Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Sep-2017

في المسألة الكردية: هل اقترب حوار... «المدافع»؟ (1-2) - محمد خروب
 
الراي - في ظل ارتفاع وتيرة التهديدات بعمل عسكري لـِ»إحباط» استحقاق 25 أيلول الجاري، بما هو الموعد الذي حدّده رئيس اقليم كردستان المنتهية ولايته مسعود برزاني، لِإجراء استفتاء قيل في وصفه انه «غير مُلزم»، في محاولة لتبديد مخاوف الاطراف المعنية من «تدحرج» نتيجة هذا الاستفتاء، الذي تُجمع التوقعات على انه سيحظى بـ»نعم» كبيرة، يهبط اليوم في بغداد وفد كردي رفيع المستوى لِإجراء «حوار» مع سلطات بغداد، ليس بمقدور احد امتلاك قدرة التوقع او التنبؤ بمآل حوار كهذا، يجري وسط اجواء محتقنة ومشحونة محمولة على تهديدات وحشود عسكرية تقوم بها اطراف اقليمية وخصوصا داخلية، سواء من الحكومة المركزية ام من سلطات الإقليم، التي رشحت انباء متواترة عن إعلانها حال الطوارئ القصوى بين قواتها العسكرية واذرعتها الأمنية (البشمركة والأسايش) فضلا عن استدعاء قدامى المحاربين والمتقاعدين من مقاتلي البشمركة، ليُشكّلوا رديفاً احتياطيا للقوات التي دُفِع بها الى الجبهات وخاصة الجنوبية، مع عين يقِظة نحو الشمال والغرب (على الحدود من تركيا).
 
الايام القليلة المتبقية على الاثنين القريب، لا تترك فرصة للاطراف المعنية مباشرة وتلك التي دخلت على خط الوساطة (رغم ان بعضها غير جدّي) فضلا عن التحرك البريطاني الفرنسي الذي اندرج فيه هذه المرة وزير الدفاع البريطاني مايكل غالون وقبله الجانب الفرنسي ممثّلاً بالرئيس ماكرون، لا يدَع (الوقت القصير المُتبقّي) فرصة لترف الإنتظار قبل انفجار الازمة على نحو شامل، وخصوصا بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم «دستورية» الاستفتاء، وكأن شيئا في العراق يجري وفق الدستور، ما بالك ان «قراري» البرلمان بعدم «دستورية» الاستفتاء قد اضفت نوعا من الفانتازيا على المشهد العراقي المرتبك والفوضوي والذاهب بعيون مفتوحة نحو المجهول، وبخاصة في ظل غياب الحوار وتصدّع المكونات السياسية والحزبية، على نحو ينذر بأن مرحلة ما بعد 25 أيلول، سواء تم الاستفتاء ام تأجّل، ستكون كارثية على مختلف الصعد.
 
ليس ثمة احد من المنخرطين في المسألة الكردية التي طفت على سطح الاحداث واحتلّت مكانة الصدارة على جدول الاعمال العراقي والاقليمي بامتداد دولي، فأحدث ارتباكا وحرجا في عواصم القرار الدولي، بعد ان فاجأ الكرد (اقرأ مسعود برزاني) بمسألة الاستفتاء، الذي تم ربطه باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة في الاول من تشرين الثاني المقبل، لا يستشعِر أحد من هؤلاء قدرة على اخذ المسألة المعقدة هذه الى مربع التسوية التي تحفظ للجميع بعض «ماء الوجه»، بعد ان صَعَدَت الاطراف المعنية مباشرة بهذه الازمة الى «شجر عالٍ» بات تحضير «سلالم» طويلة لإنزالهم عنها، متعذرا او يقترب من الاستحالة، اذا ما اصرّت هذه الاطراف على شروطها واشتراطاتها والخطوط الحمر التي وضعتها، على نحو يبدو فيه الحوار بـِ»المدافِع» هو الخيار «الاخير» لمن اصبح ظهره ومستقبله السياسي..نحو الحائط.
 
كل «الزعامات» التي تخوض «معركة الاستفتاء»، تأجيلا او استمراراً، إنما تُدافِع عن مستقبلها السياسي والشخصي، فضلا عن اسباب عديدة لها علاقة بالتحالفات ومعادلة الاصطفافات غير المستقِّرة، بعد ان أحدث الإعلان عن اجراء الاستفتاء «خلطاً» كبيراً في هذه المعادلات، وبخاصة في علاقات اربيل (بما هي عاصمة الاقليم) مع العواصم المجاورة، التي ارتبطت كما انقرة والى حد ما طهران، بعلاقات «قوية» نسبيا مع الاقليم الى ان وصلت الان الى تهديدات «ساخنة» من قِبَل تركيا وايران بإحباط هذه الخطوة مهما كانت النتائج، الأمر الذي ربما راهن السيد برزاني على عدم حدوثه، حيث ربطته علاقات «وثيقة» مع اردوغان فضلا عن اعتقاده (ربما) بان التنافس بين طهران وانقرة يحول دون اتفاقِهما على استعداء الاقليم، وربما «فكّر» بأن «احدى» العاصمتين ستسعى الى خطب «ودّ» اربيل لجذبها نحو مربعها، الاّ ان الامر يبدو الآن مغايرا ومقلوبا، ما يستدعي من اربيل إبداء المزيد من الحذر واليقظة والحاجة الماسّة الى الحكمة بعد ان وصلت الامور او كادت الى نقطة اللاعودة، التي تعني أن مواصَلة إجراءات الاستفتاء وبالمقابل اعتماد الخيار العسكري وسيلة وحيدة لفرض «الرؤية» الخاصة بهذه الاطراف او تلك، انما يقترِب من «خيار» الانتحار المجّاني، لان لا احد سيخرج منتصرا، بعد ان تأخذ عواصم القرار الدولي التي لا تبدي حماسة او جدية كافيتين لتنفيس الازمة او وضعها على سكة الحلول البراغماتية، رغم ادعاء واشنطن وباريس ولندن (الثلاثي الاستعماري المعروف) بأنها ضد الاستفتاء وداعمة للحوار.
 
بغداد لم تُقدِّم للكرد من «الضمانات» ما يكفي لتبديد مخاوفهم من ان مرحلة ما بعد تحرير ما تبقّى من اراض عراقية يُسيّطر عليها «داعش» ستكون مرحلة «تطبيق الدستور» في شكل كامل، وبخاصة المادة «140» التي زاد عمر عدم تنفيذها على عشر سنين، ناهيك عن بقاء «اشكالية» الرواتب وقانون النفط والغاز والمناطق المتنازع عليها (الجديدة وليس تلك المتعلقة بالمادة 140). الامر الذي اذا ما تم حسمه في «حوار» اليوم، يمكن ان يبني عليه «الكرد» تبريرهم لتأجيل او الغاء الاستفتاء، وبخاصة ما يرشح عن «عرض» طريف من الحكومة المركزية بـِ»تمديد» لمدة اربع سنوات لرئيس الاقليم مسعود برزاني، كأحد خيارات إباداء «حُسن النيّة»، وكأن رئيس الإقليم مدين بوجوده في موقعه لقرار بغداد، وليس لإرادة كُرد الإقليم وباقي مكوناته العِرقية.
 
... للحديث صلة.
 
kharroub@jpf.com.jo