Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Jun-2017

هل تكون «طرابلس», هدف «حفتر».. التالي؟ - محمد خروب
 
الراي - تُواصِل أسهم الجنرال خليفة حفتر الارتفاع في الصراع الليبي المفتوح، الذي أجّجته التدخلات الخارجية وزادت من حدة استقطاب امراء الحرب الجدد، الذين برزوا بعد ان اخذ الاطالسة ليبيا الى الفوضى والانهيار التام، وبعد ان وجد بعض العرب الفرصة سانحة, لإبراز عضلاتهم السياسية (الضامرة أصلا) وراحوا يُغذّون هذا الصراع بالأموال والأسلحة, وانحازوا الى اطراف يتواءم خطابها مع سياساتهم المُتقلّبة, وكان ان وجَد تيار الاسلام السياسي بجناحيه الاسلاموي (الاخوان المسلمون) والتكفيري الجهادي, مساندة من دولة عربية خليجية, لم تتردّد في الوقوف الى جانبه واستضافة قادته والترويج لخطابه, وبخاصة بعد ان سيطر على العاصمة طرابلس واحكم قبضته عليها وتحالف مع ميليشيات تأتمر بأمره, مستندا الى شرعية زائفة تمثّلت في المجلس الوطني المنتهية ولايته بزعامة نوري بوسهمين وحكومة يرأسها خليفة الغويل, لا يعترف بها احد سوى تلك الدولة العربية الوحيدة, التي تواجِه الآن ازمة متدحرجة مع دول الجوار العربي الخليجي, التي تُحيط بها فضلاً عن مصر.
 
التطورات المُتلاحقة في الجماهيرية السابقة وبخاصة بعد النجاح الذي اصابه الجنرال حفتر بسيطرة قواته على منطقتي الجفرة وسبها وسط الجنوب الليبي, وتواجد جيشه «الوطني» في قاعدة الجفرة الجوية ذات الاهمية الاستراتيجية في تلك المنطقة، تزيد من ثقة حفتر بقدرته على مواصلة اجتياحاته وضمّ المزيد من المناطق,على نحو لم يعد يكفيه مثلا ان يقتحم مدينة سرت الساحلية كي يقترب من المدينة المُتمرِدة وهزيمة ميليشياتها القوية ونقصد هنا «مصراته»، في الوقت ذاته الذي يضع نصب عينيه القفز على طرابلس، كونها العاصمة والجائزة الكبرى التي ستسمح له – في حال سيطرته عليها – ان يعلن انتصاره والبروز كرجل ليبيا القوي الجديد, المرتبط بتحالفات عديدة, بعضها كما هي حاله مع الجارة الشرقية «مصر» التي تُسهم هي الاخرى في ضرب الجماعات الارهابية جواً, في درنة وغيرها من المناطق وبخاصة بعد الهجمات الارهابية التي استهدفت اطفالاً مصريين جلّهم من الاقباط في محافظة المنيا في صعيد مصر, فضلاً عمّا روّجته مصادر الميليشيات من ان الطيران المصري قصف قواعد في منطقة الجفرة ويستعد لضرب قواعد اخرى في منطقة مصراته.
 
الاخوان المسلمون الذين يبسطون هيمنتهم على المشهد في العاصمة طرابلس، رفعوا عقيرتهم بالشكوى وراحوا خاصة بعد سقوط الجفرة وقاعدتها المهمة في يد قوات حفتر, يناشدون الجزائر (...) بلعب دور «أكبر» في رفض ومنع التدخل العسكري «المصري» في ليبيا. جاء ذلك على لسان رئيس حزب العدالة والبناء (اخواني) محمد صوان، الذي انتقد ايضا المجتمع الدولي, مُعتبِرا اياه «مُصطَنعا مُضلِّلا» وهو – كما قال – مجرد تقاطع مصالح وولاءات، ولا يوجد معنى للمجتمع الدولي, مُدّللاً على ذلك بأنّ المجتمع الدولي يدعم اتفاق الصخيرات دون وجود ارادة لتنفيذه».
 
يؤشر هذا الى صعوبة الحال التي تعيشها اطراف تحالف طرابلس الاسلاموي، الذين بدأوا يشعرون بان الدائرة تضيق عليهم وان احتمالات هزيمتهم باتت واردة، اقلّه في ما خص تقلص او انتهاء الدعم الذي كانوا يتلقونه باستمرار من تلك الدولة العربية «الوحيدة» التي تُناصرهم, فضلا عن ان الضربات العسكرية الناجحة «حتى الآن» لقوات الجنرال حفتر, ستزيد من احتمالات محاصرتهم في معقلهم الاخير... طرابلس.
 
وإذ بات مُسلّماً به ان «درنة» لم تعد تشكل خطرا كبيرا على بنغازي او طبرق بعد الضربات الجوية المصرية، مترافقاً مع تراجع قوة داعش في تلك المناطق وبخاصة بعد تحرير سرت التي تخضع الآن للقوات المتحالفة او التابعة لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج، ناهيك عن الخلاف الذي تجدّد بين حفتر والسراج إثر قرار الاخير تقسيم ليبيا الى سبع مناطق عسكرية, ما استدعى رداً عنيفاً من قبل حفتر حيث وصف الناطق باسم جيشه احمد المسماري القرار بانه «ساقط عسكرياً واخلاقياً»، فاننا نكون امام مشهد ليبي جديد اكثر تعقيدا مما يظن كثيرون، لكن البارز فيه هو تقدّم حفتر عسكريا وقيامه بفرض حقائق ميدانية جديدة، وسط صمت دولي وخصوصا اوروبي واميركي عن التطورات الاخيرة, الامر الذي يدفع للاعتقاد ليس فقط بان احفاد المُستعمِرين القدامى والجدّد يكتفون بالمراقبة (اللهّم إلاّ ما خص إبداء اليقظة والصرامة, إزاء موجات الهجرة غير الشرعية التي تشكل ليبيا مصدرها الرئيس) كي يُصفّقوا او (يحتووا.. لا فرق) للفائز الاخير في الصراع.. وهو هنا قد يكون حفتر، بل انهم قد يكونوا اوكلوا المهمة لأطراف عربية, بعد ان باتت الازمة الليبية وصمة عار جديدة, تُضاف الى سلسلة الارتكابات الاجرامية التي مارسها الاوروبيون والاميركيون في المنطقة العربية, دون اي اهتمام او اكتراث بمصالح الشعوب او القانون الدولي او شرعة حقوق الانسان.
 
الاجتماع الثلاثي الذي استضافته الجزائر يوم امس, وضم وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر، وبما هي دول الجوار الليبي والاكثر تأثيرا وتأثراً في الازمة الليبية، قد يُسهم في ترطيب الأمور لا أكثر من ذلك. إلاّ أن الدول الثلاث ستكون مُلزَمة بمراقبة ما يحدث ميدانياً, لان الميادين هي التي ستحسِم, رغم وجاهة ونبل أهداف هذا اللقاء الذي تكرّر, دون نتائج ملموسة. حيث يقول الجزائريون: ان هدف الاجتماع الثلاثي هو «وضع الاطراف الليبية على درب التسوية النهائية التي تضرب هذا البلد الشقيق والجار».. ولا يبدو أن «درباً» كهذا سيكون مُتاحاً, أقلّه في المديين القريب والمتوسط.
 
kharroub@jpf.com.jo