Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Oct-2017

العقيد المتقاعد الدعجه : فيديو البحث الجنائي نفذ بطريقة افلام الاكشن واوجع الاردنيين جميعا

 

سرايا - بقلم : الكاتب والمحلل الامني العقيد المتقاعد الدكتور بشير الدعجة -شاهدت ما تناولته وسائل التواصل الاجتماعي (الفيديو) لافراد البحث الجنائي وطريقة اعتقالهم لعدد من الأشخاص الذي أثار -ضجة كبيرة وتشكل حوله رأي عام عاصف ونجم عنه احتجاج واسع على مستوى المملكة لا بل تعدى ذلك الى اعمال شغب في احدى المدن الاردنية 
 
وبصفتي مراقب ومحلل أمني فانني وكأي مواطن أردني غيور على جهاز الأمن العام استنكر واستهجن عملية القبض برمتها من الألف الى الياء وجرت بصورة بعيدة كل البعد عن الاحترافية المهنية التي يتمتع بها رجال البحث الجنائي والمهارات الاستخباراتية والطرق الأمنية والقانونية التي يستخدموها في حالات القبض والمداهمة.
وحتى أكون منصفا الى الفئة التي ظهرت في مقطع الفيديو الذي انتشر على وسائط التواصل الاجتماعي وبخبرة السنين الطويله كانت بعيدة كل البعد عن مجريات عمل البحث الجنائي ولم ينفذوا ما تدربوا عليه في كيفية التعامل مع المواطن عند القاء القبض عليه واتباع الاساليب القانونية والامنية قبل استخدام القوة والعنف مع اي شخص مطلوب ... بل كانت تحدث الامور كما شاهدت بالفيديو بصورة ( أفلام الأكشن ) لاثارة المشاهد وجذبه للمتابعة حتى نهاية الفلم .
لم أرى من خلال الفيديو أي قائد للمجموعة التي مارست عملية القبض ولم يتم التعريف بشخصيتهم ووظيفتهم وابرازما يثبت هويتهم للذين تم اعتقالهم ولم يجري أي حوار بين الطرفين بل تمت الأمور كما ذكرت على طريقة أفلام الأكشن وبعيدة كل البعد عن سياسة البحث الجنائي في التعامل مع مثل هذه الحالات.
ان الفعلة هي فعلة فردية مشينة ... اساءت لكافة عناصر الامن قبل ان تسيء للمقبوض عليهم ... ولا تمثل سياسة جهاز الأمن العام التي نعرفها جميعا ونلمسها على ارض الواقع في التعامل مع المواطنين وضرورة احترام انسانيته وكرامته حتى ولو كان متهما ... وهذا ما أكدته رسالة جلالة الملك لمدير الامن العام في كتاب التكليف السامي .
ان الهجمة الاعلامية عبر وسائط التواصل الاجتماعي على جهاز الامن العام ووصف بعض عناصره بصفات غير لائقة وخاصة أفراد البحث الجنائي هجمة غير عقلانية وأظهرت حجم الفجوة بين جهاز الامن العام و المواطنين ... وهي فجوة خطيرة اذا استمرت بالاتساع ... ولا بد من الاسراع في دراستها ومعرفة اسبابها والبحث عن العلاج الفوري لردم هذه الهوة او الفجوة .
فالامن العام يقدم خدمات انسانية وامنية واجتماعية جليلة وأفراده يصلون الليل بالنهار لينعم الوطن والمواطن بنعمتي الأمن والأمان.. وخسارة معركة لا تعني خسارة حرب ... وأذكر ممن قام وساهم بهذه الهجمة عبر منصات التواصل الاجتماعي بشهداء الأمن العام الذين يرتقون كل سنة شهداء عند خالقهم دفاعا عن امن وامان الوطن والمواطن ... يضحون بحياتهم لاجل ذلك ... فأفراد البحث الجنائي يطاردون الجريمة والمجرمين بالمدن والحواري والأزقة ...وقبضتهم مازالت شديدة وقوية على الخارجين على القانون... وما حادثة اربد الا خروجا عن التعليمات والاساليب الشرطية في التعامل معها ... وخروجا واضحا عن النص الذي يحفظونه جيدا... وتأذينا منها جميعا كأردنيين قبل جهاز الامن العام...لأن هذا ( الفيديو ) سينتشر بسرعة الضوء ويتم تداوله في كافة أنحاء المعمورة ووصمة عار تلازم جهاز الأمن العام بشكل خاص والأردنيين بشكل عام .
ان ماحدث في احد مطاعم اربد(الفيديو) والطريقة التي استخدمها افراد العملية اثبت ان هنالك بعض افراد البحث الجنائي غير مؤهلين للعمل في هذه المهنة ... وما حدث يعد درساً مناسباً يجب استغلاله من قبل مديرية الامن العام لاعادة تقييم كافة افراد البحث الجنائي وفق معايير يتم من خلالها فرزهم والاستغناء عن غير المؤهلين واحالتهم الى اعمال ليس لها تماس مباشر مع المواطنين .
اريد أن اذكر من هاجم الأمن العام وعناصره لاسباب عاطفية او لاسباب مبرمجة لها أهدافها الخبيثة ... أن جهاز الأمن العام وللأمانة يضع – معايير عالية ودقيقة – عند اختيار عناصره ويتم الحاقهم بدورات عسكرية شرطية يتشربوا خلالها احدث النظريات الشرطية بالاضافة الى العلوم الاخرى الضرورية لعملهم كالتعامل والتواصل مع المواطنين وطرق التعامل معهم حسب كل حادثة.
لكن الامن العام لا يعطي ممن يتم اختيارهم الاخلاق والصفات الانسانية الاخرى فاذا اخطأ أحدهم أو ارتكب مخالفة اخلاقية أو انسانية كما حدث في مطعم اربد ( الفيديو ) ... فانه تشربها من بيئته وليست بيئة الامن العام ... فتعليمات الامن العام لافراده واضحة ومعروفة لكل مواطن حول كيفية التعامل بانسانية وقانونيا مع اي مواطن عند القاء القبض عليه .
 
