Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2021

حكاية وطن ومنجز أدبي فخيم

 الدستور-الدكتور عمر الربيحات

 
حاله حال الأردنيين الكادحين، الحالمين بوظيفة تؤمّن عيشاً كريماً لا غير، لكنّه دوماً لا يقف على حدود الحلم، طامحا أبداً إلى ريادة الحياة ومعاركتها منذ أن شقّت يديه حجارةُ الكسّارة، مروراً بمهن مختلفة، مرة تناسبت مع سنّه الصغيرة، ومرات أخرى تجاوزت حدود المعقول، قاطعاً أشواطاً من المعاناة والمكابدة، مشوقاً بالتنقل والترحال في ربوع الوطن شرقه وغربه، شماله وجنوبه؛ لنحيا معه تجربة الإنسان الأردني البسيط، وفي الوقت ذاته الطموح القوي العنيد، الذي تتعشّقه طراً، ما أن تقرأ أول صفحة في مسيرة كفاحه، آمن دوماً أنَّ فيه القوة والعطاء، والقدرة على المساهمة في بناء الوطن ووضع لبنة في مدماكه المنيع.
 
بدأ المشروع في حديث الذكريات وسيرة الوزير، الذي لم ينسَ الطين الأردني الذي جُـبِلَ منه، فأخذَنا في سردية أدبية ماتعة، يطوف بنا رحلة الزمان والمكان ماضياً وحاضراً، جائِباً فيافي المساحات الزمكانية، طفولةً ومراهقةً وشباباً، وتجربة ناضجةً في عوالم الصحافة والسياسة والأدب، مخترقاً جدران ذاكرتنا الوطنية، ومعبراً عن وجدان كلّ من يقرأ سيرة الوطن.
 
إنَّـها تجربة الأجيال التي تصلح أن تكون نبراس هدىً لطموح الشباب، تجربة الأديب والكاتب والسياسي الذي طوّع اللغة، وعجن معاني الوجد الإنساني بلغة بسيطة قريبة إلى القلب، بعيدة عن التكلف والانزياح البلاغي، يعيدك إلى ملاعب الصبا وعواطف المراهقين العاشقين، ومغامرات السياسي الحزبي الطموح، يأخذ من لباب عقلك استرجاع الزمن لجيل البناء وتحمل المسؤولية، جاعلاً من المكان بؤرة السرد التي تثير فيك حنين الذكريات لطفولتك وشبابك وكهولتك.
 
ما أن تقرأ السطر الأول من المسيرة حتى يأسرك سِـرُّ المتابعة والشوق إلى المزيد، فلا تستطع فكاكاً من قيود اللذة والإمتاع المغشّى بعمق التجربة.
 
لا أبالغ إنْ قلتُ إنَّ تجربة محمد الداودية «من الكسّارة إلى الوزارة» حكاية وطن عشناها ونعيشها واقعاً، رغم كلّ تقلبات الأحداث وعواثر الزمن، إنَّها منجز أدبي فخيم.