Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Apr-2019

الوظيفة التشريعية لمجلس الأعيان*د. ليث كمال نصراوين

 الراي-شهدت الأيام الأخيرة من عمر الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة حركة تشريعية نشطة تمثلت في إقرار عدد من القوانين التي كانت محل خلاف بين مجلسي الأعيان والنواب وذلك من خلال عقد جلسة مشتركة بينهما وفق أحكام الدستور. إن المتتبع لمجريات الأحداث يجد بأن مجلس الأعيان قد نجح في الفترة الأخيرة في أن يفرض نفسه كجهة تشريعية فاعلة على القوانين التي أقرها مجلس النواب، حيث بادر إلى تقديم الحلول والمقترحات التشريعية الخاصة به والتي اختلفت كليا عن تلك المقترحة من قبل السادة النواب، وقد جرى تبني العديد منها في الجلسة المشتركة الأخيرة، خاصة تلك المتعلقة بتعديلات قانون العمل المؤقت لعام 2010.

 
إن المشرع الدستوري قد ساوى بين مجلسي الأعيان والنواب في مجال الوظيفة التشريعية، حيث اشترطت المادة (93) من الدستور لصدور القانون أن يقره مجلسا الأعيان والنواب وأن يصادق عليه الملك. هذا على خلاف الوظيفة الرقابية على أعضاء مجلس الوزراء، والتي خصها المشرع الدستوري بمجلس النواب وحده، حيث أُعطي النواب وحدهم دون الأعيان صلاحيات رقابية تتمثل في التصويت على البيان الوزاري وطرح الثقة بالحكومة أو أحد الوزراء فيها. كما ينفرد مجلس النواب في مجال المسؤولية الوزارية الجنائية، حيث يحق للنواب فقط دون الأعيان إحالة الوزراء إلى النيابة العامة لمحاكمتهم عن الجرائم الناتجة عن تأدية وظائفهم.
 
إن معظم الديمقراطيات النيابية توجد نوعا من التمييز بين المجلس المنتخب والمجلس المعين في مجال الوظيفة التشريعية. ففي بريطانيا مثلا، فإن القوانين ذات الصبغة المالية–كقانون الضريبة–يتم إقرارها من قبل مجلس العموم المنتخب دون مجلس اللوردات المعين، بحيث يقتصر دور مجلس اللوردات في النظر في مشاريع القوانين هذه دون أن يكون له سلطة منعها أو تعديلها.
 
بدوره فقد راعى الدستور الأردني الاختلاف في طريقة تشكيل كل من مجلسي الأعيان والنواب، فبادر إلى تقرير أوضاع دستورية خاصة بالمجلس المنتخب على حساب المجلس المعين. ففي مجال الوظيفة التشريعية، لم يظهر الاختلاف بين المجلسين في مجال الصلاحيات التشريعية حيث يتمتع كلا المجلسين بالسلطات ذاتها، إلا أن التمايز الدستوري قد ظهر من خلال العدد الكلي لأعضاء كلا المجلسين، فمجلس الأعيان يتألف من عدد ﻻ يتجاوز نصف عدد مجلس النواب بما فيهم الرئيس، وذلك عملا بأحكام المادة (63) من الدستور.
 
إن هذا الاختلاف في العدد بين المجلسين تظهر آثاره الدستورية في الجلسة المشتركة التي يعقدها مجلسا الأعيان والنواب لحل الخلاف بينهما في مجال الوظيفة التشريعية، حيث تشترط المادة (92) من الدستور لقبول مشروع القانون في الجلسة المشتركة أن يصدر قرار عن المجلس المشترك بأكثرية ثلثي الأعضاء الحاضرين. فهذا الحكم الدستوري من شأنه أن يزيد من فرص أن يسيطر مجلس النواب على القرارات الصادرة في الجلسة المشتركة لصالح تمرير مقترحاتهم ومواقفهم من مشاريع القوانين على حساب الأعيان المعينين، وذلك تكريسا للقاعدة الدستورية بأن الأمة هي مصدر السلطات، وأنها تمارس سلطاتها على الوجه المبين في الدستور.