Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jun-2020

تغييب مجلس النواب*حمادة فراعنة

 الدستور

يتعامل البعض مع مجلس النواب كأنه عبء، حمولة زائدة، نضطر لها، ويا ريت لو نتخلص منها، كما يتمنى هذا البعض من الغارقين في النظرة الضيقة.
 
هذا البعض صوته منهجياً منظماً ينتمي لعصر 1- الأحكام العرفية، 2- منع الأحزاب السياسية وغياب التعددية، 3- تعليق حق الأردنيين بالانتخابات، إنه صوت غير ديمقراطي، غير دستوري، لا يستند إلا إلى رؤية أحادية، وصوت الذين لا مصلحة لهم في توفير الرقابة النيابية والحزبية والشعبية على أدائهم وعمل مؤسساتهم.
 
مجلس النواب، مؤسسة دستورية، لا تكتمل أركان الدولة وعملها بدونه، هي الضلع الثالث المكمل للسلطتين: 1- التنفيذية- الحكومة، و2- القضائية- المحاكم، هل يمكن وجود دولة بلا حكومة، بلا جيش، بلا مؤسسات، بلا أمن، بلا تشريع؟
 
يقول أحدهم: «تتطلب المرحلة المقبلة وجود مجلس نيابي قادر ومؤهل» ويقول «إن تجربتنا مع المجلس السابق ينبغي أن لا يفقدنا الثقة بدور السلطة التشريعية»، لاحظوا إشاعة الإحباط عبر خبث الكلمات وانحدار مفاهيمها، «تتطلب المرحلة» ما يعني أننا مضطرون لأن يكون لدينا مجلس نيابي لان المرحلة تتطلب ذلك، ولا يقول أن هذا حقنا في كل الأحوال والظروف، أي أن يكون لدينا مجلس نيابي، ويقول «إن تجربتنا مع المجلس السابق»، لأن السابق غير قادر وغير مؤهل في نظره، ويكمل كلامه بقوله «ينبغي أن لا يفقدنا الثقة بدور السلطة التشريعية» غمز واضح وحكم تعسفي قاطع أن المجلس السابق غير مؤهل وغير قادر، ولذلك يجب استبداله بمجلس مؤهل وقادر، لأن المرحلة تتطلب ذلك، نحن مضطرون لذلك، آسفين يا ناس، تحملونا حينما نطلب أن يكون لدينا مجلس نيابي. 
 
صاحبنا المحظوظ صاحب هذا الموقف، المعبر عن سياسات غير ديمقراطية، غير دستورية، لا يملك شجاعة أن يقول ذلك عن مؤسسات رسمية أخرى، لأن مجلس النواب لا رافعة له تحميه، فهو بلا أب يقف قوياً كمظلة تُدافع عنه، ولذلك يتم «هبشه» بلا رحمة، بدون أي إحساس بالمسؤولية أو الملامة من أي طرف يقظ!!
 
بكل مرارة، لا تتوفر القناعة الراسخة أن الدولة أي دولة لا تستطيع مواصلة حياتها الطبيعية السوية بدون مجلس نواب، لأن سلطتها وحكومتها تكون مُتغولة منفردة في السيطرة والإدارة، ولا يمكن وصفها أنها دستورية تستمد شرعية عملها من الشعب دافع الضرائب والممول لخزينتها وتغطية ميزانيتها، ورواتب العاملين لديها، من جيوب المواطنين.
 
الدستور الأردني هو الحكم الفيصل بيننا، فهو يؤكد أن النظام في بلادنا «نظام نيابي ملكي» دلالة على الصفة الملزمة المترابطة، ولهذا يصر رأس الدولة جلالة الملك على إجراء الانتخابات النيابية ضمن موعدها الدستوري، مع الحرص على توفر الإجراءات الاحترازية التي تحمي الناخبين من تداعيات الكورونا وتحاشي نقل العدوى.
 
لقد نجحت الحكومة ومؤسساتها بامتياز في معالجة وباء الكورونا وحماية شعبنا من الأذى وانتشار العدوى ومنعت توطينه، ولكنها اخفقت في تعاملها مع مجلس النواب، لا من باب الواجب، ولا من باب المشورة، ولا حتى من زاوية المجاملة. 
 
مجلس الأعيان تمت دعوته من قبل الرئيس للتشاور خارج القبة ليقول نحن موجودون: تثميناً للأداء رفيع المستوى في معالجة فترة الكورونا، وتأييداً لموقف الدولة في معركة إسناد الشعب الفلسطيني لمواجهة الضم والاحتلال.
 
مجلس النواب مُغيب، وهو المؤسسة الأرقى في تمثيل الأردنيين في التعبير عن مواقفهم وتطلعاتهم، إلى جانب البلديات، والنقابات، والأحزاب والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، وتغيبه وغياب مبادراته، هو الذي يجعل صوت البعض مرتفعاً بالمس به وبمكانته ودوره الدستوري الملزم.