لا نريد ان نهيج الموضوع ونعطيه ابعادا وتحليلات اكثر مما شاهدناه في الفيديو ... والشاهد على ذلك أن مديرية الامن العام استنكرت الحادثة واتخذت اجراءاتها القانونية والادارية فورا مما لا يدعي للشك بان ماحدث لا يمثل منهجها وسياستها في التعامل مع المواطنين ... وانما هي اساليب وتصرفات شخصية قد يكون لها دوافع أخرى وستظهره تحقيقات الامن العام لاحقا ان تبين ذلك.
وقد اشرت سابقا في احد تحليلاتي ان بعض رجال الامن العام بحاجة الى مهارات الاتصال والتواصل والتعامل مع المواطنين وان تعمل مديرية الامن العام بكل الوسائل المتاحة للتخلص من عقدة ( انا رجل امن عام ... اذا انا مواطن سوبر) وفوق الجميع ويحق لي اباحة واغتصاب القوانين دون ادنى مساءلة ... وان تسعى لغرس وتعزيز مفهوم الاحترام لكل مواطن حتى ولو كان مذنبا مالم يبدي اية مقاومة وشراسة اثناء تطبيق القانون عليه وان تكون القوة التي تستخدم ضده بقدر السيطرة عليه لا أكثر.
اعتقد _ وهذا مجرد رأي _ أن اقدام رجال بحث جنائي الفيديو على هذا الاسلوب القاسي والغوغائي مرده عدم هظمهم وتفهمهم تعليمات الامن في التعامل مع البلطجية والزعران والمطلوبين الخطرين ... فاختلط عليهم الامر واصبحت طريقة تعاملهم مع الجميع كتعاملهم مع الزعران والبلطجية التي شددت التعليمات بضرورة استعمال الشدة معهم بلا هوادة ورحمة...
 
ثقتنا مازالت عالية بكافة منتسبي الامن العام مثمنين جهودهم وسهرهم وتضحياتهم لتنعم عين المواطن بنعمة الامن والامان... وماحدث نتمنى ان تكون حادثة عابرة _ وهي كذلك _ وان لا تتكرر مستقبلا ... وعملية ضبط النفس ضرورية في مثل هذه المواقف ... ومديرية الامن العام ( ما قصرت ) وكانت اجراءاتها فورية تشكر عليها وان دل على شئ فانما يدل على انزعاجها مما حدث وعدم قبولها له جملة وتفصيلا.
 
يمكنني القول من خلال ملاحظاتي ومشاهداتي اليومية وما يتم تداوله في الصالونات الاجتماعية ان الفجوة مازالت كبيرة بين المواطن وجهاز الامن العام بل على العكس فهي تتسع تدريجيا بسبب الممارسات الخاطئة واللامسؤولة لبعض رجال الامن العام ... فكيف تردم مديرية الامن العام هذه الفجوة وتعزيز علاقتها بالمواطن هنا مربط الفرس وهذا التحدي الكبير لها... وللحديث بقية