Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Oct-2018

عودة القرصان مورجان* رشيد حسن
الدستور - 
في الادبيات السياسية الاميركية، استعراض واف لنشأة الامبراطورية الاميركية، ودور «اللصوص النبلاء» كما يطلق عليهم المؤرخون الاميركيون، في نشأة هذه الامبراطورية وتطورها اللافت، حتى أصبحت الامبراطورية الأقوى في التاريخ وفي كافة المجالات، فهي الاقوى عسكريا واقتصاديا، والاكثر ثراء وتقدما.. علميا وتكنولوجيا، ولها قواعد عسكرية في اكثر من «147» بلدا كما يقول المفكر الاميركي نعوم تشومسكي، ومن الارجح ان تبقى سيدة العالم.. تحكمه بالسيف والدولار الى وقت غير منظور.
لا نريد أن نخوض كثيرا في هذا الموضوع الكبير، والمتشعب جدا.. ولكن يهمنا في هذا الصدد، الاشارة الى ظاهرة في التاريخ الاميركي، بدت تكرر نفسها.. اسمها القرصان مورجان.. وهو الأشهر بين اقرانه وفي عصره، اذ استطاع ان يجمع ثروة هائلة ، طائلة.. ليس لها مثيل، من خلال استيلائه على سفن وقوارب القراصنة الصغار، اذ كان ينتظرهم على السواحل الاميركية، وما ان يتجمعوا عائدين من غزواتهم، يقوم بمهاجمتهم والاستيلاء على سفنهم وقواربهم المحملة بالاموال المسروقة من الاخرين..
طريقة القرصان مورجان في النهب والسلب والابتزاز، ذكرتنا بما يفعله الرئيس «ترامب»...فهو الاقرب في تصرفاته واسلوبه في الابتزاز للدول الاوروبية والعربية الغنية للقرصان « مورجان»..وأصبح صورة مكررة لذاك المغامر المقامر..
«فترامب» هذا لم يعد يستحي، أو يخجل من مطالبة الدول العربية النفطية بمليارات الدولارات لقاء حماية هذه الدول..كما يدعي..!!
ومن الملاحظ في هذا الصدد، انه أخذ يركز في كافة خطاباته الاخيرة في الولايات الاميركية، لكسب التأييد للحزب الجمهوري.. اخذ يركز على ابتزاز الدول العربية النفطية، داعيا هذه الدول، وبكل وقاحة وفظاظة الى دفع تكاليف الحماية الاميركية لدولهم –كما يقول ويتبجح- مبررا ذلك بان دولا كاليابان وكوريا الجنوبية تدفع لواشنطن اموالا باهظة، لقاء بقاء القواعد الاميركية في اراضيها / ما يوفر لها الحماية والامن والاستقرار..
والجير بالذكر ان «ترامب» كان قد طالب دول حلف الناتو مؤخرا، خلال حضوره اجتماع لهذه الدول، برفع مساهماتها في موازنة الحلف، وكان يقصد بالذات المانيا وفرنسا، محذرا هذه الدول بانها اذا لم ترفع مساهماتها في موازنة الحلف، فان واشنطن لن تقوم بتمويله..
 وللعلم فان حلف «الناتو» اقيم بعد الحرب الكونية الثانية، لحماية دول اوروبا الغربية، من الخطر الشيوعي الذي كان يتهددها.
« ترامب» في هذا السلوك المستهجن.. المستغرب.. يؤكد بانه نسخة طبق الاصل عن سلفه القرصان الاشهر « مورجان».. ويكشف ان موقف واشنطن من هذه الدول، هو كموقف «مورجان» من صغار القراصنة، فاميركا لا تدافع عن هذه الدول حبا وغراما فيها، او لايمانها بحق هذه الدول بالحرية والاستقلال والعيش بامان،بل تدافع عنها لانها مستفيدة من ثرواتها الهائلة وخاصة النفط، ومستفيدة من موقعها الاستراتيجي، والذي يجعلها قريبة تهدد الاتحاد السوفيتي سابقا وروسيا الاتحادية اليوم..
«ترامب»..وهو يبتز هذه الدول، وباسلوب رخيص هو اقرب الى الردح والفضائح، فانه يكشف عن طبيعة النظام الاميركي، فاميركا ليست صديقا ولا حليفا للدول العربية ، ولا تتعامل معها معاملة الند، وانما تعتبرها مجرد دول تابعة، تدور في فلكها، وتمتثل لاوامرها في تحقيق الاهداف الاميركية في بسط النفوذ والسيطرة على كافة دول العالم.
وهنا نسأل ؟؟
لماذا يطالب القرصان «ترامب « الدول العربية ودولا اوروبية بدفع مبالغ خيالية، بمئات المليارات من الدولارات،بحجة حماية هذه الدول.. ولا يطلب ذلك من اسرائيل في الوقت الذي تؤكد فيه الاحداث والوقائع والارقام ان الدعم الاميركي اللامحدود، بدءا من تدفق الاف المليارات من الدولارات، ومن الاسلحة الاحدث في العالم، هو الذي اسهم ويسهم في بقاء هذا السرطان الذي ينخر الجسم العربي، ووصل حتى العظم؟؟..وبات يهدد السلم العالمي..
أليست مفارقة..
ان يطلب القرصان « ترامب» الاف المليارات من الدولارات من الدول العربية بحجة حمايتها في الوقت الذي تتدفق فيه الاف المليارات على العدو الصهيوني لاقامة المستوطنات وتهويد القدس والاقصى ؟؟
باختصار..
ترامب كشف الوجه الحقيقي لاميركا، التي قامت على جماجم الهنود الاحمر، وشيدت اعظم امبراطوريات الارض على نهب وسرقة ثروات الشعوب، واستعملت الاسلحة النووية لارهاب العالم وجره الى الاذعان والعبودية... وادلجة القوة..
ومن هنا فليس سرا ان حبها للعدو الصهيوني ينبع من عقيدة واحدة، قائمة على ابادة الاخرين وتشيد دولاعلى جماجمهم.   
اميركا لن تكون صديقا للعرب ولا حليفا لهم، فهي صديقة وحليفة ومخلصة لمصالحها أولا..وللعدو الصهيوني ثانيًا.. وسوى ذلك أوهام.. أوهام.