Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-May-2017

قبل اتساع الخرق - ابراهيم العجلوني
 
الراي - ألا لا يعجبن أحد اذا ما رأى تهافت كثير من كتاب القصة والرواية على الموضوعات التي يتسع فيها مجال الثرثرة في الغرائز الدنيا والمباذل والشهوات.
 
إنها بضائع مطلوبة بعد ان فسدت الاخلاق والاذواق, وإن نظرة عجلى الى عناوين معظم ما نراه في معارض الكتب من هذا الذي يقدّم على أنه «أدب قصصي» تكفيلة باظهارنا على ما نستدل به على تدهور حياتنا الادبية, وعلى ضرورة أن ننبه الى هذه الظاهرة التي توشك أن تكون داء عياء هيهات له من برء في ضوء ما نراه من غيبة النقد الجاد ومن تخسير موازينه ومن غلبة النفاق والادهان والاهواء والعلاقات الشخصية, بحيث يمكن القول إننا أمام فساد عظيم لا مرد له بتظاهر عقول وارادات, وبقيام حركة نقدية صارمة تحول ان يتفاقم هذا الغثاء فلا يكون لنا, بعد, في دفعه من رجاء.
 
لقد صرنا في وفرة طاغية من عنوانات ذوات دلالات يملك الباحث النفسي نسبتها الى المضاهأة المجانية لأسوأ افرازات المجتمعات المتحللة, وهي عنوانات متصادية منتشرة انتشار العدوى على حد قول أبي العلاء المعري:
 
تثاءب عمرو اذ تثاءب خالد
 
بعدوى فما اعدتني الثؤباء
 
وإن مما يبعث على التساؤل حقاً أن يكون «الجسد» هو المحور الذي تدور عليه هذه الاعمال المنسوبة الى الادب, فثمة ذاكرة لهذا الجسد وثمة سورة ودماء محتدمة, وثمة حواس مستثارة, وثمة ظمأ, وثمة احتراق, وثمة مشاهد تكاد تكون منتزعة من تلك الافلام الرخيصة التي تحظرها الدول التي تستشعر مسؤولية اخلاقية نحو شبابها وشاباتها, وإن رحنا نتساءل لم هذا كله؟ وما الهدف منه؟ وكيف يروج هذا الرواج؟ لم نجد اجابة مقنعة عن ذلك في غير الائتمار بمجتمعنا, وغير ما يراد لأمة العرب من ذهول ذاهل يستغرق شبابها, فهي «مخدرات» تتخذ الادب لبوساً, و»فواحش» ورقية يراد لها أن تؤول واقعاً ملموساً شائعاً باسم الفن وحرية التعبير والواقعية, وما شئت من حجج داحضة ومسوغات متهافتة.
 
لقد فهموا الفن على غير حقيقته, وفهموا حرية التعبير على غير وجهها, وفهموا الواقعية فهماً ملتوياً قاصراً. وكان لهم من فوضى الصحافة الادبية وفسادها, ومن ضعف المستوى الثقافي في وسائل الاعلام, ومن قصور المؤسسات الاكاديمية والتربوية وسلبيتها, ومن فتك الايديولوجيا بالعقول والاذواق.. كان لهم من ذلك كله ما دفعهم الى التمادي فيما هم فيه, كما كان لنا منه ما يدفعنا الى ما نسميه «الغضب النبيل» من هذه المباءة المنكرة التي يصل السكوت ازاءها الى حد التواطؤ (معرفياً واخلاقياً وبكل معنى) والتي ينبغي الوقوف في وجهها بقوة قبل أن لا يعود في الامكان انقاذ أجيالنا الجديدة منها وقبل أن يتسع خرقها فيعجز عن معالجته الراتقون.