Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Feb-2017

ايران: أوان التجاوز والاعتبار - ابراهيم العجلوني
 
الراي - نقرأ في كتاب المؤرخ الايراني الدكتور «امير حسين خنجي»: «ايران الصفوية» انه في اليوم التالي لاستيلاء الشاه اسماعيل الصفوي وعساكره (القزلباش) على مدينة تبريز التي كانت حاضرة من اجمل حواضر الاسلام, وكان اهلها من «السنّة» وكان يوم جمعة, دخل هذا الشاه المراهق ابن الرابعة عشرة المسجد الجامع في تبريز (وامر بأن يقف قزلباشي بين كل رجلين صامتاً اذا ما صعد هو المنبر وطلب من الناس ان يلعنوا أبا بكر وعمر وعثمان).
 
«وصعد اسماعيل المنبر ووقف عليه, وخاطب جمع الحاضرين في المسجد بدون أية مقدمات قائلاً: «تبرأوا من السنيّين, والعنوا أبا بكر وعمر وعثمان», وصاح القزلباش الذين كانوا قد وقفوا بين الناس بالسيوف وقالوا: «فليكثر اللعن ولا يقل», ولكن الحضور (من اهل السنة والجماعة) اطلقوا ألسنتهم بالاعتراض, وعلت اصوات الناس بالضجيج, فكرر الشاه اللعن, وقال بصوت عال: «سيقتل كل من لا يقول (كما امرت)». 
 
و»اصيب المصلون بحيرة شديدة من رؤية هذا التصرف وسماع هذه الاوامر, وسألوا أنفسهم: كيف يمكن لرجل يعتبر نفسه مسلماً.. ان يجيز مثل هذه الاهانة الكبرى لاصحاب الدين وخلفائه؟».
 
وهنا يقول المؤرخ الايراني الدكتور أمير حسين خنجي: (ولكن الشاه اسماعيل لم يطلع على تاريخ الاسلام, ولم يكن يعرف اصحاب الرسول, ولم يكن يعرف اي اشخاص كان هؤلاء الصحابة.. ولم تكن مجموعة المعلومات التي لديه عن الاسلام تتجاوز قصصاً «ملفقة» كانت تقرأ عليه مراراً وتكراراً).
 
ويستأنف المؤرخ الايراني: (انظر: «ايران الصفوية» ترجمة: الدكتور احمد حسين بكر: مكتبة النافذة, القاهرة 2010م) قائلاً: «عندما خرج الناس الموجودون في المسجد من حيرتهم وجدوا أنفسهم المخاطبين من هذا المراهق الواقف على المنبر, وكان يهز سيفه بانتظام ويخاطب الناس آمراً وبلغة ركيكة نصف تركية ونصف فارسية قائلا: «العنوا ابا بكر وعمر وعثمان, وتبرأوا من اعداء الله والنبي». وضعوا اصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا المزيد من اهانات هذا المراهق لمقدسات المسلمين فيستحقوا غضب الله بسبب ذلك, وقرر بعض علماء المدينة ورجالها الخروج من المسجد, وهمّوا بالتحرّك من المكان, ولكن حضرة الشاه شهر السيف وصاح: «تبرّأوا», ولما لم يطلع اي انسان الامر امر الشاه من فوق المنبر (العسكر) القزلباش الواقفين بين صفوف المصلين شاهرين سيوفهم منتظرين صدور الاذن باراقة الدماء ان يضربوا اعناق الجميع, وتحول مسجد تبريز في ذلك اليوم الى مقتلة عظيمة).
 
وقد ذكر احد التجار الاوروبيين الذين كانوا في تبريز في ذلك الوقت من اجل شراء الاشياء المنهوبة من القزلباش (جند الشاه الصفوي) انهم كانوا يخرجون النساء الحوامل من البيوت ويمزّقون بطونهم ويقتلون اجنّتهم.
 
وذكر اوروبي آخر – بحسب رواية الكاتب الايراني نفسه – ان عشرين ألفاً من سكان تبريز قتلوا خلال عدة ايام. كما ذكر ثالث – من التجار الاوروبيين الذين شاهدوا الاحداث المريعة هذه آنذاك – أن ما فعله الشاه اسماعيل في تبريز بقسوة وغلظة لم يكن له سابقة في العالم, وربما يمكن مقارنته فقط بنيرون).
 
ثم يقول المؤرخ الايراني إن الدور وصل «الى باقي مدن اذربيجان بعد تبريز, واستمر هدم المدارس والمساجد والقباب والمقابر في مدن اذربيجان بشكل متواصل بلا تعب أو كلل لمدة عام». وكان يتم «القبض على الفقهاء والمدرّسين والمؤذّنين وأئمة المساجد ويُقتلون بأكثر الطرق بشاعة, وتُهدم بيوتهم, وتتعرض نساؤهم وفتياتهم (وفتيانهم) للاعتداءات الجنسية الفظيعة».
 
وثمة فظائع وموبقات امرّ من هذا كله وأشد تنكيلاً وابلغ دلالة على الروح التي استهل بها الشاه اسماعيل الصفوي حكمه لايران, اقصد الرغبة الدموية في ان لا يكون على وجه الارض, من اهل السنّة والجماعة دياراً, وهي الرغبة نفسها التي ما تزال تؤز غلاة الشيعة الصفوية ازّاً, وتتوثّب بتعطشهم الى دماء المسلمين السنّة, وتكاد تكون اصوب تفسير لكثير من اسباب الاضطراب في عالمنا العربي الاسلامي الواسع.
 
واذا كنا نوافق المؤرخ الايراني (وبتحفظ) على ما يراه من مراهقة الشاه اسماعيل وجهله بتاريخ الاسلام, وتمسّكه بما تحدّر اليه من خرافات وخزعبلات. ونرى في ذلك كله لون تفسير لهذه الوقائع المؤسفة التي بسطت ظلالها من بعد قروناً الى مطالع قرننا هذا. فكيف نفسّر في المقابل بقاء الخطاب نفسه اليوم بين ظهراني الايرانيين, وفيهم الآيات (؟) والحجج والمثقفون (علمانيين وغير علمانيين) وكلهم شيوخ تجاوزوا المراهقة عقوداً, وكانوا ظاهرين على تاريخ صدر الاسلام شهوداً؟!
 
أحسب أنه آن أوان تجاوز المراهقة والجهالة الصفوية التي مثلها الشاه اسماعيل أصدق تمثيل, الى ما نرجو أن يكون نضوج وعي بحقائق الاسلام, وعميق فهم واعتبار لوضع ايران في عالم اسلامي مترامي الاطراف يمثل أهل السنّة والجماعة, اكثر من تسعين في المئة منه, ويتطلع ابناؤه الى أن يكونوا قوة موحّدة تصدع بأمر الله الجامع وكتابه المبين, ورسالته التي جاءت رحمة للعالمين.