردني في معركة الكرامة والذي حطم فيه اسطورة الجيش الذي لا يقهر ، شكل نقطة تحول كبرى في المشهد الوطني وايضا في الصراع العربي الاسرائيلي ، باعتراف قادة العدو الاسرائيلي انذاك وفي هذه الايام لا زالت هذه الاعترافات تتكرر ، بان تلك المعركة التي وقف فيها الاردن صامدا وامتلك زمام المبادرة والارادة بان احدث تحولا تاريخيا في هذه المعركة بنصر استراتيجي كان ابرز صوره ان جيش الاحتلال لم يحقق بعدها نصرا في اي حرب خاضها رغم سلسلة الحروب التي اعتدى بها بعد ذلك على الدول العربية.

معركة الكرامة ونتائجها كان تواجه المستوى السياسي والعسكري والامني الاسرائيلي مع كل عدوان لتذكرهم بالحقائق الدامغة التي اكتوى بها الوعي الاسرائيلي بان تلك المعركة التي لقيت فيها قوات الغطرسة الاسرائيلية هزيمة مدوية كانت علامة فارقة في هدم استراتيجية الردع واجهاض فاعلية نقل المعركة الى ارض الخصم وتبديد احلام الحسم وتحقيق الاهداف بدقة وجعل كل ذلك جزءا من تصورات ما قبل معركة الكرامة وهي القواعد والمسلمات التي طالما قام عليها فكر العدوان الاسرائيلي وعقيدته الشاملة لكن الجيش العربي الاردني وضع لها خط نهاية يوم الكرامة قبل نصف قرن.
هو بالضبط مبدأ الاعتماد على الذات باقوى صوره الملتحم بالارادة ، الذي اعتمد عليه الاردن في معركة الكرامة ، قيادة وجيشا وشعبا ، في انموذج موحد ومتحد ، قرر احداث نقطة التحول الاستراتيجية انذاك والتي تمتد اثارها الى اليوم وفي المستقبل ، اذ كانت الظروف السياسية والاقتصادية والعسكرية صعبة في تلك المرحلة ، وكانت الظروف العربية اشد صعوبة ، وحالة اليأس تعم الامة العربية على وقع النكسة جراء العدوان الاسرائيلي قبل معركة الكرامة باشهر في حزيران 1967 ، وكان الصلف والغرور في اوجه لدى اسرائيل ، التي جعلها تدخل في وهم ان العدوان على الاردن لن يكون سوى نزهة لرسم واقع جديد وتغيير المشهد الاستراتيجي في الصراع و حرق مراحل لعقود قادمة في سياسة التوسع والعدوان وتجذير الاحتلال الاسرائيلي وانهاء القضية الفلسطينية مبكرا لصالح المشروع الصهيوني.
وفي ظل الظروف الصعبة ، وعدم تكافؤ موازين القوى ، بين الاردن والعدو ، وفي ظل عدم وجود ظهير استراتيجي للاردن في المعركة ، جراء النكسة التي حلت بالدول العربية قبل اشهر من معركة الكرامة ، كان هناك الخيار الاستراتيجي الاردني الذي امتلكه الاردن ولم يتردد باستخدامه ، والذي لم يكن العدو يدركه او يعي قوته ، اذ كان الخيار الاول والاخير هو الاعتماد على الذات والارادة وتركيزهما بابهي صورهما الايقونية واللتين جسدتا حالة ايمانية قوية قائمة على عقيدة صلبة ، جعلت نشامى الجيش العربي يمتلكون زمام المبادرة بما هو اقوى واكثر فاعلية من منطق السلاح والقوة الى منطق الحق والشرعية والصمود وامتلاك ناصية الثقة بالانتصار ، ما جعل الضربات الاردنية تاتي قاصمة وموجعة للعدو بقوة الارادة والتضحية والاقدام والادارك الكامل ان هذه المعركة ليست مجرد جولة او حتى صفحة من صفحات العدوان انما هي مفصل وعلامة فارقة سيكون لها ما لها من قبل ومن بعد.
كما ان قراءة مجريات وظروف المعركة تؤكد انه كان هناك ادراك اردني كامل بان المعركة انما هي مسالة وجود ورسالة ومسؤولية وطنية وقومية وانه ان كان القدر ان نكون وحدنا فيها فان الاردن امتلك سلاح الاعتماد على الذات باقوى صوره والارادة والتلاحم بين القيادة والشعب والجيش وهي العوامل التي تفوقت على المحددات وتوازن القوى لترجح الكفة بنصر اردني حاسم محل قراءة واستنارة وتبصر.
نصر الكرامة رسالة خالدة ، تقول بكلمات ورسائل حاسمة ، بان من يملك الارادة والاعتماد على الذات والايمان ، وهي كلها ثوابت اردنية راسخة ، يملك ناصية النصر ، وامساك زمام المبادرة في ظل اي ظرف وفي كل مرحلة وامام اي تحديات مهما تعاظمت ، سياسية ام اقتصادية ام عسكرية هذا ما كان في معركة الكرامة وهو ما سيكون اليوم وفي المستقبل للاردن الذي خرج دوما من كافة معاركة مؤزا مكللا بالشرف والمنعة.