Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2017

رواية: 1984 ! - د. زيد حمزة
 
الراي - هذه الرواية البريطانية ليست جديدة فقد كتبها جورج أورويل George Orwell في عام 1949 وقد عُرضت منذ ذلك الوقت في مسارح اميركية وعالمية مختلفة لكن الذي جد على الساحة هي أن فيلما مأخوذا عنها وعما تمثله من مقاربة لوصول ترامب الى سدة الرئاسة يعاد عرضه في اكثر من مائتي دار للسينما في اربع وأربعين ولاية أميركية ويهدف القائمون على ذلك التحرك المفصلي لاتخاذ موقف مناهض للادارة الجديدة والدفاع عن القيم الاساسية للشعب الاميركي في حرية التعبير واحترام انسانية المواطنين في كل بلاد العالم نساءً ورجالا ومن كل الالوان والاجناس والالتزام بالصدق البسيط حيث لا مكان لما يدعى الان (الحقائق البديلة)، ويعرض الفيلم كذلك في كندا وانكلترا والسويد وكرواتيا ويقول عنه ادم بيرنيوم مدير برنامج العروض في مركز ومسرح افون للافلام في ستانفورد كونيكتيكت (أن افكار أورويل ذات صلة وعلاقة بما يحدث اليوم كما كتبها قبل 70 عاماً وهي تصلح للتعليم في مدارس الولاية حتى لا يتوهم النشء الجديد ان الحقائق هي ما تطلقه اجهزة ترامب ثم تكم افواه الاخرين) ويلقى هذا العرض السينمائي استقبالا صحفياً واسعاً يشمل الترحيب به ورصد تأثرّ جماهير المشاهدين بمضمون رسائله القوية ضد كل ما يؤدي الى الحكم الشمولي والسلطة المطلقة، هذا وقد اعيد طبع الرواية في يناير الماضي وبيع منها اكثر من 9500 % مما كان يباع في السابق أي خمسة وتسعين ضعفاً وهو رقم مهول بكل المقاييس، ويرى كثير من المحللين والنقاد أن أهمية التسابق على شراء الرواية يعود لتطابق ما جاء فيها من ((نبواءت)) عن تطور السلطات الحاكمة في الولايات المتحدة الى المراحل التي تخيلها اورويل واظهر فيها خطورة الاعلام الرسمي أو شبه الرسمي حين تتولى الطبقة الحاكمة ممثلةً للشركات الكبرى (Corporates) توجيهه وتغذيته بالمعلومات والتعليقات والمشاهد التي تهدف لغسل عقول الناس كي يقتنعوا بافعالها وبالنشاط الذي تقوم به مؤسساتها كالبيت الابيض والبنتاغون والكونغرس بحزبيه الجمهوري والديمقراطي ضد باقي المواطنين وضد شعوب العالم.. وتشير كثير من الصحف الاوروبية الى أن مجيء ترامب للحكم قد جرى التمهيد له بمقولته (إذا كنت تملك القوة فانت قادر على اعادة كتابة التاريخ للسيطرة على الشعب) أي حسب اكذوبة 2 +2 = 5 كما جاء في رواية اورويل ! ولعل من اهم ما جاء في الصحف الاميركية بهذا الصدد ما كتبته صحيفة النيويورك تايمز في 25 يناير 2017: إن كتاب جورج اورويل 1984 حول الدولة غير الفاضلة المتخيَّلة Dystopia (أي عكس المدينة الفاضلة Utopia) حيث الفكر النقدي مكبوت ومقموع من قبل نظام سياسي شمولي Totalitarian لذلك بدأ الناس يتذكرون الكتاب ويقبلون على قراءته بشكل غير مسبوق خصوصاً بعد أن اطلق السكرتير الصحفي للبيت الابيض ادعاءً زائفاً (مقابل الحقائق الموثقة) بقوله إن السيد ترامب قد حظي بعدد من الحضور اثناء تنصيبه اكثر من اي رئيس سابق، وقد دافعت مستشارة ترامب عن هذه الكذبة في برنامج ( واجه الصحافة) بالقول:( لا تأخذوا كلامه على محمل الجد اكثر من اللازم ) وهو نوع من التحايل والتغاضي عن الحقائق واستبدالها بالفكر المزدوج Double Think وهو ما ورد في رواية اورويل كنبوءة من نبواءاته حول الحكم السلطوي الشمولي!
 
وقال استاذ التاريخ الثقافي والخبير بمؤلفات اورويل في جامعة كامبردج البروفيسور ستيفان كوليني ( إن القراء يرون تماهيا طبيعيا بين الكتاب (الرواية) والطريقة التي يقوم بها ترامب وفريقه في البيت الابيض من تحريف للحقائق وتشويهها ويتذكرون 1984 وكم يحتوي على امثلة مشابهة ومتطابقة مع ما تفعله الجهات الرسمية من الترويج للاكاذيب ما جعلهم يعودون لقراءة الرواية باعداد كبيرة)..
 
بالأمس عشت ساعة كاملة مع فيلم تسجيلي انتجته ال BBC قبل سنوات عن حياة جورج اورويل واحواله المعيشية القاسية بعد أن عايش العمال في المناجم وفي مصانع شيفيلد في انكلترا وشارك في الحرب الأهلية الاسبانية ضد الدكتاتور فرانكو عام 1936 ثم في عمله في ال BBC لتغطية مآسي الحرب العالمية الثانية في بريطانيا وألمانيا، وكانت آخر كلماته قبل ان يموت بالسل عن عمر لا يتجاوز 47 عاماً:(على الناس ان يقاوموا ويحافظوا على الامل والا ماتوا والبساطير تدوس على وجههم!).
 
وبعد.. فلقد قالت صحف اوروبية عديدة كما رددت BBC في الاسبوع الماضي ان ما يجري حالياً لدى شرائح كبيرة من الشعب الاميركي هو مؤشر جدّي على ضيقها بوصول دونالد ترامب الى سدة الرئاسة ما يعطي أملا جديداً لكل حركات التحرر في العالم بدءا من فلسطين وصولا الى كوبا وبينهما مئات، بأن لها سنداً وحليفاً في شعب اقوى دولة في العالم..