Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2017

طلب الرّزق.. عملٌ بالفألِ والأمل (2/2) - محمد عبدالجبار الزبن
 
الراي - وإذا أردنا أنْ ندلُف إلى الذي يجب أن نحرص عليه في الأسرة، لجلب الرزق واللقمة الهنيّة، وعلى حين سعادة أفرادها، فلننعم بطلب الرزق داخل البيت، ولْنُجدّ بالطلب، فتحصيله خارج البيت بأنواعه، لا يُغني أنْ نهمله داخل البيت - أيضًا بأنواعه- وذلك لتستقيم حياتنا ونسعد بها.
 
أولًا: الطاولة المستديرة: إنّ اللمّة السعيدة في البيت وما ينتج عنها من تقارب للقلوب والأفئدة، يجعلنا نعيش حديقةً جنّاء، وأجمل ما في الدنيا أن نبتسم لبعضنا البعض، فذلك رزق يسوقه الله إلينا. ففي عام 1996م خرجت في روما مظاهرات تنادي بمنع دخول الوجبات السريعة إلى المدينة. والسبب، يقولون: إننا لا نرى أنفسنا ولا نجتمع مع الأسرة في البيت إلا وقت الغداء، فإذا تناول الموظف وجبة الغداء في العمل، فإننا لن نجتمع. أنظر أخي الكريم، كيف أنّ الشعوب مهما تتطورت فلن تستغنيَ عن جلسة هادئة في البيت السعيد، على طاولةٍ تجمعهم تحت سقف واحدٍ.
 
ثانيًا: أخذ المراكز حسب الأقدمية والأهميّة: الأبُ الحاني والأمّ الحنون والابن البارّ والبنت المطيعة، والصغير يحترم الكبير، والكلّ يسعى جاهدًا لسعادة الآخر، كلّ ذلك يشكّل منظومةً أسريّةً لا يمكن أنْ نشكلها من غير التفاهم والتعب لأجلها من جميع الأفراد في الأسرة. وأن يأخذ كلّ منا دورَه في الحياة، وأن يعرف ما الذي عليه قبل أن يعرف ما الذي له.
 
ثالثًا: إعطاء كلّ ذي حقّ حقه: إنه الرزق العظيم، أنْ نحكّم عقولَنا وأن نحْكُمَ عواطفنا، وليس العكس صحيحًا. فالعقل عنوان الكرامة التي تميزنا عن كثيرٍ ممن خلق اللهُ تعالى. وإعمالُ العقل أكبر نعمة على وجه الأرض، وتنمية القدرات الذهنية ندفع أموالًا في الجامعات لأجل أن يتخرّج أبناؤنا في تخصصاتٍ تنفعهم. وبعد كلّ ذلك نتفاجأ حينما نرى تنافرًا أو تنازعًا على أتفه الأمور، ولكن بتحكيم نعمة العقل نجد الحلول الناجحة ونتفيأ ظلال أسرةٍ سعيدة متحابّة.
 
رابعًا: نبذ الخلاف الأسري: نجدُ بعضَ الناسِ، يستنكر الخلاف الشرعي عند بعض الفقهاء، علمًا أنّ أوجه الوفاق بينهم أكبر وأكثر، كما أننا نستهجن آراء الأطباء والخبراء وأصحاب المهن وغيرهم، عند صدور الخلاف بينهم في الحكم على أمرٍ ماديّ أو معنويّ. نعم.. لكننا لا ننتبه إلا الخلاف الذي ينشبُ كلّ يومٍ بين أفراد الأسرة الواحدة، حتى إننا لا نرى أخًا يصطحبُ أخاه إلى نزهةٍ أو ما يشبهها.
 
وأخيرًا: نريد أن ننبه على أمرٍ جميلٍ:
 
يقول النبيّ صلى الله عليه وسلّم: (مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد). وهذا الحديث يحفظه عامّة المسلمين وغير المسلمين ممن جاورهم وعاشرهم. ولكن.. ينسى البعضُ منا، أمرين هما:
 
1) ينسون أنّ أفراد الأسرة معنيين بهذا الحديث قبل غيره، فهم يتحابّون ويتوادّون خارج الأسرة على منوالٍ مؤتلف، وأما في الأسرة فعلى منوال مختلف. فلا تراحم ولا تحابّ. والسؤال: لماذا لا ننتبه إلى تعاليم النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فهي أوامر لا بدّ منها. فلتنعُم أُسرتُنا بحبّ ووئام ليشكل عندنا مجتمعًا بحبّ ووئام.
 
2) الحبّ هو أمرٌ قلبيّ أما المودة التي أشار إليها في الحديث الشريف فهي أمرٌ حسّيّ نعبّر فيه عن حبّنا تجاه الآخرين. إذًا.. فالمودة أمر يجب أن يراه منا الآخرين كتطبيقٍ عمليّ وليس فقط أمرٌ كلاميّ. وهنا المحبّة بين أفراد الأسرة يجب أن تتبلور عن تفاعلٍ وأعمالٍ نراها على الأسرة. والأسرة لبنة المجتمع فنرى مجتمعًا متحابّا متماسكًا.
 
إنّ طلبَ الرزق أمر لا تقوم الحياة بدونه، وله أسس تكلمنا عن بعضها، ويبقى الدور التكامليّ بين أهل الجوار والأقارب في سدّ النقص من هنا أو العوز من هناك، على كلّ واحدٍ منا دورٌ تجاه الآخرين، في هبّةٍ مجتمعيّةٍ، لأنّ المجتمع أسرةٌ كبيرة، وطلب الرزق الكبير من الله الكبير ينزل البركات على المجتمع الآمن المؤمن.
 
فهل نزداد قربًا من أنفسنا فتجتمع قلوبنا ونهنأَ بحياةٍ أسريّة فيقِلُّ في مجتمعنا ظواهر لا ينبغي حصولها، مثل: (ظاهرة الطلاق). وهي التي سنعرّج عليها في الأسبوع القادم. بإذن الله الرزّاق.
 
agaweed2007@yahoo.com