Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Aug-2017

يساريون وقوميون في خدمة الإمبريالية.. وإسلاميون في خدمة الإباحية والإنحلال - بلال حسن التل
 
الراي - قلت في مقال سابق أن أجيالنا ومعها أمتنا، وقعا ضحايا الفرق بين المعرفة التي تظل في الصدور والعقول، والمعرفة التي تأخذ طريقها عملاً في واقع الناس لتغيره، وضحايا الفرق بين الشعار والتطبيق، والفرق بين القول والعمل، والفرق بين الأماني وتحقيقها. ولذلك أسباب كثيرة، منها أننا لم نأخذ بالأسباب لتطبيق معارفنا على أرض الواقع، ففي مجال العلوم الإنسانية لم نعش معارفنا وشعاراتنا عن القيم والأخلاق كسلوك نمارسه مع أنفسنا ومع الناس، فبمقدار حديثنا عن القيم والمبادىء والنظام والالتزام والصدق، نمارس التفلت من ذلك كله، والدليل نلمسه في كل لحظة من لحظات حياتنا، سواء في فوضى السير في شوارعنا، أو في الترهل الإداري في دوائرنا ومؤسساتنا، الناجم عن عدم التزامنا بأخلاقيات الوظيفة العامة، ناهيك عن الكذب والرياء الاجتماعي في كل ممارساتنا اليومية، والتي تعكس حجم التناقض بين حديثنا عن البر الذي يعج به عالمنا الافتراضي في وسائل التواصل الاجتماعي، وبين الرذيلة والعقوق اللتين يعج بهما واقعنا المادي الذي نعيشه على وجه الحقيقة.
 
ومثلما أننا لم نحول معارفنا من العلوم الإنسانية إلى سلوك نعيشه، فكذلك فإننا لم نحول معارفنا من العلوم التطبيقية إلى منجزات مادية، ترفع من مستوى حياتنا، وتجعلنا نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع، وتُخرجنا من حالة الاتكالية على منتجات الاخرين، على العكس من ذلك فقد حولنا معارفنا في العلوم التطبيقية إلى وسيلة للإساءة إلى منظومتنا الأخلاقية المهتزة أصلاً، ومن الأمثلة على ما أقول تصاعد الشكوى من جشع بعض الأطباء، وهو الجشع الذي صار محل حديث المجالس، ومثلها الشكوى من غش المهندسين والمقاولين لأننا حولنا معارفنا من العلوم التطبيقية إلى مجرد سلعة ومدخل إلى عالم الجشع.
 
وإذا كان عدم الأخذ بالأسباب مدخلاً إلى ما نعيشه من تناقض، بين القول والعمل والشعار والتطبيق، فإن من أسباب ذلك أيضا أن جل الذين تصدوا للعمل العام في بلادنا لم يحسنوا ترتيب أولوياتهم، ودليل ذلك أنهم في غالبيتهم الساحقة أهملوا بيوتهم وأسرهم، وهي الأولى بانصراف جهدهم إليها، ليبنوها وفق مبادئهم وشعاراتهم، ليقدموا للمجتمع نموذجاً للإنسان الذي يريدونه، وفي هذا المجال نضرب المثل من سيرة رسول الله محمد عليه السلام فقد أمره ربه بأن يبدأ دعوته بدائرته الضيقة، أهل بيته وعشيرته بقوله «وأنذر عشيرتك الأقربين» وقد سجلت لنا السيرة النبوية أن أول من دعاهم ورباهم عليه السلام أفراد أسرته، فكانت زوجته أم المؤمنين خديجة أول من تعرض لدعوته فأسلمت معه، ومثلها كان ابن عمه الذي يعيش معه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ولم يأل عليه السلام جهد الإقناع عشيرته الأقربين من آل هاشم للإيمان بدعوته، فما بال بعض الدعاة والحركيين الإسلاميين يهملون بيوتهم وأبناءهم، فإذا هم في صف الإلحاد والإباحية والدعوة لهما، وفي الذاكرة قائمة طويلة من أبناء الإسلاميين الذين انحازوا إلى الإباحية والانحلال، لأن آباءهم صرفوا جل جهدهم إلى خارج بيوتهم، فأهملوها وأهملوا أبناءهم وبناتهم.
 
ومثل الإسلاميين وأسوأ منهم، نفر من قادة العمل القومي واليساري، فهؤلأ أيضاً أهملوا بيوتهم وأبناءهم، فصارت بيوتهم نهباً للآخرين، تخرج منها من صار خادماً للمشروع الإمبريالي، عاملاً في دوائره ومؤسساته، ساعياً إلى نشر قيمه ومثله، جاعلاً من ثقافته نموذجاً يدعو إلى اعتناقه، فضاعوا وضيعوا.
 
لذلك كله لعلي لا أغالي إن قلت إن بعض رموز الهجوم على الإسلام وثقافته هم من أبناء وبنات وزوجات الإسلاميين الحركيين، وأن جل العاملين في المؤسسات التي تروج للمفاهيم الأميركية بيننا، هم من أبناء وبنات رموز المد القومي واليساري، وهذه وتلك من نتائج أخطائنا في ترتيب أولوياتنا، ومن ثم وقوعنا ضحايا للتناقض الذي نشكو منه ولا علاج له إلا بالمواجهة الشجاعة مع النفس.
 
Bilal.tall@yahoo.com