Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Mar-2018

سر «حرب الجواسيس» بين لندن وموسكو !! - محمد كعوش

 الراي - في قلب المشهد الدموي العربي المتواصل أرى الدور الروسي المهم ، ولكن روسيا اليوم تخوض حربا سياسية كبرى على جبهة اخرى ساحتها بريطانيا ، حيث نراها غارقة في ازمة الجاسوس المزدوج سيرجي سكريبال التي أعادتنا الى اجواء الحرب الباردة ، التي اعتقد البعض انها انتهت بسقوط جدار برلين.

هذه الأزمة استوقفتني طويلا بسبب تشعباتها التي تثير الكثير من الأسئلة والشكوك ، خصوصا من حيث التوقيت ، لأنها بلغت ذروتها عشية الأنتخابات في روسيا ، التي جرت أمس ، ربما كان الهدف هو اثارة الغبار حول سياسة ونهج بوتين ، واشعار الناخب الروسي بأن بوتين يسعى الى جر روسيا لصدام مع الغرب ، خصوصا أن هذه الأزمة جاءت بعد اعلان بوتين عن مخزون ترسانة روسيا من الأسلحة الأستراتيجية الجديدة ، ملوحا بالرد على اي استقزاز أو اعتداء تتعرض له بلاده أو اي من حلفائها.
واللافت ان فرنسا سارعت الى اعلان موقفها الى جانب بريطانيا وتبعتها ألمانيا ، وهذه الدول الأوروبية تتجاهل مصالحها ، وتصر على التبعية للولايات المتحدة التي اعلنت فورا مساندتها لبريطانيا. لقد نجحت الحكومة البريطانية في تحويل هذه الحادث من قضية امنية الى قضية سياسية في مرحلة متوترة وخطرة ، فالغت زيارت لافروف لبريطانيا ، واعلنت المقاطعة الرسمية للألعاب الأولمبية سوتشي ، وطردت 23دبلوماسيا روسيا من لندن ، وما زالت الأزمة تتفاعل وتتصاعد نحو الأسوأ.
هذه المواجهة الجديدة بين لندن وموسكو أعادت العالم الى اجواء الحرب الباردة عندما كانت في اوجها ، وذكرتنا بقضية الجاسوس البريطاني كيم فيلبي ورفاقه « خماسي كامبريدج « الذين درسوا معا في الجامعة البريطانية المعروفة ، وتحولوا الى جواسيس يعملون في خدمة الأتحاد السوفياتي ، وهم الى جانب فيلبي ، جاي بورغيس وودونالد ماكلين وانطوني بلينت ، اما الخامس فظل مجهولا.
المعروف أن فيلبي فر من بيروت على متن سفينة شحن الى ميناء اوديسا واستقر في موسكو بعدما انكشف امره في العام 1963 وعاش في العاصمة الروسية حتى وفاته في العام 1988 ، وفيلبي اعتبر أخطر واكثر من جاسوس ، لأنه كان يعتنق الشيوعية املا في التغيير داخل بلاده ، وهو صاحب العبارة التي وردت في رسالة له يقول فيها متسائلا: « هل سنحيا بما فيه الكفاية لنرى العلم الأحمر يرفرف فوق قصر باكنجهام « !!
هكذا نرى أن التاريخ الروسي البريطاني مزدحم بالنشاط التجسسي ، فهناك قضية جاسوسية اخرى اثارت زوبعة سياسية بين روسيا وبريطانيا وظلت عالقة بين بوتين وتيريزا ماي ، وهي عملية اغتيال الجاسوس المزدوج الكسندر ليفتينينكو الذي توفي نتيجة تعرضه لمادة البلوتونيوم المشعة في العاصمة البريطانية عام 2006 ، وهذا الجاسوس تمكن من الهرب الى لندن عام 2000 وكان يعمل برتبة مقدم في الأستخبارات الروسية « اف. اس. بي « حيث خدم تحت قيادة بوتين ، وهو الجهاز الذي ورث « كي. جي. بي» وظهر في التحقيق ، حسب المصادر البريطانية ، أن احدهم دس له المادة المشعة في كوب من الشاي تناوله في فندق بلندن في لقاء مع عميلين روسيين سابقين هما اندريه لوغوفوي وديمتري كوفتون.
قالت زوجة الجاسوس الكسندر أنه ابلغها قبل وفاته بأن بوتين شخصيا وراء اغتياله ،وحاولت الحكومة البريطانية في ذلك الوقت تسييس العملية وتحويلها لأزمة سياسية ، ولكن لم تكن الأجواء محتقنة ومزدحمة بالتطورات المتسارعة مع كثرة التغيير في التحالفات ، كما هي الحال اليوم في عهد الادارة الأميركية الجديدة المتوترة أن لم نقل الموتورة.
في النهاية استوقفني أمر مهم ، قد يكون صدفة ، فقد لفت انتباهي أنه عندما تم اغتيال الكسندر ليفتينينكو في لندن عام 2006 رفضت الحكومة البريطانية اجراء تحقيق علني في القضية ، الا أن رئيسة الوزراء الحالية تيريزا ماي كانت وزيرة للداخلية عندما سمحت وزارتها باجراء التحقيق العلني في العام 2014 حيث صدر التقرير الذي ادان روسيا بقتل الجاسوس ، حيث جرى تسييس العملية ، ولكن روسيا ردت بأن « التحقيق مسيس وغير شفاف « وهو الرد الذي تكرره موسكو اليوم .