Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Dec-2018

الروابدة: يكون أو لا يكون* حسين الرواشدة
الدستور -
 
فيما يسأل الناس في معظم بلدان العالم عن مستقبلهم : كيف سيكون ؟ يسأل الاردنيون عن مستقبلهم : يكون او لا يكون ؟
 تلك مفارقة - بالطبع - يسجلها رئيس الوزراء الاسبق، عبدالرؤوف الروابدة، في حوارية استمرت نحو ساعتين ونصف، اجمل فيها رؤيته لواقع الاردن ومستقبله، بعضها يمكن نشره، وبعضها تصح فيه مقولة الامام علي ابن ابي طالب « ليس كل ما يعرف يقال...».
المفارقة تلك كانت بمثابة «الحجر « الذي يتوسط العقد في البناء، وربما كان هذا الحجر مقاربة ذكية لعشرات «الحافّات» التي وقف عليها الاردن منذ نحو مائة سنة على تأسيسه، فما بين الحجر المطلوب تمتينه بقوة لرؤية المستقبل وتطمين الناس على انه سيكون وبين الحافّات التي تثير مخاوفنا وهواجسنا عليه، مساحة واسعة اتاحت للروابدة، السياسي والمثقف والصيدلاني ايضا، ان يقف في المختبر ليحلل كيمياء المعادلات الصعبة التي شكلت وعي الاردنيين، كما شكلت علاقتهم مع بعضهم ومع غيرهم، ومع دولتهم ايضا.
سأشير فقط الى ثلاث معادلات، الاولى تتعلق « بالهوية « الاردنية التي يعتقد الروابدة انها اخطر «الحافّات» التي نواجهها، لا يمكن فهم ذلك الا في سياقين : الاول بالعودة للتاريخ والثاني باستشراف ما تضمره الوقائع الراهنة لنا في المستقبل من مفاجأت،تاريخيا هناك محطتان مهمتان، فقبل الوحدة بين الضفتين في نيسان 1950 بعام كان قانون الجنسية قد تضمن بندا يمنح ابناء الضفة الغربية كلها الجنسية الاردنية، وبعد 15 عاما على الوحدة تأسست حركة فتح التي اخطأت في تحديد مفهوم الهوية الفلسطينية، كان يمكن - كما يقول الروابدة- ان نتوافق على هوية» نضالية» تجمع الشعبين على هدف واحد مع احتفاظ كل منهما بهويته الوطنية، لكن ذلك لم يحدث، مما ولّد حالة من «الاشتباك « بين الهويتين وجدت من ينفخ فيها، وهنا اصبح السؤال عن الهوية الاردنية بحاجة دائمة الى اجابة واضحة.
اما ما تضمره الوقائع القادمة من «مفاجآت» على صعيد فرض التسويات للقضية الفلسطينية التي يقول الروابدة ان الخاسرين الاثنين منها هما : الاردن بكل من يعيش فيه، والفلسطينيون، فسيجعل من معادلة الهوية «حافّة» خطرة يجب ان نفكر فيها، ليس فقط للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، وانما ايضا للحفاظ على حقوق الفلسطينيين وهويتهم الوطنية، وابقاء اسرائيل في المربع الاصلي الذي يجب ان تكون فيه.
المعادلة الثانية هي ما فعلناه بانفسنا على صعيد «الادارة العامة للدولة»، سواء على صعيد الهئيات التي استقلت بلا سبب، او المؤسسات التي تراجع اداؤها، او النخب القيادية التي سقطت بالبرشوت ومن خارج رحم المجتمع، او العبقريات التي صدّرت لنا الخطط والمبادرات الوهمية، يتحدث الروابدة هنا - بمرارة - عن ثنائية الرضاء والاقصاء وما افرزته من استفزازات وهياكل ادارية مشوّهة، وعن الفساد الاصغر الذي لا يقل خطرا عن الفساد الاكبر، حيث تحول بعض الموظفين الى مصائد للرشوة، وعن الاستثمار المغشوش الذي تنكب الطريق الصحيح لتنمية مواردنا في الزراعة والسياحة، فمعظم ما نعانيه من ازمات -كما يعتقد - خرج من «بؤس» الادارة قبل ان يخرج من تعطل عجلة السياسة ، ذلك ان رأسمالنا الذي هو الانسان الاردني الذي استثمرنا فيه بالتعليم والادارة والصحة، وصدرناه للخارج، لم يعد له ما كان من رصيد بعد ان استنزفناه بسبب فشل الادارة، ومع غياب العناية بهذا الانسان وقعنا في «فخ» الاعلام المرعوب، والتعليم الرديء، والاقتصاد المأزوم، والثقة المهزوزة بين الناس ومؤسساتهم العامة.
تبقى المعادلة الثالثة، وهي السياسة، هنا يستذكر الروابدة المزيد من الوقائع والاسئلة ويكرر المثل الذي استخدمه مرات عديدة اثناء حديثه « استوى العدس»، كيف استوى العدس ولماذا..؟
غدا نكمل ان شاء الله